غيرت الحرائق ملامح لوس انجلوس، مثلما غيرت نيران الحرب وجه غزة.
رغم اختلاف الأسباب، إلا أن مشاهد الدمار والخراب متقارب جدا فى الحالتين .. وإن كانت الحرب دمرت المنازل فوق رؤوس ساكنيها ، فإن اندلاع حرائق الغابات تدريجيا منحت السكان فرصة لإخلاء منازلهم والهجرة إلى ولايات آمنة.
وبالتأكيد كانت مشاهد الإخلاء مختلفة فى الحالتين، ففى غزة كان طائرات جيش الاحتلال بالمرصاد للنازحين من بيوتهم، تطلب منهم الإخلاء ثم تقصفهم دون رحمة ولا تعير اهتماما بكونهم أطفالا أو نساء أو عجائز أو مرضى، بل بلغ بها العدوان أقصاه فى قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية فى مخالفة صريحة لكل قوانين حقوق الإنسان.
فى غزة بلغ عدد الوفيات ما يقارب 40 ألف شهيد و90 ألف مصاب منذ بدء الحرب فى أكتوبر 2023. من حالفه الحظ ومازال على قيد الحياة يعيش فى خيام لا تحميه من برد الشتاء ولا حرارة الصيف، ويتذوق الخبز مرة كل عدة أشهر ، ويصطف فى صفوف طويلة من أجل الحصول على المياه أو الطعام أو الدواء والكساء، وآخر الضحايا كان الطفل عبد الرحمن الذى لم تصبه طلقات الاحتلال، لكنه سقط جائعا فى قدر الطعام وهو يغلى وتوفى على الفور.
لذا فإن المقارنة على المستوى الانسانى غير متكافئة، فسكان المناطق المنكوبة فى لوس أنجلوس التى بلغ عدد الضحايا فيها 10 أشخاص صدرت أوامر ل 180 ألفا باخلاء منازلهم ، ومعظمهم يمتلك منزلا فى ولايات أخرى، أو ستقدم لهم التعويضات المناسبة، وستبنى منازلهم بأسرع مما نتخيل.
الغريب هو انزعاج البعض من حالة الشماتة التى تجتاح مواقع التواصل العربية، واعتبار البعض أن تلك الحرائق هى انتقام إلهي، خاصة وأنها جاءت بعد يوم واحد من تهديدات ترامب بإشعال منطقة الشرق الأوسط.
وهنا يجب التفريق بين الشعب الأمريكي الذى يضم أطيافا مختلفة، ومنهم من يساند القضايا العربية والفلسطينية بقوة، وبين الإدارة الأمريكية والمجتمع السياسى الأمريكى.. نحن كشعوب ليس بيننا وبين الشعب الأمريكي أى ضغائن ولا نشمت فى مصائبه، لكن أيضا لا ننسى أن هذا الشعب هو من يختار حكامه الذين دوما يساندون (إسرائيل) على حساب العرب، ويضمنون تفوقها عسكريا ويعلنون على الملأ أن أمنها القومي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للولايات المتحدة. وهو من يدفع الضرائب التى يوجه جزء منها لمساندة الكيان المغتصب للأراضي العربية. وهو من يعلن تأييده لكل القرارات الرئاسية تجاه المنطقة العربية من خلال الكونجرس.. فبالله عليكم نشمت فيهم أم نقول اللهم لا شماتة.
---------------------------------
بقلم: سحر عبدالرحيم