أكد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية تفاقمت خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة ارتفاع معدلات الفقر في دول العالم الثالث، إلى جانب الحروب والنزاعات والتوترات السياسية. وأشار إلى أن الإحصاءات تكشف عن زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين، حيث وصل 42 ألف شخص إلى شواطئ أوروبا خلال عام 2023، بارتفاع بلغت نسبته 292% مقارنة بعام 2022، بالإضافة إلى فقدان ما يقرب من نصف مليون شخص حياتهم أثناء محاولات الهجرة.
جاء ذلك خلال مشاركته في ندوة "جهود اللجنة الوطنية التنسيقية في مكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر" ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والتي أقيمت في مركز مصر للمعارض. وشارك في الندوة كل من السفيرة نائلة جبر، والدكتور أحمد سعدة مساعد وزيرة التضامن، والكاتبة سماح أبو بكر، والأستاذة بسمة فؤاد عنتر، مؤسس والمدير التنفيذي لجمعية المستقلين الدولية، وأدارها الدكتور خالد سعدة.
وأوضح الدكتور أحمد زايد أن الأمم المتحدة أولت اهتمامًا متزايدًا بقضية الهجرة غير الشرعية، حيث قامت مؤخرًا بتنشيط دور منظمة الهجرة غير الشرعية، رغم أنها تأسست في عام 1951، نظرًا لتفاقم خطورة الظاهرة في السنوات الأخيرة. وأضاف أن مصر كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى المنظمة، واستطاعت من خلال تعاونها مع الاتحاد الأوروبي تطوير استراتيجية شاملة لمعالجة الظاهرة من جذورها، من خلال مكافحة شبكات تهريب البشر وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار زايد إلى أن عصابات الاتجار بالبشر تلعب دورًا رئيسيًا في تفاقم الهجرة غير الشرعية، واصفًا الأمر بـ"متلازمة الهجرة غير الشرعية"، حيث تستغل هذه الشبكات الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة للشباب وتوقعهم في فخ الهجرة غير المشروعة. كما أكد أن هناك شبكات غير قانونية وغير مرئية للأجهزة الأمنية تعمل على تحفيز الشباب على سلوك هذا الطريق المحفوف بالمخاطر.
وأضاف زايد أن التقليد الأعمى لمن نجحوا في الهجرة يشكل سببًا رئيسيًا آخر في استمرار الظاهرة، معتبرًا أن هذه الممارسات تمثل "ثقافة منحرفة" يجب مواجهتها. ودعا إلى تغليظ العقوبات على العصابات والشبكات التي تستغل الشباب، محذرًا في الوقت ذاته من تنامي القيم المادية في المجتمعات، حيث أصبح النجاح يُقاس فقط بالمكاسب المالية.
وضرب زايد مثالًا بنجاح اللاعب المصري محمد صلاح، مؤكدًا أن نجاحه المعنوي في إسعاد الملايين لا يقل أهمية عن نجاحه المادي، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز مفهوم النجاح القائم على القيم والمبادئ والإنجازات الحقيقية، وليس فقط المكاسب المالية
واختتم زايد حديثه بالتأكيد على أهمية توعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وتعزيز فرص العمل والتنمية في المجتمعات الأكثر عرضة لهذه الظاهرة، مشيرًا إلى أن الحل لا يكمن فقط في مكافحة الهجرة غير الشرعية، بل في خلق بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة تقلل من الدوافع التي تدفع الشباب نحو هذا الطريق الخطير.