دعت الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية بقطاع غزة رئيس السلطة محمود عباس إلى عقد اجتماع طارئ للفصائل لوضع خطة لمواجهة السياسات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير الفلسطينيين.. مؤكدة على أنه لا بديل عن الوحدة الوطنية الفلسطينية، وضرورة إنهاء كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.. وشددت الفصائل في مؤتمرها الوطني الذي عقد بقطاع غزة الأربعاء 19 فبراير على رفض مخططات التهجير الإسرائيلية، وضرورة توحيد الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية لمواجهة هذه المخططات.. وأكدت الفصائل عدم السماح لأحد أن يتدخل بالشأن الداخلي وعدم نجاح مخطط ترامب للتهجير.
وفي الأثناء، دعا المؤتمر الوطني الفلسطيني إلى تشكيل لجنة اتصال تمثل كافة الفلسطينيين للقاء الرئيس محمود عباس وأمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني والفصائل الفلسطينية، لبحث إجراء انتخابات داخل فلسطين وخارجها لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية ووطنية، وتشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة. وأكد المؤتمر تمسكه بالمنظمة ممثلا شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وضرورة إعادة الاعتبار لها لكونها البيت الجامع لقوى ومؤسسات ومكونات الشعب الفلسطيني.
الفصائل تدعو لإنهاء الانقسام
المؤتمر الذي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة بمشاركة نحو 400 شخصية فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزّة والجاليات الفلسطينية في الدول العربية والأوروبية، والأميركتين، وأستراليا، وغيرها. خلال الفترة من 17 إلى 19 فبراير الجاري، أكد أيضا على ضرورة إنهاء الانقسام والضعف السياسي على مستوى القيادة، وشدّد على وحدة الأرض والشعب والنضال والمصير والرواية والنظام السياسي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وفي بيانه الختامي أكد المؤتمر على حق الشعب الفلسطيني في النضال والمقاومة بالأشكال كافة، بما ينسجم مع أحكام القانون الدولي لضمان نجاح الفلسطينيين في إسقاط مشروع الاستعمار الاستيطاني، وإنهاء الاحتلال ونظام الفصل العنصري، ومواجهة المخططات الاستعمارية لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، وتفعيل دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية للدفاع عن حقوق اللاجئين وحق العودة الذي لا يسقط بالتقادم، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
ومن خلال البيان شدد المشاركون على مكانة وحقوق الأسرى والأسيرات والجرحى وعائلات الشهداء الذين قدموا حياتهم فداء لشعبهم وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة دولته الديمقراطية المستقلة وعاصمتها القدس، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية.
مؤتمر الدوحة أدانته السلطة الفلسطينية ومنعت 33 من أعضاء المؤتمر حضور فعالياته، وهدّدت السلطة مشاركين في المؤتمر بالاعتقال والفصل من العمل وإيقاف الرواتب عند عودتهم، وهو ما دفع اللجنة التنظيمية للمؤتمر، بوضع أسماء الأعضاء الذين مُنعوا من السفر على لافتاتٍ في قاعة المؤتمر وأرفقتها بعبارة "مُنع من السفر"..
عباس يرضي ترامب وإسرائيل
يأتي ذلك فيما أصدر رئيس السلطة محمود عباس، قراراً بإقالة رئيس هيئة شؤون الأسرى عبد القادر فارس والمعروف بقدورة فارس، لاعتراضه على إصدار عباس قرار بقانون مفاجئ يلغي رواتب عائلات الأسرى والشهداء والجرحى وإحالة المخصصات التي كانت تصرف للعائلات إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي ، وطالب قدورة عباس بسحب القرار لأنه يمس شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني، لأنه من غير المعقول أن تخضع حقوق الأسرى والشهداء لمعايير إدارية أو اقتصادية جديدة تتجاهل البعد الوطني لهذه القضية، وكان القرار لاقى رفضا واسعا من أبناء الشعب الفلسطيني والفصائل، الذين يعتبرون دعم الأسرى وعائلاتهم جزءاً من النضال الوطني الفلسطيني..
وفي ذلك السياق كشف موقع أكسيوس الأمريكي عن مصادر أمريكية وفلسطينية مسؤولة أن قرار السلطة جاء نتيجة مفاوضات جرت على مدى عامين مع إدارة جو بايدن بقيادة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية الإسرائيلية هادي عمرو، وتوصل الجانبان لاتفاق مبدئي، وأن إدارة بايدن والسلطة الفلسطينية أبلغت إسرائيل العام الماضي بالتغيير المخطط له في نظام المدفوعات لتلك الأسر، لكن السلطة أرجأت تنفيذه بسبب الحرب في غزة، ورغبة عباس في تطبيق القرار لحين تولي ترامب الإدارة الجديدة، خاصة وأن إدارته السابقة كانت قد أصدرت ما عرف بقانون تايلور فورس، وأقره الكونجرس، والذي يحظر على الحكومة الأميركية تقديم أي مساعدة مالية مباشرة للسلطة الفلسطينية طالما أنها تدفع أموالا للفلسطينيين المتورطين في الهجمات التي تصفها واشنطن وتل أبيب بالإرهابية.. وتايلور فورس، جندي أمريكي قُتل خلال عملية طعن أثناء زيارته لتل أبيب في مارس 2016.. كما أقرت الحكومة الإسرائيلية قانوناً يقضي بخصم المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية لعائلات الأسرى والشهداء من عائدات الضرائب التي تجمعها لصالح السلطة الفلسطينية.
السلطة أبلغت واشنطن مسبقا
وكشف موقع أكسيوس أيضاً عن مسؤول فلسطيني أن السلطة أخطرت إدارة ترامب مسبقاً بالقرار قبل الإعلان عنه، وأن كبير مساعدي عباس تحدث عبر الهاتف مع مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف وناقشا القرار عقب صدوره، ووفقا لأكسيوس نقلاً عن مسؤولين أميركيين وفلسطينيين فإن محاميي وزارة الخارجية والبيت الأبيض قاموا بعد 48 ساعة بمراجعة القرار لمعرفة توافقه مع قانون تايلور فورس.
وفي الوقت الذي وصفت فيه إسرائيل القرار بالاحتيال، لقى ترحيباً من جانب إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، والتي وصفت القرار بأنه إنجاز، للسلطة الفلسطينية التي أرادت أن تثبت أنها أجرت إصلاحا جديا في نظام ما يطلق عليه "الدفع مقابل القتل".. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية للصحفيين إن إعلان السلطة الفلسطينية إنهاء برنامج دفع رواتب السجناء يبدو خطوة إيجابية وانتصارا كبيرا لإدارة ترامب، معرباً عن الترحاب بأي خطوات لإنهاء ما وصفه بالممارسة البغيضة. وقال "سوف نراقب كيفية تنفيذ القانون خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وسوف نتأكد من انتهاء هذه الممارسة".
المرسوم الرئاسي الذي أصدره عباس في العاشر من فبراير 2025، يلغي مواد في القوانين والأنظمة الفلسطينية بشأن نظام دفع المخصصات المالية لأسر الأسرى والشهداء والجرحى ويقضي بنقل برنامج المساعدات النقدية وقاعدة بياناته ومخصصاته المالية المحلية والدولية من وزارة التنمية الاجتماعية إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي.. وبحسب القرار فإن جميع الأسر المستفيدة من النظام السابق تخضع للمعايير المطبقة على جميع الأسر المستفيدة من برامج الحماية والرعاية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية دون تمييز.. وفي 18 فبراير الجاري أصدر قراره بإقالة قدورة فارس لاعتراضه على القرار، وتعيين رائد عرفات أبو الحمص، رئيساً لهيئة شؤون الاسرى والمحررين.