05 - 05 - 2025

عن "خطاب الذات في السيرة الذاتية النسوية" للدكتورة نعيمة عاشور

عن

صدر في سلسلة "أفق" عن بيت الحكمة للثقافة كتاب "خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية" للدكتورة نعيمة عاشور. 

ينطلق الكتاب من أن دراسة السيرة الذاتية النسائية تبرز أهمية مسيرة كفاح المرأة العربية وتحفظ لها مواقفها، وتكشف عن علاقتها بمجتمعها وواقعها، وكيف تعاملت في ظل قضايا وجودية تعتبرها ركيزة أساسية في البحث عن ذاتها وإيجادها. وترى المؤلفة أن خطاب الذات في السيرة النسائية خطاب يتيح الإنصات إلي كل خطأ وتجربة ورؤية أو موقع للمرأة بناءً على تجربتها. ومن التواصل الخطابي الذي تحققه الأنثي الساردة من خلال قضاياها تستطيع صنع رؤية ذاتية خاصة في رأي المؤلفة. وهي ترى أن المرأة شيئا فشيئا بدأت تزاحم الرجل في صناعة الأدب، وقد بلغت كتابة ملامح السيرة الذاتية مبلغا عظيما من الانتشار والذيوع، ولم تكن المرأة العربية في عزلة عما يدور حولها في ظل الثورة المعلوماتية التكنولجية التي جعلت العالم أشبه بغرفة واحدة. 

وترى المؤلفة أنه ترتبت علي ذلك أن أحدثت كتابة السيرة الذاتية دويا هائلا لدي كثير من المثقفات العربيات اللاتي تفاعلن قويا مع هذا النوع من الكتابة. وعلي إثر ذلك برزت أهمية توجه تناول خطاب الذات في السيرة الذاتية النسائية للربط بين الظواهر اللغوية والبني الاجتماعية التي تؤثر بدورها علي بنية الخطاب الأدبي فزادته تركيبا، وذلك لإنتاج خصوصية أكثر تطورا وتجديدا في السعي نحو المزيد من الكشف عن العلاقات المرتبطة بالمجتمع، وكيفية ترابطها داخل النص، وكيفية تفاعلها الخطابي لإثبات العلاقة بين النص والسياق، لا سيما مع تزايد موضوعات الذات المرتبطة بمختلف الأحداث المجتمعية.

بنت المؤلفة دراستها علي عدد من السير الذاتية التي مثلت نقلات نوعية في هذا النوع من الأدب؛ بدءا من سيرة الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء) المعنونة"على الجسر بين الحياة والموت" والتي نشرت عام 1998، وسيرة فاطمة المرنيسي المعنونة "نساء على أجنحة الحلم" التي نشرت عام 1998، وسيرة "أوراقي حياتي" لنوال السعداوي، وسيرة رضوى عاشور "أثقل من رضوى"، و"أوراق شخصية" للطيفة الزيات وغيرها. لكن في العامين الأخيرين برزت سيرتان لم تدخلا في هذه الدراسة؛ الأولى لنوارة نجم عنوانها"وأنت السبب يابا" وهي سيرة فريدة تعكس علاقة الأب أحمد فؤاد نجم بالابنة عبر مراحل مختلفة وصلت لتعاطف الابنة مع زوجة الأب وصراعها مع الظروف من سجن الأب عدة مرات إلي مراحل الحياة الصعبة للأم صافيناز كاظم. في حين قدمت نولة درويش سيرة ذاتية فريدة عنوانها "وأجمل الذكريات ستأتي حتما". والسيرتان مثال جيد لتطور السيرة الذاتية النسائية، وهذا ما يعني أن هذه الدراسة بداية لنوع متميز في الدراسات النقدية العربية. ومن الملفت للانتباه أن المؤلفة ألحقت بدراستها ثبتا للمصطلحات مما يجعل الباحث داخل الدراسة يلم بالمفاهيم التي تقصدها.

وأخيرا؛ هل يمكن أن نعتبرهذه الدراسة ميلادا لناقدة جديدة في ساحة النقد الأدبي العربي؟ لا شك أن هذا يتوقف على ما ستقدمه في السنوات القادمة.
--------------------------------
بقلم: د. خالد عزب