فيفيان سمير أديبة مصرية شغفت بالأدب وفنونه منذ نعومة أظفارها؛ فقد نشأت في أجواء تحب الثقافة والفكر، كان والدها يمتلك مكتبة ضخمة تضم صنوف الفكر والأدب والتاريخ والعلوم المختلفة، وكان يمتلك الوعي الكافي وحبّب أولاده في القراءة وزرع بداخلهم هذا الحب والانتماء وقد جاب معهم كل الأماكن الأثرية والحضارية التي تحكي أمجاد حضارتنا في ربوع مصر.
استفادت الأديبة فيفيان سمير من دراستها للأدب الانجليزي في كلية رمسيس للبنات، ومن قراءاتها المتعددة، وبدأت محاولتها الإبداعية بكتابة القصة القصيرة وهي بعمر 15 عاماً ثم جرفتها هموم الحياة سنوات عديدة ثم عادت منذ ثلاث سنوات بالاشتراك في مسابقة للقصة القصيرة، وقد فازت قصتها "الكلمة حياة" وتم نشرها بكتاب مجمع تحت اسم "قلبي يحدثني" للمكتبة العربية للنشر والتوزيع في يناير 2020، ثم بدأت مسيرتها في مجال القصة القصيرة فنشرت أولى مجموعاتها القصصية بعنوان "لحظات تانجو" في مارس 2021 وضمت المجموعة 36 قصة قصيرة، وموضوعاتها ترصد اللحظات الفارقة في حياة الإنسان، والتي قد تغير حياته بالكامل أو تظل علامة بها لا يمحوها الزمن أو يطويها النسيان، ثم أردفتها بمجموعة قصصية أخرى "فراشات المقهى" في يناير 2022، وضمت 32 قصة قصيرة،وتدور فكرتها الأساسية حول تنوع خبرات البشر بالحياة، كما المقهى واختلاف نماذج روادها. وكتبت الرواية أيضا وصدر لها روايتها الأولى "غالية"، وتتناول العادات والتقاليد والموروثات الثقافية المختلفة وتأثيرها على المتغيرات الاجتماعية وخاصة وضع المرأة.
وقد نشرت فيفيان سمير إبداعها القصصي في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية مثل: "العربي اليوم"، موقع "صوت البلد"، موقع "الأقباط متحدون"، كما أن لها بعض المحاولات الشعرية والتي تم نشرها بالعديد من المجلات الشعرية والمواقع والمنصات الإلكترونية، كما تقوم بنشر العديد من المقالات بعضها بصفة منتظمة أسبوعية وشهرية لبعض المواقع الإلكترونية والمجلات الورقية.
تمت مناقشة روايتها"غالية" ضمن فاعليات الدورة ٥٥ لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد تقدم كل من الدكتور شريف الجيار، عميد كلية الألسن جامعة بني سويف، والدكتورة سحر الشريف أستاذ الأدب والنقد جامعة الإسكندرية، بورقة نقدية مستفيضة في حضور لفيف من الكتاب والنقاد والصحفيين. كذلك تناول الرواية بالنقد الإيجابي عدد كبير من أساتذة النقد والمتخصصين في المجال.
وهرعنا إلى دوحتها لنحاورها حول تجربتها مع الإبداع، حيث أخلصت لفنون القصة والرواية وفي سنوات قلائل استطاعت أن تثبت جدارة وحضور في المشهد الأدبي، فحدثتنا عن النشأة ورحلتها مع الكتابة وموضوعات أخرى نطالعها في حوارنا التالي:
* حدثينا عن النشأة وكيف كان لها الأثر في حياتك الأدبية فيما بعد؟
- بالقطع أنا محظوظة جدا لنشأتي في كنف أسرة تهوى القراءة، وأب مثقف يعشق الأدب والفن بكل روافده، وزاد حظي الحسن بالكنز الذي وقعت عليه منذ نعومة أظافري، فقد كانت مكتبة والدي عامرة بمختلف الترجمات العالمية من الأدب الروسي والفرنسي والإنجليزي وبإصدارات مختلف أساتذة الفكر والأدب العربي ونهلت منها ولم أرتو بعد، مازلت تلميذة صغيرة أتعلم، في انبهار بجمال إبداعهم المتميز والمتفرد. وقد حرص والدي منذ وعينا، أنا وأخي، أن يأخذنا في جولات سياحية بمختلف المحافظات المصرية وبين معالم القاهرة المختلفة، فعشقنا تفاصيلها التاريخية والدينية وحتى طُرُزٌها المعمارية المتنوعة، مع الوقت أصبح لدي مخزون من الصور الذهنية والحكايات بكل زاوية وشارع مررت به، وربما من هنا نبت إحساسي بأهمية الوصف لتفاصيل الأماكن وتأثيرها على شخوص القصص والروايات، فأنا أُؤْمِنُ أن الأماكن لها روح تنطبع على ساكنيها وتشكل سلوكهم وهواهم. ولا أنسى زيارات معرض الكتاب السنوية والتي كنا ننتظرها بشغف، كما أن سنوات دراستي بكلية رمسيس للبنات أتاحت لي الفرصة لدراسة الأدب الإنجليزي في سن صغيرة، فارتبط وجداني بمناهج مختلفة من الأدب ومدارس الفكر.
* متى بدأت رحلتك مع الكتابة ومن قدوتك في هذا المجال؟
- للكتابة شيطان يتملكك ويسيطر عليك حتى ترضخ له مستسلماً، ولا تعرف من أين بدأ أو متى؟، فكل ما أتذكر عن هذه البداية أنها كانت بهوامش الكتب المدرسية ثم أصبح لها كراسة خاصة إلى أن وصلت لمواقع التواصل الاجتماعي، ثم دور النشر. أما عن قدوتي في هذا المجال فهم كثر من أعلام الأدب والفكر فلكل منهم مدرسة مختلفة ذات سمات خاصة، لا تتشابه أو تقترب من غيرها، وأتمنى أن يكون لي في يوم من الأيام تلك البصمة الاستثنائية.
* ما أثر دراسة الأدب الانجليزي في إبداعاتك؟
- الأدب الإنجليزي الكلاسيكي متنوع للغاية وغني بالفلسفات والرؤى، من خلاله نتعلم الكثير عن أنفسنا وعن العالم من حولنا، حيث يتعمق في تشريح تعقيدات النفس البشرية، يغوص بمواضيع مثل قوة الحب في جميع أشكاله ووجهه الآخر من الكراهية والطموح واليأس، من خلال شخصيات تكافح مع قيمها ومعتقداتها، وتبحث عن مكانها في العالم، وتسعى لفهم دورها في الحياة، وتكشف لنا عن مدى تعقيد وتناقض الطبيعة البشرية. كما يسلط الضوء على تأثير المجتمع على الأفراد، من خلال الطبقة الاجتماعية والأعراف الأخلاقية والتوقعات المجتمعية، وكيف يمكن للمجتمع أن يقيد أو يحرر الأفراد، وكيف يمكن أن يشكل هوياتهم وقيمهم. كما يبحث عن معنى الحياة، بطرح مواضيع مثل الغرض والهدف ومعنى السعادة والعدالة والظلم. لذلك أعتقد أنه شكل جزءا كبيرا من وجداني بخلفية تلقي بظلها على ما أكتب ليظل هاجسي الأساسي هو الإنسان والإنسانية بكل معانيها ومنحنياتها، لكن بالطبع خصوصية مجتمعاتنا وعاداتنا ومفاهيمنا ومشاكلنا تفرض نفسها بملامحها الخاصة لتصيغ الرسالة والهدف من العمل.
* بدأت الكتابة ثم توقفت ثم عدت بقوة بعد سنوات طويلة حدثينا عن هذه التجربة؟
- الكتابة تأسرك، وتُغويك، وتجعل منك مدمنا على كأسها، ومِنْ ثمّ تعشقها دون إرادة أو حتى ملاحظة، وقد ظلت هواية مارستها مبكراً، مجرد هواية استمتع بها لإشباع متعتي الشخصية فقط، وقد أخذتني الحياة العملية بعيداً عنها لسنوات، لكنها ظلت تلح علي، إلى أن عدت للغرق بمتعتها بعد استقالتي من العمل، ووجود وقت كاف لممارستها، حتى خرجت إلى حيز النشر بالمصادفة عن طريق الفوز بإحدى المسابقات الأدبية التي قامت بها المكتبة العربية للنشر والتوزيع، ولا أغفل دور أصدقاء حسابي على (الفيسبوك) الذين كان لهم كل الفضل في تحفيزي لجمع ما أكتب وتوثيقه بالنشر الورقي، ومنهم من عرض مساعدته الشخصية في ذلك، ومنهم من أهدى لي غلاف مجموعتي القصصية الأولى، ومن رشح دار النشر ومن سوق للمجموعة بالإعلان عن صدورها بالصحف والمنصات الاخبارية، فالشكر موصول لكل من شجع ودعم وساند ولو بكلمة.
* لك تجارب شعرية بجانب تجربتك القصصية كيف وفقت بينهما؟
- لا أستطيع تسمية ما أكتب من الشعر بالتجربة الشعرية، بل هي مجرد خواطر تكون نتاج انفعال بموقف ما، أو حالة أمر بها بشكل شخصي أو من خلال المحيطين بي أو شخوص أعمالي القصصية، فأنا أعيش معهم حياتهم وانفعالاتهم طوال رحلتنا معا حتى نهاية العمل، لذلك فالتجربة الشعرية والقصصية متلازمتان إلى حد كبير.
* كيف استقبل النقاد أعمالك؟
- كان حظي طيبا، فالغالبية العظمى من النقاد الذين تعاملت معهم والذين تصدوا لمناقشة أو تناول أعمالي كان رأيهم إيجابي ومشجع وداعم جدا ولم يتجاوز النقد السلبي حد التوجيه في نطاق ضيق ولكنني أعتبره نقداً إيجابيا أيضا، فالغرض منه هو الوصول للأفضل، ولجميعهم كل التقدير والاحترام.
* ما الموضوعات تعرضت لها فيفيان سمير في أعمالها؟
- تدور أعمالي حتى الآن حول العلاقات الإنسانية ومختلف المشاعر التي تمر بنا وبالنسبة لرواية "غالية" فهي تدور حول العادات والتقاليد بشكل عام وما يخص المرأة منها بشكل خاص.
----------------------------------
حوار: أبو الحسن الجمال
* كاتب ومؤرخ مصري