في إطار فعاليات لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ألقى المستشار جابر المري، رئيس اللجنة، خطابًا بارزًا خلال الجلسة المخصصة لمناقشة التقرير الأول لسلطنة عُمان، معربًا عن تقديره البالغ لجهود السلطنة في تعزيز حقوق الإنسان والالتزام بمبادئ الميثاق العربي.
بدأ المري كلمته بتقديم أسمى آيات الترحيب بالحضور، وعلى رأسهم سعادة الدكتور يحيي بن ناصر الخصيبي، وكيل وزارة العدل والشؤون القانونية ورئيس وفد سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن هذه الجلسة هي فرصة ثمينة للالتقاء والتواصل حول قضية أساسية تمس حياة الإنسان وحقوقه الأساسية.
وأكد على أن هذا اللقاء هو خطوة جديدة في مسيرة تعزيز حقوق الإنسان في العالم العربي، مثمنًا في الوقت ذاته الالتزام الكبير من سلطنة عُمان في تقديم تقريرها في الموعد المحدد، وهو ما يعكس احترامها التام لالتزاماتها تجاه الميثاق العربي.
تطرق المستشار جابر المري إلى تاريخ سلطنة عُمان العريق، حيث أكد أن السلطنة تمثل نموذجًا حيًا للتسامح والتعايش السلمي بين الثقافات.
وقال: “لطالما كانت عُمان منارة للإنسانية، بدءًا من صحار، مهد التجارة البحرية العريقة، حيث كانت السفن العمانية تبحر إلى أقاصي الأرض حاملة قيم الاحترام والتعاون، وصولًا إلى ظفار التي شهدت تنوعًا حضاريًا يستقبل تجارًا ورحالة من مختلف أنحاء العالم.”
وأضاف المري أن هذا الإرث الحضاري المستمر في مسقط ونزوى يعكس قدرة السلطنة على بناء جسور للتواصل بين الشعوب والتأكيد على أهمية التسامح كقيمة جوهرية في بناء المجتمعات.
أشاد المري أيضًا بالدور المحوري الذي تلعبه سلطنة عُمان في السياسة الإقليمية والدولية، حيث تعتبر السلطنة من الدول الساعية لتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
وأكد أن السلطنة تواصل السير على نهجها الحكيم في العمل على حل النزاعات وإصلاح العلاقات بين الأطراف المختلفة في المنطقة، مستفيدة من إرثها العريق في العمل الدبلوماسي القائم على الحوار والتهدئة.
أشار المري إلى المبادرات والسياسات العمانية التي تدعم التسامح الديني والمساواة، حيث أوضح أن سلطنة عُمان لم تقتصر جهودها على المجال السياسي فحسب، بل امتدت لتشمل تعزيز قيم العيش المشترك بين مختلف الأديان والمذاهب.
وأضاف أن عُمان نجحت في دمج هذه القيم في كافة أوجه الحياة الاجتماعية والسياسية، مما جعلها نموذجًا فريدًا في المنطقة في هذا المجال.
وفي جانب آخر من خطابه، أكد المستشار جابر المري على أن الأفق العربي اليوم يظل مثقلًا بالتحديات الإنسانية التي يعاني منها العديد من الشعوب العربية.
وقال: “إن المعاناة التي يعيشها أهلنا في غزة وجنوب لبنان جراء العدوان والتدمير الممنهج لا يمكن أن تُعتبر مجرد أرقام أو تقارير صحفية، بل هي جراح نازفة يجب أن نتعامل معها بجدية وبإجراءات عملية ملموسة.”
واعتبر أن هذه المآسي الإنسانية تُحتم على العالم العربي تكثيف جهود التعاون والتضامن لتخفيف وطأة المعاناة، مطالبًا بضرورة تقديم الدعم العاجل والمستمر للمناطق التي تعاني من الحروب والدمار.
أشار المري إلى أن التضامن العربي يجب أن يكون أكثر من مجرد كلمات، بل أفعال ملموسة تساهم في تحسين الوضع الإنساني في مناطق الصراع.
وقال: “إن مسؤوليتنا كحكومات ومؤسسات عربية تتعدى مجرد تخفيف المعاناة، بل تشمل أيضًا دعم حقوق الإنسان ورفع مستوى الكرامة الإنسانية لجميع الشعوب العربية، وضمان أن يكون العدل والمساواة أساسًا للمستقبل.”
اختتم المستشار جابر المري كلمته بالتأكيد على أن تقرير سلطنة عُمان يمثل خطوة هامة نحو ترسيخ المبادئ التي ينادي بها الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وقال: “إن التزام سلطنة عُمان في تقديم تقريرها بهذه الدقة والشفافية يبرز إمكانية تحقيق تقدم ملموس في مجال حقوق الإنسان في العالم العربي، إذا ما استمر التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء.”
وأثنى على الجهود المبذولة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وأعضاء اللجنة، بالإضافة إلى الأمانة الفنية في دعم هذا العمل.
وفي الختام، وجه المري الشكر والتقدير إلى سلطنة عُمان على جهودها المتميزة في مجال حقوق الإنسان، مؤكدا أن هذه الجلسة ستكون إضافة قيمة لمسيرة العمل العربي المشترك في هذا المجال الحيوي.