عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر بالقاهرة، صدر حديثا كتاب: "الدبلوماسية الثقافية البديلة: إعادة تأسيس الثقافة العربية"، للباحث د. حاتم الجوهري. يطرح الكتاب مقاربة جديدة لتفعيل مجال "الدبلوماسية الثقافية"، بغرض تحقيق "تبادل المزيج الثقافي" بين العالم والدول العربية، تتجاوز المركزية الغربية. يتضمن الكتاب ستة فصول، الفصل الأول بعنوان: ملامح الدبلوماسية الثقافية البديلة، والفصل الثاني بعنوان: مبادرات وتطبيقات في الدبلوماسية الثقافية البديلة، والفصل الثالث بعنوان: التراث الثقافي ودوره في الدبلوماسية الثقافية البديلة، والفصل الرابع بعنوان: دبلوماسية المشترك الثقافي العربي أنموذجا بديلا، والفصل الخامس: في إعادة تأسيس الثقافة العربية وآفاقها البديلة، والفصل السادس: بدائل الثقافة العربية بين الذات والآخر والأدب والسياسية. يشتمل كل فصل على مجموعة المقالات، والمقابلات الصحفية؛ والمبادرات التطبيقية ونصوصها ذات الصلة، ليطرح حزمة من الأفكار والخبرات والتجارب والمشاريع التي تشكل نسقا معرفيا يطرح حجته ومنطقه الخاص في الدبلوماسية الثقافية البديلة، أو ليشكل حزمة متناغمة من التصورات التي تدعم بعضها بعضا.
ينطلق الكتاب في فصله الأول من المقالة التي كتبها المؤلف وأسست لأطروحة الكتاب حول الدبلوماسية الثقافية البديلة منذ سبع سنوات تقريبا بداية عام 2018م، بعنوان: "نحو ثقافة عالمية جديدة: دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي"، وفي الوقت نفسه يقدم الكتاب مفاهيم عدة وتصورات جديدة لأدوار: الثقافة، والمثقف، والتراث، والأدب، في سياق الدبلوماسية الثقافية البديلة وفي السياق الثقافي العام، ويطرح بعض المفاهيم الجديدة – سواء نقدا أو تأسيسا- مثل مفهومي "المحاصصة الهوياتية" و"إعادة توظيف" التراث، ومفهوم "الذات العربية المختارة"، كما يقدم تصورا لمفهوم "التراث الثقافي غير المادي" الذي قدمته اليونسكو موضحا السياق التاريخي للتسمية ويفك الاشتباك حول علاقته بـ"التراث المادي". وكذلك يقترح معيارا للتمييز بين الصناعات الثقافية والصناعات الإبداعية، والكثير من القضايا الثقافية والمفاهيم ذات الصلة.
يقف المتن الأساسي للكتاب على موضوع الدبلوماسية الثقافية البديلة وإعادة التأسيس للثقافة العربية في القرن الحادي والعشرين، وإلى جوار هذا المتن كان الكتاب يمر على قضايا أدبية أو موضوع الترجمة أو موضوع الإرهاب أو القضية الفلسطينية، أو الجدل بين الذات والآخر... الخ، لكن معظم تلك القضايا كان تناولها يأتي من منظور كلي يسهم في إعادة تأسيس الثقافة العربية والبحث عن آفاق جديدة لها، وفي الوقت نفسه سبل توظيف القضايا الجزئية والفرعية كلما أمكن في نسق عام لدبلوماسية ثقافية جديدة فاعلة تخدم الذات العربية في القرن الحادي والعشرين.
ويذكر أن المؤلف عمل منذ عام 2015م على مشروع تطوير "المركز العلمي للترجمة" في الهيئة المصرية العامة للكتاب، ليتخصص في مجال الترجمة للآخر عن اللغة العربية وفق مفهوم جديد للدبلوماسية الثقافية يسعى إلى تغيير الصورة النمطية العربية، ويعتمد على الوعي الدبلوماسي وخصوصية الخطاب الموجه لكل جماعة إنسانية ومحددات تلقيه.
وسبق أن قدم المؤلف مساهمات عدة ومقاربات ثقافية وبحثية عبر الفهم الثقافي/ السياسي المشترك لعدة تمثلات في السياسات الدولية الجديدة في القرن الحادي والعشرين، وتأسيس مقاربات ثقافية أو بالأصح جيوثقافية جديدة للتعامل معها، مثل الإحاطة بـ"مشروع الأوراسية الجديدة" الروسي وتأثيره عربيا ومصريا، وكذلك "مشروع الأفروسنتريك" والمركزية العنصرية الأفريقية السوداء وتأثيره على الثقافة العربية عامة وبعدها الجيوثقافي خصوصا، وكذلك البعد السياسي لتمدد طريق الحرير الصيني الجديد وأثره الجيواستراتيجي عموما وفي أفريقيا تحديدا، وكذلك المشاريع الجيوثقافية الإقليمية المتدافعة مع الذات العربية وفضائها الجغرافي.