فى ليلة شتاء قارس وموحش يتحين الفرصة كى يشعرك بالقلق ويصيبك بسهام الفكر الذى غالبا لا ينتهى الا بالنوم و النسيان، فوجئت ببيان خاطف من محافظة الأقصر عبر هاتفي تحت عنوان "محافظ الأقصر يعتذر للمواطنين عن قطع مياه الشرب لساعتين أو ثلاثة"
شعرت أننى قد هاجرت إلى بلاد الثلج والضباب، حيث يقدر المسؤل المواطن وحاجاته اليومية وقد يغادر منصبه طواعية إن شعر بالتقصير تجاه المواطن، قفزت من مكانى إلى شرفتى وتأكدت تماما أننى مستيقظ.
إذن الخبرصحيح وأن فى بلادنا مسؤول يشعر بما يشعر به المواطن البسيط ويحترمه ويقدره ويعلم أنه جالس على كرسيه من اجل تحقيق حاجات هذا المواطن وهو فى ذلك يتلقى مقابل عمله راتبا من موازنة الدولة المصرية.
القصة والحكاية ليست فى انقطاع المياه فهو أمر اعتاده المصريون واعتادوا بلادة وتنطع شركات المياه فى المحافظات، وإنما أن يخرج محافظ أو وزير يشرح الاسباب ويسبقها باعتذار رقيق ، هذا ما لم نعتد عليه، فمثلا على بعد مرمى حجر نجد فى محافظة أسوان مأساة حقيقية تتمثل فى غياب مياه الشرب منذ ثلاثة أسابيع، ورغم وعود الحكومة ومجلس النواب لم يخرج محافظها بكلمة، باستثناء وعود تليها وعود وتنتهى بوعود. وعلى بعد قليل من الاقصر هناك محافظون تخلوا عن صميم مناصبهم وتركوها لمن حولهم وتقاطروا بشكل اسبوعى على العاصمة لحضور ندوات ومؤتمرات غالبا لا تستحق تذاكر السفر إليها وتنقطع المياه لديهم بالأيام وفقط يخرج مسؤول يتهكم ويصرخ فى رؤساء المدن.
اذن ما الفارق بينهم، لم أر محافظ الأقصر فى حياتى ولم استمع لصوته عبر الهاتف، ولكن المسؤول الناجح يتحدث عنه المواطن دون ان تطلب منه ذلك.
رجل لايفارق الشارع ولا مكتبه، جمعة ولا سبتا، يظل يستمع للجميع، أعاد تشكيل دولاب العمل فى المحليات أربع مرات منذ قدومه، هذا هو الفارق بينه وبين محافظين لايعرفون أسماء كبار الموظفين فى محافظاتهم، وينزلون للمدن بعد حاله إلحاح ويمنون علي المواطن أن نزلوا من مكاتبهم.
كم كنت أتمنى لو يستضيف إعلامنا مثل هذه النماذج ويسألها: هو حضرتك مننا، طيب شبهنا، خريج مدارسنا؟
بكل تواضع أقول لمحافظ الأقصر لقد أحسنت لأنك احترمت المواطن قبل أي شىء آخر، احترمت إنسانيته وكرامته، تعاملت معه بعيدا عن مناديل الكلينكس والمطهرات، شكرا لرجل لم ألتقه ولم اسمعه ولكني سعدت بأفعاله.
-----------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ