صدر للكاتب صبحي موسى كتاب بعنوان "مأزق التنوير العربي: صراع العقائد وبنية التحالف الرجعي"، عن دار "روافد"، ليكون ضمن اصداراتها الجديدة في الدورة المقبلة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
هذا الكتاب هو سعي للتعرف على لماذا لم نستطع تخطى المرحلة الأولى من التنوير، تلك التي يمكن تسميتها بالمرحلة البروتستانتية، حيث مازالت خطوة المطالبة بفصل الدين عن الدولة حاجزا لا يمكن تجاوزه حتى الآن، ومن ثم لا يمكننا الحديث عن احترام العقل وإعماله، ولا عن آليات اختيار السلطة وضمانات حرية الاعتقاد والتفكير والرأي، وصولا إلى الحق في التعليم والصحة والمسكن والغذاء. فكل هذه أمور مرتهنة بإنجاز العقل العربي الخطوة الأهم في مسار التنوير، وهي تحرير مجريات الحياة العامة من سلطة النص الديني، والتفكير من منطلق البحث والاكتشاف والمعرفة العلمية، وليس من منطلق إثبات صحة النص.
لكن حين نبحث عن الأسباب التي جعلتنا مازلنا غير قادرين على تجاوز تلك الخطوة أو المرحلة (البروتساتنتية) نجد أننا أمام جملة من الأسباب المترابطة معا كأنها في حالة تحالف على الوعي العربي، بحيث لا يمكنه أن ينطلق من قيوده كي يساهم في بناء الحضارة الإنسانية الحديثة، ويظل في مكانه عالة على العالم في مأكله ومشربه وحتى اكتشاف رفات أجداده، يظل رهنا بحركة العالم من حوله، غير قادر على تغيير مصيره، أو حتى المشاركة في هذا التغيير، لأنه عقل غير مفكر، ومن ثم غير منتج. عقل غير حضاري، علاقته بالماضي أكبر عشرات المرات من علاقته بالحاضر، تسيره مخيلة الأسلاف وقوانين أزمانهم. معتقدا أنه على هذا النحو في أفضل حالاته، وأن تراثه قد حسم له كل شيء، فلا توجد صغيرة ولا كبيرة إلا وأحصاها، ومن ثم فلا حاجة لمغادرة هذا العالم.