04 - 05 - 2025

مياه الشرب فى قنا.. عندما يكون المسؤول غير مسؤول

مياه الشرب فى قنا.. عندما يكون المسؤول غير مسؤول

أيام صعبة عاشتها قرى أقصى شمال محافظة قنا، وصرخات موجعة من الحسرة والألم من جموع المواطنين وساعات من العذاب الحقيقى لم يعرفه المواطنون من قبل.

أزمة بدأت قبل عشرة أيام تمثلت فى حدوث كسر فى خط مياه رئيسي بمدينة أبو تشت نتج عنه انقطاع المياه عما يقارب 20 قرية بإجمالي سكان وصل إلى 350 الف نسمة ويزيد، تعاملت شركة مياه الشرب والصرف بقنا وأعادت ضخ المياه وبعد أقل من 48 ساعة عاد قطع المياه مجددا ولنفس السبب.

استمر الحال تقريبا أربعة ايام متواصلة، واختفت حتى المياه المعدنية من المحلات وتعرضت الثروة الحيوانية لمخاطر حقيقية، وقبلها تعرض الاطفال وكبار السن لمشاكل من نقص المياه.

لكن هناك مشاهد ثابتة فى الأزمة لا بد من ذكرها تحديدا

المشهد الأول: تقاعس غريب من شركة مياه قنا وتعالى فى التعامل مع المشكلة واستهانة بحياة المواطن باعتبار أن هذه المنطقة تضم البسطاء وأبناء البسطاء وأحفاد البسطاء وجيران البسطاء، وصوتهم غير مزعج، لدرجة انتظار قدوم حفار من مدينة قنا على بعد 60 كم لأكثر من يومين.

المشهد الثاني: غياب تام لأي قيادة من محافظة قنا طوال أيام الأزمة، ورفض التعامل معها، وانشغال بزرع شتلات القصب واجتماعات عن قانون التصالح والتقنين، ولم يزر الموقع ولا المدينة أي مسؤول من القيادات الكبرى فى حين كانوا يتقاطرون على غيرها من المدن بحثا عن صورة يشيرها إعلام "تحت السيطرة"

المشهد الثالث: استعانة بفنيين من محافظة الشرقية للتعامل مع "فك لحام ماسورة قطر 90" حيث أن صعيد مصر لا يوجد به مهندس ولا فني قادر على التعامل فى هذه المعضلة الكونية.

المشهد الرابع: عدم اهتمام من وزارة التنمية المحلية أو الإسكان بما يحدث، واعتبارها مشكلة ثانوية لا تخص قطاعا مهما من الدولة من الأساس.

المشهد الخامس: غياب مستمر من ممثلى أهالى هذه المنطقة الذين سبق وانتخبوهم ولم ينطقوا بكلمة واحدة، بل منهم من راح يدافع عن وجهة نظر شركة المياه، والتى تتلخص فى "إن شاء الله خير واكيد الميه هترجع وعادى يعنى فى ناس بتقطع عندهم شهر وكبروا دماغكم"

المشهد السادس: هذه المدينة تحديدا لم تبخل عليها الحكومة، وتم ضخ ما يزيد عن 6 مليارات جنيه فى آخر عامين، شملت مبادرات وخطط تنموية، ومع هذا لا يشعر المواطن بها أنه يعيش على كوكب الارض من الأساس ولا يستطيع أن يمر فى طرقها إلا وهو يمتطى "حمارا" أعزكم الله.

المشهد السابع: لم أر سيدات فضليات هن تاج الرؤوس، وهن يبكين بالدموع بحثا عن كوب مياه مطلقا ، ويتقاطرن وراء طلمبات حبشية تختلط فيها المياه بمياه الصرف وتسبب الفشل الكلوى السريع، ومع هذا يسقطن فى زحام الحصول على كوب مياه مميت مثل هذا.

المشهد الثامن: أن بعض القيادات تعتبر أن صفحات التواصل الاجتماعي متنفس طبيعى ولكنه غير مزعج، ولا يفرق معهم مناقشة قضايا أو مناشدات عليه، ويرجعون لمقولة محافظ قنا السابق " هذه المدينة يجب ان نعيد تسميتها بمدينة الفيس بوك فهى تبدأ قضايا وتناقشها وتنهيها عبر صفحات الفيس بوك"

المشهد التاسع: أنه كان لابد أن توجد وسيلة اتصال مباشرة مع رئاسة مجلس الوزراء تسمع فيها الحكومة صرخات عمى أبو أحمد وهو يصرخ ويقول "جالك يوم يا أبو أحمد تشرب مياه معدنية وكمان مش لاقيها"، خاصة أن مسؤولى محافظة قنا لا يسمحون له بلقاء المحافظ إلا من وراء حجاب وكأنه معدٍ، وبات وصوله إلى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك أسهل من السماح له بدخول ديوان عام محافظة قنا، فى واحده من عجائب أهل الصعيد. 

المشهد العاشر: أنى سألت أحد مسؤولي المدينة المتهالكة هذه عن سبب استمرار نقص المياه فكانت الاجابة "أصل المهندس المختص اللى جاي من الشرقية زهق وأغلق تليفونه وسافر" 

للحق وبالحق نقول إن هناك محافظات فى الصعيد تسير عكس توجه الدولة التى تسابق الزمن للحاق بعصر الحوكمة والجمهورية الجديدة، إما عن سوء قصد أو قلة حيلة وقلة خبرة وقلة فهم، وإما عن قصد لمزيد من إغضاب المواطن ،وكأنها تقول له كما قال نزار قبانى من قبل "اغضب فأنت رائع حقا متى تكون، اغضب فلولا الموج ما تكونت بحور" 

وللحديث أو للوجع بقية .
---------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

رأي | لمؤاخذة ... قنا يا حكومة