30 - 04 - 2025

مؤتمر الصحفيين السادس .. جيل يقدم أوراق اعتماده

مؤتمر الصحفيين السادس .. جيل يقدم أوراق اعتماده

٦٠ عامًا مرت على أول مؤتمر عام دعت إليه نقابة الصحفيين عام ١٩٦٤ برئاسة شيخ الصحفيين النقيب حافظ محمود. 

ومنتصف الشهر الجاري تعقد نقابة الصحفيين برئاسة النقيب خالد البلشي مؤتمرها السادس، ليضاف إلى سجل طويل من الكفاح دفاعًا عن حرية الصحافة وعن حقوق الصحفيين.

لقد انتبهت الجماعة الصحفية مبكرًا إلى أهمية استمرار الحوار حول قضاياها، ومناقشة همومها، وكان هذا هو السبيل الذي استمر نحو ٥٠ عامًا حتى انتزعت حقها في إنشاء تنظيمها النقابي عام ١٩٤١، وبعدها اعتمدت فلسفة عقد جمعياتها العمومية على فترات متقاربة، ليكون صوتها مسموعا ورسالتها واضحة لكل من يحاول الاعتداء أو العدوان عليها، وأضافت الجماعة الصحفية فكرة تفعيل آلية المؤتمرات العامة كوسيلة لتحقيق المطالب المهنية والنقابية المتراكمة والملحة والمزمنة، والتعبير عن رؤيتهم في كثير من القضايا.

ومن يتابع حصاد هذه المؤتمرات يرصد كم ساهمت بشكل ايجابي علي مسار التشريعات الخاصة بالصحافة وبدور النقابة، وتجلى ذلك في مواد الصحافة والإعلام في دستور ٢٠١٤، رغم أن المناخ العام أخرسها وسرق روحها!

وبمناسبة الإعداد للمؤتمر العام السادس الذي يطرح العديد من المحاور التي تخص مستقبل المهنة ويتناول اوضاع الصحفيين - اقول لزملائي وزميلاتي أرجو ألا ننسى وقد أدمننا التواصل عبر عوالم افتراضية ومنصات مختلفة والتي تظل رغم أهميتها من المكملات، لكنها لا تغني عن الأصل في التلاقي والحوار المباشر .

‎فهذه الوسائل وحدها لو وجدت منذ عقود لم تكن لتؤدى إلى انتزاع حقنا في إنشاء كياننا النقابي، أو تصدينا لما عرف بقانون "اسطفان باسيلي" عام ١٩٥١ الذي أراد تقييد حرية الصحافة، أو تراجع الرئيس السادات عن قراره بتحويل النقابة إلي ناد، أو عقد جمعية عمومية تستمر لمدة عام في حالة انعقاد حتي تم إسقاط القانون ٩٣ لسنة ١٩٩٥، أو خروجنا في مسيرة عام ٢٠٠٦ من النقابة إلي البرلمان نطالب بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، أو حتى لقاءاتنا معا عشرات المرات في الجمعيات العمومية العادية أو الطارئة لمواجهة كثير من الهجمات التي استهدفت المهنة، أو شكلت موقفا جماعيا من قضايا وطنية وقومية في مقدمتها قرارات حظر التطبيع، وغير ذلك الكثير والكثير.


أصارح زملائي وأبنائي وأنا من جيل انصهر داخل البيت النقابي في كثير من المعارك أنني أصبحت أخشى أن يستبدل بعضنا الفضفضة عبر الأثير بالحوار المباشر داخل بيتهم النقابي فتذهب أحلامنا ومواقفنا أدراج الرياح، وأصارحهم- وقد عرفت قدر همومهم وأحلامهم- أنني أصبحت أحيانا أنزعج وأنا أتابع بعض المناقشات المتداولة بينهم في هذا الفضاء الواسع من خشونة في لغة الحوار بين أخوة وزملاء بغير داع، واختلاط بين العام والخاص بغير فواصل، واختفاء الفوارق بين الشخصي والمهني، فنحن تجمعنا مشتركات مهنية ونقابية، اما الخصوصيات فهي من شأن أصحابها فقط وليس لأحد منا حق الإطلاع عليها.

إنني لعلي ثقة من أن الأجيال الجديدة التي عبرت عن نفسها بشجاعة وجسارة في مواقف كثيرة منها رفض اقتحام النقابة من خلال جمعية عمومية تاريخية اجتمعت في ظروف صعبة ووسط حصار، وكذلك في التعبير عن نفسها في الانتخابات الأخيرة للنقابة عندما أخرجت الكيان والدور النقابي من غرفة "الرعاية المركزة " إلي الحيوية والحياة، لقادرة على مزيد من الفعل.

نعم المؤتمرات العامة هي إحدى الأدبيات التي ابتدعها العقل الجمعي  للصحفيين لتواصل الحوار بعمق وتأنى في كثير من قضاياهم الشائكة.
 من هنا يكتسب المؤتمر العام السادس الذي يدعو إليه مجلس النقابة أهميته باعتباره فرصة لهذه الأجيال الجديدة التي شاءت الأقدار أن تعيش ظروفاً وأوضاعاً استثنائية وغير مسبوقة، لتقول كلمتها في سجل طويل من الكفاح والمعافرة.
---------------------------------
بقلم: يحيى قلاش
* نقيب الصحفيين السابق

مقالات اخرى للكاتب

 التعديل اللقيط