ألقى الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول خطابًا علنيًا، قدم فيه اعتذارًا للأمة بعد محاولته المثيرة للجدل لفرض الأحكام العرفية، التي دفعت البلاد إلى أزمة سياسية غير مسبوقة وأثارت دعوات لعزله.
وفي خطاب استمر دقيقتين، قال يون: "هذا الإعلان الطارئ عن الأحكام العرفية جاء نتيجة يأس عميق بصفتي المسؤول الأول عن شؤون الدولة".
في خطوة مفاجئة ليلة الثلاثاء، أعلن يون الأحكام العرفية عبر خطاب متلفز غير مُعلن مسبقًا، ووجه اتهامات للحزب المعارض الرئيسي، الحزب الديمقراطي، بالتعاطف مع كوريا الشمالية و"القيام بأنشطة مناهضة للدولة".
تسبب هذا الإعلان في غضب شعبي واسع، حيث عانت كوريا الجنوبية سابقًا من آثار قمع الأحكام العرفية خلال فترات الحكم العسكري قبل تحقيق الديمقراطية في الثمانينيات.
سيستلزم ذلك دعم 200 من أصل 300 عضو في الجمعية الوطنية، لكن الأحزاب المعارضة التي قدمت مشروع العزل بشكل مشترك لا تملك سوى 192 مقعدًا، مما يعني أنها تحتاج إلى ما لا يقل عن ثمانية أصوات من حزب الشعب الحاكم (PPP).
تداعيات الأزمة
اعترف يون بالخطأ وأكد تحمله "المسؤولية القانونية والسياسية" الكاملة عن هذا القرار، كما نفى شائعات عن إمكانية محاولة أخرى لفرض الأحكام العرفية، مشددًا: "لن تكون هناك محاولة ثانية لتعديل الدستور"، مشيرا إلى تفويض حزبه بإيجاد حلول لتحقيق الاستقرار السياسي خلال الفترة المتبقية من ولايته.
مطالبات بالعزل وضغط داخلي
تصاعدت الضغوط على الرئيس يون سوك يول خلال الأيام الماضية، حيث دعا المحتجون والسياسيون المعارضون إلى عزله، بينما بدأ الدعم له يتراجع حتى داخل حزبه الحاكم والجيش.
بعد خطاب يون، صرح رئيس الحزب الحاكم، هان دونغ هون، بأن استقالة الرئيس أصبحت "حتمية"، وأوضح للصحفيين أنه "من المستحيل على الرئيس مواصلة أداء مهامه بشكل طبيعي"، مشيرًا إلى أن "استقالته المبكرة أمر لا مفر منه".
وفي تحول دراماتيكي بموقفه يوم الجمعة، دعا هان إلى تعليق مهام يون فورًا لحماية البلاد من "خطر جسيم".
تزامن اعتذار يون مع ظهور تفاصيل مثيرة للجدل حول قائمة اعتقالات وضعها الرئيس خلال الأزمة.
وفقًا لما ورد، أخبر يون نائب مدير جهاز المخابرات الوطنية، هونغ جانغ وون، في مكالمة هاتفية بضرورة "استغلال الفرصة لاعتقال وتنظيف كل شيء".
وأعطى يون الضوء الأخضر لجهاز المخابرات لإجراء تحقيقات مضادة وتوفير "الدعم الكامل بالأموال والموظفين دون قيد أو شرط".
أكد هونغ صحة هذه التفاصيل لشبكة CNN اليوم السبت، بعد أن تم الكشف عنها من قبل نواب مطلعين على المحادثة.
كما أفادت التقارير بأن قائمة الاعتقالات شملت سياسيين بارزين، من بينهم زعيم الحزب الديمقراطي المعارض لي جاي ميونغ، بالإضافة إلى هان نفسه.
هذا التصعيد يزيد من الضغط على يون، الذي يواجه تصويتًا على عزله في البرلمان، مع تصاعد دعوات الإصلاح السياسي وإنهاء ولايته مبكرًا.
من جانبها، أفادت وكالة يونهاب للأنباء أن أعضاء من جماعات المجتمع المدني من جميع أنحاء البلاد تجمعوا في سيول للمشاركة في مظاهرة أمام البرلمان قبل التصويت على عزل الرئيس يون سوك يول.
وكان اتحاد نقابات العمال الكوري (KCTU)، وهو أحد أكبر اتحادات العمال في البلاد، من بين الآلاف الذين تجمعوا للاحتجاج يوم السبت.
وأصدر الاتحاد بيانًا قال فيه: "الاعتذار لا يمكن أن يغطي على الخيانة"، ودعا إلى "العزل الفوري واعتقال الرئيس يون".
كما ذكرت يونهاب أن الشرطة احتجزت رجلًا في الخمسينيات من عمره بعد محاولته إشعال النار في نفسه احتجاجًا على إعلان يون للأحكام العرفية، وفقًا للمسؤولين.