فى السياق التحليلى يجب أن يتم توصيف الواقع توصيفا علميا وموضوعيا وواقعيا، حتى يمكن أن توضع الخطط وتحدد طبيعة المواجهات بناء على الإمكانات المباشرة والإسنادات غير المباشرة لإمكانية المواجهة الصحيحة التى تأتى بنتائج إيجابية.
وردا على خطط ترامب الدراماتيكية بتهجير أهل غزة إلى مصر والأردن لتحويلها إلى منتجع ترامبى دولى، قامت مصر بوضع خطة لإعمار غزة دون تهجير أهلها. وتم عرض الخطة على مؤتمر القمة العربى الطارئ الذى عقد فى القاهرة ٤ مارس الجارى. وتوصيفا للواقع: تمت القمة فى إطار شكلى باهت غاب عنها أمراء الخليج عدا البحرين (التى ترأس القمة العادية). كما غاب قادة دول المغرب العربي، بما يعنى أن القمة قد تحولت إلى قمم محورية ثلاثية أو خماسية على أكبر تقدير. وهذه صورة لم تنبئ بالخير، فى الوقت الذى تمت فيه الموافقة على تلك الخطة التى لا تخرج حتى الآن وبعد الآن عن مجرد اقتراح قابل للأخذ والرد والتغيير والتبديل، ارتباطا وخضوعا للموافقة الفعلية والنهائية للممولين العرب والممولين من الدول الإسلامية وباقى دول العالم الذى يقتنع بالخطة والفكرة والهدف. مع العلم أن مصر اعلنت عن عقد مؤتمر دولى للمانحين فى شهر أبريل القادم.
والأهم هو انتظار تلك المفاوضات والمساومات مع ترامب والكيان الصهيونى على طريقة الموافقة، وكيفية الحوار حول قضايا خلافية لدرجة التناقض مثل نزع سلاح حماس وطرد قياداتها خارج غزة، فى الوقت الذى رفضت فيه حماس ذلك مع الموافقة على عدم المشاركة فى حكم غزة فى اليوم التالى.
أيضا موضوع دور السلطة الفلسطينية المرفوض من جانب نتنياهو ، أما ترامب وحتى الآن لم يلغى مشروعه بل يقوم الآن بدراسة اقتراح مصر، فى الوقت الذى أعلن فيه الصورة المتصورة لديه الذى يؤكد على تنفيذها (الذكاء الاصطناعي). كما أنه لا يمكن لأحد تجاهل الوضع المتأزم بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وإصرار نتنياهو وبتشجيع من ترامب على تسليم كل الأسرى أحياء وأمواتا وألا يستأنف القتال مرة أخرى!! هنا نسأل: لماذا لم يحضر المتغيبون من الرؤساء والأمراء؟ وهل الموافقة على ماتم فى القمة هى موافقة على شعارات وتصريحات لا جديد فيها مثل: رفض التهجير، وإقامة الدولة الفلسطينية حسب القوانين الدولية .. الخ
أما إعمار غزة فلا مانع، فهو لايزال شعارا أو اقتراحا قابلا للتنفيذ وقابلا لعدم التنفيذ، لأنهم يعلمون العقبات والمعوقات أمام هذا الإعمار وأهمها التمويل الذى لم يناقش جديا لا فى مؤتمر الرياض غير الرسمى ولا فى مؤتمر القاهرة. هنا بكل وضوح مؤتمر القمة لايمثل سوى خطوة لا هى ثابتة ولا متحركة. لابد من البناء بعدها على المستوى العربى وهو أهم المستويات. فحتى الآن الموقف العربى مناخه مشوب بالغيوم، والفلسطينيون لم يحددوا موقفا واضحا من العلاقة الفضيحة بين فتح وحماس. كما أن الصراعات الذاتية بين الفصائل كانت وستكون هى المبرر لإسقاط أى حل أو إيجاد أى أمل فى دولة فلسطينية.
أما موقف الدول الإسلامية فمن هذا لذاك ياقلب لا تحزن، أما الكيان وامريكا فبغير اظهار مواقف وتفعيل أوراق واستغلال إمكانات فلا تغيير فى مواقفهم وتنفيذ أهدافهم التى ستصيب الجميع بغير استثناء. فإذا كانت بعض الأنظمة تختصر قضايا شعوبها فى تحقيق مصالح الأنظمة، فالأضرار الواقعة على الشعوب لا تستطيع تلك الأنظمة تحمل تلك النتائج هى ولا من تحتمى بهم تلك الأنظمة. أما مصر فهذا قدرها وهذا قدر شعبها، ومصر وشعبها وجيشها قادرون بإذن الله وإرادة جماهيرها للتصدى لأى إخطار تهدد سلامتها. فلتعلم الأنظمة والكيان وأمريكا بأن إرادة الشعوب من إرادة الله . حمى الله مصر وشعبها وجيشها العظيم.
---------------------------
بقلم: جمال أسعد