أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، يوم السبت، عن عودة بلاده للوساطة في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا أن الخلافات بين حركة حماس وإسرائيل ليست جوهرية، رغم التحديات التي شهدتها المفاوضات في الفترة الأخيرة.
جاء ذلك في كلمة له خلال افتتاح منتدى الدوحة في نسخته الـ22، بعد شهر من تعليق قطر لدورها الوساطي بسبب ما اعتبرته "عدم جدية" من الأطراف المعنية.
وأوضح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن قطر عادت للمشاركة في المفاوضات بسبب "زخم جديد" في المحادثات بشأن وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن الانتخابات الأمريكية الأخيرة، والتي أسفرت عن فوز الرئيس دونالد ترامب، قد ساهمت في دفع العملية السياسية إلى الأمام.
وأكد أن الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة تؤثر بشكل كبير على لبنان وسوريا، داعيًا إلى بذل كافة الجهود لإنهاء هذه المأساة. وشدد على ضرورة الابتكار في إيجاد حلول شاملة للأزمات الدولية، مشيرًا إلى أن الوضع في غزة يتطلب تصعيدًا في الجهود الدولية لمواجهته.
وفي منتدى الدوحة، الذي يعقد هذا العام تحت شعار "حتمية الابتكار"، تناول الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني المأساة الإنسانية في غزة، التي وصفها بأنها "دوامة عنيفة وأزمة غير مسبوقة"، مؤكدًا أن هذه الأزمة تهدد استقرار المنطقة بالكامل. وأوضح أن نتائج الأزمة في غزة لا تقتصر على الأراضي الفلسطينية، بل تمتد تأثيراتها إلى لبنان وسوريا.
كما تحدث عن تجربة الوساطة التي قامت بها قطر في التوصل إلى هدنة مؤقتة في غزة، مشيرًا إلى أن هذه الوساطة تقدم رؤية شاملة حول إمكانيات الدبلوماسية وكيفية إيجاد حلول دائمة للأزمات.
وأكد الشيخ محمد أن الإنسانية تواجه تحديات كبرى، وأن الحلول التقليدية لا تكفي، ما يستدعي التفكير في أساليب جديدة لتجاوز الأزمات.
من جهة أخرى، كرّم منتدى الدوحة الصحافيين الذين عملوا في غزة، وقدموا جهودًا كبيرة في إبراز حقيقة ما يجري من إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وقد سلم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، الجوائز السنوية للمنتدى لستة صحافيين، بينهم وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة، ومعتز العزايزة الصحافي المستقل من غزة، وكارمن جوخدار مراسلة الجزيرة من لبنان، وغيرهم من الصحافيين الذين عملوا في مناطق النزاع في الشرق الأوسط.
وقد شهد منتدى الدوحة حضور عدد من القادة الدوليين والمسؤولين، حيث تم مناقشة مجموعة من القضايا الراهنة، من بينها تطورات الأوضاع في فلسطين ولبنان، بالإضافة إلى القضايا العالمية الأخرى المتعلقة بالأمن والسلم، وتحديات التحولات الاقتصادية والذكاء الاصطناعي.
كما تم تخصيص جلسات لمناقشة الأزمات الإقليمية والعالمية، مع التركيز على السبل الممكنة لحلها من خلال الدبلوماسية.
وفي هذا السياق، أشار منتدى الدوحة في نسخته السابقة إلى ضرورة مراجعة النظام الدولي، مع الانتقاد الشديد لعجز المجتمع الدولي عن حماية غزة في وجه العدوان الإسرائيلي، مشددًا على أن مواقف بعض الدول الغربية التي تدافع عن إسرائيل تساهم في استمرار هذه الجرائم.
وفي كلمته، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن ما يحدث في غزة يثير تساؤلات حقيقية حول جدوى النظام الدولي وقوانينه، معربًا عن أسفه من قبول بعض الأطراف الذرائع لاستهداف المدنيين.
كما سلط الضوء على أن منتدى الدوحة قد تحول إلى منصة عالمية تدافع عن حقوق العرب في مختلف القضايا، بما في ذلك الحقوق الفلسطينية، التي كانت دائمًا في قلب النقاشات.
المنتدى الذي تأسس في عام 2000 من قبل أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، يعتبر منبرًا للحوار المفتوح بين صانعي السياسات، القادة السياسيين، والخبراء من مختلف أنحاء العالم، ويمثل فرصة هامة للنقاش حول قضايا السلم والأمن، وابتكار الحلول للأزمات العالمية الراهنة.