فكرت كثيرا ماذا أكتب وقد أهلنا شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقيام والقرآن وشهر تزكية النفس وصيانتها وإعادة ضبطها لما خلقت له... قلت لنفسى ولم الحيرة وشهر رمضان شهر تزكية الأخلاق، كالحلم والقناعة والأمانة والحب والكرم والبر والكلمة الطيبة.. إذن سأكتب عن الأخلاق التى قال أمير الشعراء أحمد بك شوقى عنها:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت..
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه..
فقوم النفس بالأخلاق تستقم.
وفي قصيدة أخرى يقول:
إذا أصيب القوم فى أخلاقهم..
فأقم عليهم مأتما وعويلا
والأخلاق فى اللغة هى جمع الخلق، والخلق يطلق على الطبع والسجية والمروءة والدين، والخلق هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الأدب ويسمى خلقا لأنه يصير كالخلقة فيه، والأخلاق زينة الإنسان وهى من تصنع له قيمة ولا بد أن يتحلى بها الإنسان لتجمله من الداخل وليراه الناس بأحسن صورة
ويرى بعض الحكماء: أن الأخلاق نبتة جذورها فى السماء، أما أزهارها وثمارها فتعطر الأرض، والخلوق من إذا مدحته خجل وإذا هجرته سكت، وحسن الخلق أحد مراكب النجاة..
ويرى مولانا جلال الدين الرومي: الأدب والأخلاق ثوب الروح فكيف يستطيع الإنسان أن يتخلى عن أناقته..
ويقول الشاعر العراقى معروف الرصافي:
هى الأخلاق تنبت كالنبات
إذا سقيت بماء المكرمات
ويقول شاعر النيل حافظ إبراهيم:
فإذا رزقت خليقة محمودة / فقد اصطفاك مقسم الأرزاق
فالناس هذا حظه مال وذا علم وذاك مكارم الاخلاق
ويقول أبو الأسود الدؤلى:
لاتنه عن خلق وتأتى مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
ويقول صفى الدين الحلى:
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا
أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
ويقول الامام الشافعى رضى الله عنه:
إن شئت أن تحيا سليما من الأذى
ودينك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امريء
فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت لك معايبا
فصنها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدي
ودافع ولكن بالتي هى أحسن
ويقول الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه عن الأخلاق:
إن الله جعل مكارم الأخلاق ومحاسنها وصلا بيننا وبينه، ليس الفقير من فقد الذهب، إنما الفقير من فقد الأخلاق والأدب، من تعطر بالأخلاق لن يجف عطره حتى الممات، فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء، والخلق أشكال فكل يعمل على شاكلته.
وخير من كل ذلك ما قاله خير خلق الله كلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
إن من أحبكم إلي وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا
صدق الحبيب المصطفى من قالت عنه أم المؤمنين السيدة عائشة: كان خلقه القرآن
ومن غير رسول الله الذى استحق أن يمدحه رب العزة والجلال بقوله (وإنك لعلى خلق عظيم) "٤ القلم"
اللهم بارك لنا فى رمضان ووفقنا لصيامه ومتعنا بقيامه وارزقنا من الأخلاق أحسنها وأطيبها.
----------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج