تعيش مصر والمنطقة العربية بل والعالم أجمع ظروفا وتحديات سياسية سيكون بعدها غير ما كان قبلها، وفى قلب هذه الأحداث وتلك التحديات ما آلت إليه القضية الفلسطينية بعد أحداث ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ وما كان من نتائج كارثية سيظل يعانى منها أهل غزة لسنوات، ناهيك عن تلك التغيرات والقرارات الدراماتيكية الترامبية التى تريد تهجيرا قسريا أو طوعيا من غزة كفعل عملى لإنهاء القضية وتسليم المنطقة للدولة الصهيونية على طبق من ذهب!!، مما جعل مصر والعالم العربى يعلنون حالة استنفار سياسى تمثل فى رفض هذا التهجير والتمسك بقيام الدولة الفلسطينية على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، حسب القوانين والقرارات الدولية (التى أصبحت حبرا على ورق!) . وتمخض الأمر عن عقد قمة عربية طارئة فى القاهرة فى ٤ مارس القادم.
هنا من الطبيعى أن تنتابنا عدة أمور فى ظل هذه الظروف وتلك التحديات، لاشك أن المقاومة هى حق مشروع على المستوى الانسانى قبل القانونى لأى شعب يريد أن يسترد حقوقه المنهوبة وأرضه المسلوبة. كما أن التاريخ يؤكد انتصار المقاومة على كل صنوف الاستعمار قديما وحديثا، حيث أن الأرض دائما تكون مع المقاوم أيا كانت إمكاناته. كما أنه إذا كانت استراتيجية المقاومة هى رد الحقوق فلابد أن يتبع ذلك خطط تكتيكية تسير فى طريق تحقيق تلك الاستراتيجية عن طريق تسجيل النقاط لصالح المقاومة. هنا لابد من التقييم الموضوعى لكل مرحلة زمنية لرصد السلبيات والايجابيات، حتى الوصول إلى تحقيق الأهداف. وهذا يعنى أن المقاومة ليست عملا أبديا يحمل سمات معينة أو مسميات بذاتها أو التمسك بخطط يكون الواقع قد تجاوزها، خاصة لو ارتبطت هذه المقاومة بتحقيق أهداف تنظيمية خاصة أو اغراض ذاتية أو تصفية حسابات سياسية. هنا من الطبيعى أن نذكر بذلك الصراع المخزى الذى لاعلاقة له بالمقاومة أو التحرير بين حماس وفتح!!
هنا، هل وضعت وستضع القمة العربية فى حسبانها الوضع الفلسطيني هذا فى الحسبان؟ هل ستضع القمة ذلك الموقف الأمريكى المتعنت والمنحاز كاملا مع الكيان؟ وما هو الوضع العربى وإمكاناته واوراقه السياسية التى يستطيع أن يلعب بها؟ وما هى الإمكانات الاقتصادية التى ستقدم فى إطار التعمير حسب الخطة المصرية مع عدم التهجير؟ هنا وهو الأهم من الواضح أن هناك إصرار على عدم إشراك حماس فى اى عملية سياسية فى غزة فى اليوم التالي، بل يريدون تسليم السلاح وخروج حماس !! هل ستتم الموافقة على ذلك؟ واذا كان عدم الموافقة، كيف سيتم التوافق مع اسرائيل وامريكا على خطة التعمير فى الوقت الذى لايزال نتنياهو يهدد بتعسر تنفيذ المراحل، بل التهديد بعودة الحرب؟ بل من الطبيعى أن الأمر الآن يعنى أن يكون هناك حل شامل وليس جزئيا. بمعنى أن يتم وقف الحرب وانسحاب اسرائيل وترتيب اليوم الثانى (وهنا المشكلة الأساسية) حيث أن هناك اقتراحا بان تشرف مصر وتقوم بحكم غزة لمدة ثماني سنوات. فلا تعمير ولا تهجير بغير حالة تسمى (بالسلام والتطبيع الكامل وتحديد شكل تلك الدولة الفلسطينية حسب المقاس الاسرائيلى). نعم التساؤلات كثيرة والمعوقات كبيرة والتحديات متصاعدة، ولذا فقرارات القمة ستكون مفصلية وتاريخية وغير تقليدية، وهذا يجعل القرار لابد أن يؤخذ فى إطار توصيف الواقع الفلسطينى والعربى والإسلامى والاسرائيلى والامريكى والدولي بعملية وواقعية حتى يمكن أن يكون له التأثير المطلوب والمأمول. نعم التحديات كثيرة ولكنها يجب أن تكون حافزا لتماسك عربى قوى دفاعا عن أرض وتاريخ وكرامة، فهل يمكن أن نشارك ونؤثر إيجابيا فى صنع ذاك المستقبل القادم الذى سيغير الكثير ؟ ام أننا سنظل مفعولا بنا؟ نحن نملك الإرادة الشعبية والإمكانات الاقتصادية والمكانة الجغرافية، فهل سنرى إرادة الأنظمة السياسية تتوافق مع خطورة القضية وفداحة التحديات؟ هذا هو المطلوب والمنتظر . حمى الله مصر وشعبها العظيم وجيشها الوطنى.
--------------------------
بقلم: جمال أسعد