30 - 05 - 2025

حرب غزة .. وحسابات المكسب والخسارة

حرب غزة .. وحسابات المكسب والخسارة

بدأت الحرب بطوفان الأقصى وانتهت بأوامر أمريكية بإطلاق ترامب صفارة النهاية ليبدأ ولايته الثانية بتنفيذ وعده الانتخابى بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.

يمثل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى  لحظة محورية بالنسبة لنتنياهو، الذى يراهن على بقائه فى السلطة بعد توقف الحرب، إلا أن كل المؤشرات تشير إلى أنه سيتم الإلقاء به فى أقرب سلة مهملات، فالحاكم الجديد للبيت الأبيض سيحاول إحياء صفقة القرن التى فشل فى تمريرها خلال ولايته الأولى، وسيسعى بكل جهده لاستكمال مخطط التطبيع الإبراهيمي، وإعادة مفاوضات التطبيع السعودى الإسرائيلي للواجهة، وهذا التطبيع بالتأكيد سيتطلب وجوها إسرائيلية جديدة لم تتورط فى الحرب ولم تتلطخ أيديها بدماء الأبرياء.

منذ اللحظة الأولى التى تم فيها إعلان الهدنة، والجدال لا ينتهى حول المنتصر والمهزوم فى حرب غزة.

لم تنتصر المقاومة لكنها لم تنكسر، ولم تمنح الكيان لذة الانتشاء بالنصر .. فقد صمدت بعتادها البسيط أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية المتطورة لأكثر من 460 يوما، بل وأوقعت خسائر فادحة فى صفوف الجيش الإسرائيلى وعتاده، وأسقطت نظرية الردع الإسرائيلية، وأظهرت دولة الاحتلال ضعيفة ويمكن هزيمتها، وأنها بدون مساندة ودعم الولايات المتحدة لم تكن لتحقق أي نصر على المقاومة.

 فشلت إسرائيل فى تحقيق كل أهدافها على مدار 15 شهرا من الحرب الإجرامية على غزة، سواء تحرير الرهائن أو القضاء على حماس أو طرد سكان غزة من أرضهم ودفعهم نحو سيناء.

وخسرت تعاطف العالم معها بعد أن ظهرت صورتها الحقيقية ككيان غاصب يتجاوز كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، ولا يبالى بارتكاب المجازر وجرائم الحرب ضد المدنيين العزل، وانهارت الصورة التى حاولت تصديرها للعالم وترويجها كذبا وزورا بأنها دولة ديمقراطية.

تتعمد دولة الاحتلال إخفاء المعلومات والبيانات الحقيقية لخسائرها البشرية والمادية، من خلال تكتيكات الرقابة والتدرج في كشف المعلومات والتلاعب بها وانتقاء المفردات وصولاً إلى حجب أمور لا يريد أن يعرف عنها أحد شيئاً، وتبقيها طي الكتمان نظراً لحجم الأثر السلبى الذى يمكن أن تشكله على هيبتها ووجودها بشكل عام، لذلك لن تجد أرقاما واضحة عن عدد القتلى من الجنود والمدنيين، ولا عن عدد المركبات العسكرية التى دمرتها المقاومة، ولا عن عدد المنتحرين والفارين من التجنيد، لكن من الممكن أن تجد بعض المعلومات عن خسائرها الاقتصادية والتى أشارت إليها منذ يومين صحيفة كالكاليست الاقتصادية، بأن تكلفة الحرب بلغت 67 مليار دولار ، لكنها ذكرت أيضا أن أرقام العجز المالى مضللة وكاذبة والحقيقة تشير لصورة أكثر قتامة، حيث زاد التضخم واشتعلت الأسعار وزادت الضرائب وتضررت السياحة وبلغ حجم العجز فى ميزانية إسرائيل العامة 37 مليار دولار.

ما يمكن أن يقال عن النجاحات التى حققتها المقاومة تراجع كثيراً عقب سلسلة الاغتيالات التى قامت بها إسرائيل والتى بدأت باغتيال إسماعيل هنية فى طهران، ثم اغتيال حسن نصرالله وعدد كبير من قادة حزب الله فيما سمى ب "معركة البيچر"، ثم اغتيال يحيى السنوار فى غزة.. 

انتصرت إسرائيل على حزب الله واحتلت بعض المناطق فى جنوب لبنان، وأعطت الضوء الأخضر لهيئة تحرير الشام للهجوم على سوريا وإسقاط نظام بشار الأسد، ثم قضت على قدرات الجيش السورى كاملة، وقلمت أظافر النظام الجديد قبل أن يبدأ،  واعتلت جبل الشيخ فى سوريا لتراقب دمشق عن قرب.

 لكنها مع كل ذلك لم تكسب معركتها فى غزة..

صحيح لم تنتصر المقاومة فى غزة لكنها أيضا لم تنهزم 

دُمرت غزة ..

 لكن سيتم إعادة بنائها وإعمارها من جديد ..

استشهد أكثر من 45 ألف فلسطيني بين أطفال ونساء وشيوخ وشباب .. لكن غدا بإذن الله ستلد النساء أجيالا جديدة تحمل الراية وتحقق المستحيل 

وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي 

وللحرية الحمراء باب 

بكل يد مضرجة يدق 

 ففي كل العصور والأزمنة  لم يكن ثمن الحرية هينا ولا رخيصا، بل دوما كانت دماء الأحرار هى الثمن الغالى الذى بدونه لن تتحرر الأوطان.
----------------------------
بقلم: سحر عبدالرحيم

مقالات اخرى للكاتب