04 - 05 - 2025

هل تلبى قمة الرابع من مارس طموحات الشعوب العربية؟

هل تلبى قمة الرابع من مارس طموحات الشعوب العربية؟

“بقيتم وحدكم لمصيركم المحتوم، لن تنفعكم دولكم العربية، فهي حليفة لنا تمدنا بالمال والنفط والسلاح، أما أنتم فيبعثون لكم الأكفان”.

هذا هو نص آخر المنشورات التى ألقاها جيش الاحتلال على سكان غزة.. وبالطبع الهدف معروف ومفهوم، الهدف هو شق الصف العربى قبيل القمة العربية المزمع عقدها في الرابع من مارس القادم، والتى من المرجح أن تكون من أهم وأقوى القمم العربية بعد قمة الخرطوم التى عقدت فى أغسطس 1967، فى أعقاب نكسة يونيو واحتلال القوات الإسرائيلية الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء. وحضرتها كافة الدول العربية باستثناء سوريا التي دعت إلى حرب تحرير شعبية ضد إسرائيل.

وقد اشتهرت قمة الخرطوم بقمة (اللاءات الثلاث)  تعبيرا عن الرفض العربى فى ذلك الوقت للصلح مع إسرائيل أو الاعتراف بها أو التفاوض معها (لا صلح ، لا تفاوض ، لا اعتراف بإسرائيل).

ما أشبه اليوم بالبارحة

تعقد قمة القاهرة الطارئة المقررة فى الرابع من مارس - بعد أن كانت مقررة فى 27 فبراير وتم تأجيلها لاستكمال التحضيرات الموضوعية واللوجستية - فى أجواء مشابهة لقمة الخرطوم حيث مثلت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة انتكاسة كبيرة للأمة العربية التى وقفت مكتوفة الأيدى أمام ما يحدث من دمار وإبادة لسكان غزة المدنيين، وأمام العدوان الإسرائيلي على مدن الضفة الغربية وتكرار مشاهد القتل والإبادة فى جنين ونابلس وطولكرم، وأمام الاجتياح الإسرائيلي للأراضي العربية فى لبنان وسوريا، حيث يسيطر جيش الاحتلال على 5 مواقع استراتيجية فى جنوب لبنان على طول الحدود، تحت ذريعة منع عودة حزب الله للمناطق الحدودية، كما احتل عدة مواقع على طول الحدود مع سوريا فى اليوم التالى لسقوط بشار الأسد، تحت مزاعم أطلقها رئيس الحكومة نتنياهو بأن "هذا الإجراء مؤقت وذو طبيعة دفاعية يهدف إلى كبح التهديدات المحتملة لإسرائيل" لكنه فى الوقت نفسه يؤكد أن القوات ستبقى هناك حتى تحصل إسرائيل على ضمانات أمنية على الحدود..

وبالطبع باقى القصة معروفة، هذه الضمانات الأمنية لن تتحقق وستتحول السيطرة المؤقتة بمرور الوقت إلى احتلال دائم لتزيد الرقعة الجغرافية للكيان الإسرائيلي وفقا للمخطط الذى يعملون عليه ليل نهار دون كلل.

أما اللاءات الثلاث التى من المتوقع أن تكون مطروحة على الطاولة فى قمة الرابع من مارس فهى:

- لا لتهجير الفلسطينيين من غزة

- لا لضم المزيد من الأراضي فى الضفة الغربية

- لا لاستمرار احتلال الأراضى فى الجنوب اللبنانى وسوريا..

ورغم بعد المسافة الزمنية واختلاف وتراجع الطموحات العربية بين لاءات قمة الخرطوم التى ترفض وجود الكيان الإسرائيلي بالأساس فى المنطقة، ولاءات القمة المرتقبة فى القاهرة، التى ترفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتضع خطة بديلة لخطة ترامب الاستعمارية، إلا أن الآمال مازالت معقودة على موقف عربى قوى وموحد فى وجه الغطرسة الصهيوأمريكية.

لا للشجب والتنديد

على مدار سنوات طويلة لم تخرج بيانات القمم العربية سواء العادية أو الطارئة عن الشجب والتنديد والمطالبات الشفهية من الكيان الإسرائيلي، ولم تلب الحد الأدنى من طموحات الشعوب العربية فى التلويح بالأفعال لا الأقوال، وهو ما أفقد هذه القمم الزخم الشعبى المطلوب، فانصرفت عنها الشعوب بعدما أدركت أنها لا تستحق المساندة والمؤازرة ولا حتى المشاهدة والمتابعة على الشاشات..

أما ما تمر به المنطقة العربية اليوم من مخاطر حقيقية اتضحت فى التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي بشأن غزة، ومحاولات إسرائيل تغيير جغرافيا العديد من الدول العربية فيما يسمى بمخطط الشرق الأوسط الجديد وتحقيق  الأطماع الإسرائيلية الإقليمية التوسعية بدعم أمريكي كامل، كل هذه التطورات تضع  القمة المرتقبة تحت منظار الشعوب العربية التى تنتظر قرارات فاعلة، ولتكن بداية هذه القرارات باطلاق اسم (قمة حل الدولتين) على قمة الرابع من مارس، كى تغلق كل المنافذ التى تسعى لتصفية القضية الفلسطينية.

تنتظر الشعوب العربية من القمة المرتقبة مواجهة الشطحات الأمريكية الاستعمارية المجنونة التى تجاوزت أبعد ما يتخيل العقل العربى وقوانين الشرعية الدولية.

تنتظر الشعوب العربية مشروعا قوميا عربيا يقف فى وجه المشروعات التركية والإسرائيلية والإيرانية المتنامية. وأن يقفز القادة العرب بالطموحات العربية إلى الأمام، ولا يكتفون برفض التهجير أو إعادة الإعمار ، بل يعيدون للواجهة الحقوق الفلسطينية التاريخية المشروعة والمقررة بقرارات أممية، وأولها؛ حق تقرير المصير، وثانيها حق إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وثالثها؛ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المبعدين عن أراضيهم منذ نكبة 1984، ورابعها وقف الاستيطان، وهى مطالب مشروعة وعادلة،  فهل تلبى قمة الرابع من مارس طموحات الشعوب العربية وتضع خطوات رفض عملية تصعيدية ضد ممارسات الكيان الإسرائيلي أم ستكون مخيبة للآمال وتكتفى كالعادة بالشجب والتنديد ..
-----------------------------
بقلم: سحر عبدالرحيم

مقالات اخرى للكاتب

قانون الايجار القديم .. من يفك الاشتباك بين المالك والمستأجر؟