لست مهتما على الاطلاق بالنقاش الدائر والذى يتفاوت بين الهادئ والحاد حول اتفاق إنهاء الحرب أو بالأحري إنهاء العدوان على غزة، ومن الذى خرج منتصرا فى هذا الاتفاق، إسرائيل أم المقاومة الفلسطينية؟ ولست مهتما على الإطلاق بالنقاش الدائر حول الوزن النسبى للأطراف التى شاركت فى صنع الاتفاق، وهى مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، ومن منها لعب الدور الأكبر فى الوصول للاتفاق. ولست مهتما على الإطلاق بالجدل الدائر فى أمريكا حول صاحب الفضل فى الوصول للاتفاق، الرئيس المنتهية ولايته بايدن أم الرئيس ترامب الذى يستعد لدخول البيت الابيض للمرة الثانية.
وعن نفسى فأنا سعيد جدا بالاتفاق وأعتبر صاحب الفضل الأول فيه هو الشعب الفلسطينى الصابر الذى تحمل ما لا يتحمله بشر، والمقاومة الفلسطينية التى صمدت صمودا أسطوريا سيسجله التاريخ بحروف من نور... لا أستطيع أن أخفى فرحتى بالاتفاق الذى سيضع حدا لفزع أطفال غزة الذين حرمهم العدوان الغاشم من طفولتهم ومن ألعابهم ومن كتبهم ومدارسهم.. والذى سيضع حدا لدموع وآهات الأمهات الفلسطينيات والزوجات الفلسطينيات الأرامل والثكالى، من حق أهالينا فى غزة العزة أن يفرحوا ويأملوا بإعادة بناء منازلهم التى هدمت، والصلاة فى مساجدهم وكنائسهم...
من حقهم أن يحلموا بعودة مستشفيات غزة للعمل، وعودة مدارس وجامعات غزة لاستقبال الطلاب والطالبات.. من حقهم أن يحلموا بعودة الغناء والزغاريد فى أفراح وأعراس أبنائهم وبناتهم.. ومن حق أهالينا فى غزة أن يناموا مطمئنين، لا تفزعهم أصوات الطائرات التى ترميهم بأطنان المتفحرات ولا ترعبهم المدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات..
لا يعرف قيمة اتفاق إنهاء الحرب والعدوان.. ولا يقدر فرحة أهالينا فى غزة إلا من عانى من الحروب، ورأى ما تخلفه من دمار ودماء تنزف وأطفال تصرخ وتبكى وأمهات ينتحبن وزوجات تقطعت بهن السبل.. كل ما أتمناه وأرجوه أن تلتزم إسرائيل بالاتفاق، وألا يتهرب نتنياهو من تنفيذ الاتفاق حتى يطيل بقاءه فى الكرسى.. وأتمنى أن تبذل الأطراف التى ساهمت فى الوصول للاتفاق كل الجهد لتنفيذه بدقة، وأخص بالذكر الولايات المتحدة ورئيسها الجديد القديم ترامب... بل إننى لا أبالغ إذا قلت أننى سأقدم الشكر والتحية لترامب، إذا ما نجح فى كسر شوكة غرور نتنياهو وأجبره على تنفيذ الاتفاق الذى ينهى العدوان على غزة العزة..
-----------------------------
بقلم: عبد الغني عجاج