17 - 06 - 2025

كتاب جديد يكشف قراءة آينشتاين لمستقبل الصهيونية ودولتها: تشبه النازية والفاشية ومصيرها الفناء

كتاب جديد يكشف قراءة آينشتاين لمستقبل الصهيونية ودولتها: تشبه النازية والفاشية ومصيرها الفناء

رسالة آينشتاين إلى وايزمان: "إن لم يكن في استطاعتنا أن نجد اتفاقاً شريفاً (صادقاً) للتعاون مع العرب في فلسطين، فهذا دليل على أننا لم نتعلم من معاناتنا خلال أكثر من ألفي عام، ولنؤكد أننا نستحق المأساة المحتومة التي ستقع علينا".

رسالة لعصابة شتيرن: "عندما تحل المأساة الحقيقية والمحتومة علينا في فلسطين، يومها سيكون المسؤول الأول عنها هم البريطانيون، والثاني هي المجموعات الإرهابية"

منذ نشأتها، لم تترك الحركة الصهيونية أي باب يمكن لها الاستفادة منه إلا وطرقته، وتركيزها لليوم على أصحاب النفوذ، مثل صاحب النفوذ المليونير روتشيلد وعائلته أو اللورد بلفور الذي أصدر مذكرة الوعد الشهيرة والتي سميت باسمه لاحقاً. 

والأهم من ذلك أن الحركة الصهيونية اعتمدت منذ بداياتها على الدعاية الاعلامية بمفرداتها آنذاك، وحاولت جلب وضم كل من لها أن تستفيد منه في حملتها الدعائية إلى صفوفها، بغض النظر عن انتماءاتهم أو ميولهم ما دام أحدهم يعد من المشاهير أو المؤثرين. 

وهذا ما حدث مع العالم الفيزيائي آينشتاين، والذي رغم أصوله اليهودية، إلا أنه لم يكن من المتدينين، وقد أعلن في أكثر من مناسبة وأمام الصحفيين "أنه يعتبر نفسه ذو ثقافة يهودية". ومصطلح "ذو ثقافة" يطلق في الغرب على كل من نشأ في بيئة، بيت كان أو وطن، تغلب عليه ثقافة دينية ما، ويحمل المصطلح تحديدا عدم ممارسة الشخص لتلك الديانة، أو أنه لا يؤمن بها. كما يوصف في الغرب أولئك الذين لا يعتبرون انفسهم مسيحيين بذوي الثقافة المسيحية، أو أولئك من الأصول غير الأوروبية ولا يمارسون شعائر وطقوس دين عائلاتهم، مثلا اليهودية أو الإسلامية، بأنهم ذوي ثقافة يهودية أو إسلامية، لما تتركه تلك الثقافة، حتى وإن كانت محصورة في المحيط العائلي، على ثقافة الفرد من آثار، كما يترك المجتمع وثقافته السائدة أثرها الثقافي على الفرد. أما مقولة آينشتاين "ذو ثقافة يهودية" فهو يشابه المسلمين الذين يولدون ويكبرون في أوروبا، في مجتمعات تسود فيها الثقافة المسيحية التي تنعكس في الاحتفالات والعادات والتقاليد، ولكنهم يعتبرون أنفسهم ذوي ثقافة مسيحية رغم أنهم مسلمون، أو المسيحيون في البلدان العربية، فهم لا ينكرون تأثير الثقافة المسيحية على نشأتهم حتى وإن كانوا من غير المؤمنين أو مِمَن لا يمارسون المسيحية، والذين يطلق عليهم العلمانيون، رغم أن هذا المصطلح غير دقيق لأنه مصطلح مؤسساتي أكثر منه فكري، ويعبر عن الانتماء إلى فريق يناصر فصل الدين عن الدولة ولا يعبر عن انتماء الفرد الديني.

الدعاية الصهيونية

عندما أخذ إسم آينشتاين يتردد في الأوساط العلمية بشكل غير مألوف بعد نشر نظريته حول النسبية في مطلع القرن العشرين، لم تتوان الحركة الصهيونية في محاولة التقرب منه ودعوتها له للانضمام إلى صفوفها. والجدير بالذكر هنا، أن الحركة الصهيونية لم تأبه بأن يكون الفرد عضواِ فيها أم مناصراً أو داعماً بأي شكل لأفكارها، المهم أن يقترن اسمه بالحركة، فما بالك إن كان حامل الاسم من المشاهير والمؤثرين! ولذا كان من صالح الدعاية الصهيونية أن تنشر، بأساليب مباشرة أو غير مباشرة، أن آينشتاين كان من أنصارها، ودأبت تؤكد على تأييده لإقامة "وطن" لليهود، وهذا صحيح، ولكنها لم تذكر اعتراضه على إقامة "دولة" لليهود، الرأي الذي نجده موثقاً في أكثر من تصريح ومكان في أرشيفه وفي أرشيف الصحافة الغربية. ومما تستند الدعاية الصهيونية إليه هو ترشيحه لمنصب رئيس الدولة الإسرائيلية الحديثة بعد وفاة أول رئيس لها، حاييم وايزمان، عام 1952، عندما عرض رئيس الوزراء بن غوريون عليه ذلك المنصب. ولكن هذه الدعاية لم تنشر يوماً رفضه الصريح للعرض، ورده الذي تضمن: "لا يمكنني القبول وذلك لأنني سأقول ما لا يحب أن يسمعه الإسرائيليون". وهذه الكلمات قلما نسمعها أو نقرأها، ولا يعثر عليها إلا المتابعين لأرشيف الصهيونية وأرشيف آينشتاين الشخصي. غير أنه من المنصف أن نذكر أن الصحفي فريد جيروم قد أصدر كتابا تناول فيه آراء آينشتاين حول الصهيونية وحول دولة إسرائيل عام 2009  ولكن دار النشر حينها اكتفت بطبعة محدودة، نفدت بسرعة ولم يعد الكتاب متاحا للقارئ، حتى عادت دار نشر كندية (باراكه) هذا العام طبعه بنفس العنوان مع الإضافات التي لم تتضمنها الطبعة  الأولى، وقامت بنشره لأهميته خاصة في المرحلة الحالية، حيث تدور حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، وحيث يتعرى المخطط الصهيوني، الذي حذر منه آينشتاين، بوضوح أمام أنظار العالم.

وقد سبق للكاتب فريد جيروم أن أصدر عدة كتب عن صراع القوى على أعلام العلوم والآداب، كذلك كان متخصصا في أرشيف آينشتاين، حيث أصدر العديد من الكتب حول نظرة أينشتاين من العنصرية "أينشتاين والعرق والعنصرية" وكيف صنفت المخابرات الفيدرالية الأمريكية هذا العالم الفيزيائي في كتابه "أرشيف آينشتاين". أما ما يتناوله هذا الكتاب بالتحديد فهو علاقة أينشتاين بالصهيونية وآراؤه عن قيام دولة إسرائيل منذ عام 1914  وحتى وفاته عام  1955، جامعاً كل ما كتبه أينشتاين وما أدلى به للصحافة والمحافل الاعلامية والمؤتمرات العلمية، وإلى الوثائق الصهيونية غير المعروفة.

كتاب "آينشتاين حول إسرائيل والصهيونية"

يتحدث الكاتب في هذا الكتاب عن أول تواصل بين الحركة الصهيونية وآينشتاين، عندما بعث له مندوب منظمة "شتيرن" الصهيونية في نيويورك، شيبارد ريفكن، يطلب منه الاجتماع بممثلي هذه المنظمة، أجاب أينشتاين: "عندما تحل المأساة الحقيقية والمحتومة علينا في فلسطين، يومها سيكون المسؤول الأول عنها هم البريطانيون، والثاني هي المجموعات الإرهابية التي نشأت بين صفوفنا. أنا شخصياً، لا أود أن ألتقي أياً كان له علاقة بهؤلاء المضللين المجرمين". أما عند زيارة مناحيم بيغن لنيويورك عام 1948، فقد اصدر بياناً مع المفكرة اليهودية "هانه آرند" ومجموعة من مشاهير اليهود دعا فيه لإدانة هذه الزيارة وللمنظمة الفاشية التي ينتمي إليها بيغن، ومما جاء في هذا البيان:"إن هذه المنظمة تشبه في تنظيمها وأساليبها وفلسفتها السياسية وممارساتها، النازية والفاشية على حد سواء.." وقد ذكّر الموقعين بمذبحة دير ياسين التي قادها بيغن ومنظمته بحق الفلسطينيين. ولم يتخلى عن رأيه حتى مماته، فقد أعاد وكرر نفس الرأي بهم عام 1955:"هؤلاء نازيون في أفكارهم وأفعالهم". 

وفي عام 1921 عندما علم الناشط الصهيوني "كورت بلومنفيلد" بأن وايزمان، الذي أصبح أول رئيس لدولة إسرائيل لاحقاً، ينوي دعوة آينشتاين لالقاء كلمة في مؤتمر للصهيونية، كتب مباشرة إليه: "كما تعلم فان أينشتاين ليس بصهيوني، وأتمنى عليك أن لا تحاول ضمه إلينا بأي شكل من الأشكال، فلهذا الرجل ميول اشتراكية وهو منخرط في قضية العمال والعمالة اليهودية، ويتحدث في غالب الأحيان بدافع السذاجة التي ليست مرحبة في منظمتنا. ارجو منك الحذر منه..". ويعتبر رأي بلومنفيلد صائباً في آينشتاين الذي اعتبرته الصهيونية عقبة في طريقها ولن يعود بأية فائدة على هذه الحركة.

وقد أعاد آينشتاين رأيه عن "المأساة المحتومة" في أكثر من وقت، ونجدها في مراسلاته مع وايزمان والتي تؤكد اختلاف رؤيته عن رؤية الصهيونية. ففي عام 1929، كتب جواباً لوايزمان تضمن التالي: "إن لم يكن في استطاعتنا أن نجد اتفاقاً شريفاً (صادقاً) للتعاون مع العرب في فلسطين، فهذا دليل على أننا لم نتعلم من معاناتنا خلال أكثر من ألفي عام، ولنؤكد أننا نستحق المأساة المحتومة التي ستقع علينا"، وما يقصده هو اقامة دولة يهودية في فلسطين حسب النص التوراتي. 

واليوم تأكدت لنا رؤية آينشتاين الحكيمة، والتي رأى فيها أن عدم الاتفاق الصادق مع العرب سيؤدي إلى جعل إسرائيل أخطر مكان يمكن لليهودي التواجد فيه، كما شهدناه خلال العقود الثمانية الماضية وليومنا هذا. كما كتب لاحقاً في نفس العام وبعد رسالته هذه إلى وايزمان، رسالة إلى "زيليك برودتسكي" ممثل الصهيونية في لندن، جاء فيها:"انني سعيد أن لا سلطة لدينا اليوم، لأنه لو كان لهذه الجماعات القومية المجنونة سلطة كافية، لفجرت رؤوسنا (اليهود)، كما نستحق". وقد كتب ناشره ومترجمه، ليون سايمون، "في قومية آينشتاين لا يمكن لأحد أن يجد أي أثر للعنف أو الشوفينية، فهو يرى أن أية سطوة لليهود في فلسطين على العرب أو أي عداء بين هاتين القوميتين معناه فشلاً ذريعاً للمشروع الصهيوني". 

وعلى عكس المبدأ الصهيوني، دعم آينشتاين امكانية قيام وطن لليهود وليس دولة، والفرق يكمن بعدم تأييده لقيام دولة دينية، ثيوقراطية، كما هي إسرائيل اليوم. وانما وطن تكون فيه حقوق ومصالح اليهودي محفوظة في الدستور، كما هي حقوق ومصالح الفئات الأخرى في الدولة المزعومة. ولم يحدد، كما فعلت الصهيونية، أن تكون فلسطين هي الموطن لليهود، بل أي مكان في العالم يكفل لهم حقوق المواطنة، وذلك لأن نظرته لم تكن دينية أو استعمارية. وعندما طرحت أماكن اخرى مثل بيروبيجان (في الاتحاد السوفيتي سابقا) رحب بها وأكد شرطه على أن يكون ذلك بالاتفاق مع سلطات وسكان تلك المنطقة. 

وقد كتب مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية:"علينا أن لا ننسى، أنه خلال السنين التي تعرض لها اليهود للاضطهاد والملاحقة، أنقذ الاتحاد السوفيتي حياة مئات الآلاف من اليهود.. وما نقل ثلاثون ألفاً من الأطفال اليهود الناجون من النازية إلى بيروبيجان في الاتحاد السوفيتي وتأمين حياة كريمة لهم في المستقبل إلا دليلاً على النظرة الانسانية لديهم اتجاه اليهود، وعلينا ان ندعم مثل هذا التوجه لكي نحافظ على حياة ما تبقى من اليهود في أوروبا".

ولا ننسى أن السلطات الأمريكية، وخاصة المخابرات الفيدرالية، لم تكن راضية عن تصريحات آينشتاين بشكل عام، وقد استدعي للإدلاء بآرائه أمام اللجنة الإنجلو- أميركية في واشنطن عام 1946، وعندما سئل عن رأيه في إمكانية قيام دولة لإسرائيل بدلاً من وطن لليهود، أجاب بشكل لا يقبل الشك: "لم أدعم يوماً قيام دولة لليهود". وبعد عام من ذلك، وقبل الاعتراف بدولة إسرائيل في الأمم المتحدة، أجاب على أسئلة أي. ز. ديفيد، عضو منظمة "إرغون" الارهابية الصهيونية والتي كان يقودها مناحيم بيغن، حول رأيه في قيام دولة يهودية حرة في فلسطين، أجاب:"وطن لليهود، نعم، أما دولة يهود في فلسطين، كلا. أنا ادعم فلسطين حرة متعددة القوميات وبشرط الاتفاق مع العرب مسبقاً". وعن رأيه في تقسيم فلسطين، أجاب: "إنني ضد أي تقسيم لفلسطين".

في تقديمه للنسخة الجديدة من كتاب فريد جيروم في أغسطس من هذا العام، كتب الناشر روبين فيلبوت في الصحيفة الكندية كنديان دايمنشز:"مئات إن لم يكن آلاف من الناس اتهموا بمعاداة السامية أو سرحوا من وظائفهم لأنهم تجرأوا وانتقدوا سياسات دولة إسرائيل أو بحق نعتوها بأنها دولة نظام عنصري أو تحدثوا عن الابادة الجماعية التي تقوم بها منذ أكثر من عام بحق الفلسطينيين. ولكن لهم ان يركنوا إلى أنهم في صحبة خيرة، لأنه لو كان آينشتاين على قيد الحياة اليوم لكان واحدا من الحشود المتظاهرة معهم ضد هذا الكيان".

الصهيونية العالمية

إن هدف الصهيونية العالمية الأسمى هو قيام دولة إسرائيل الكبرى على ما تدعي أنه أرض إسرائيل "التاريخية" من النهر إلى البحر، أو قيام دولة إسرائيل العظمى من الفرات إلى النيل. وتجد الصهيونية فيمن يدعم هذا الهدف، كسبا بغض النظر عما يحمله ذلك الداعم من أفكار، حتى وإن لم تكن من أجل اليهود، مثل المسيحية الإنجيلية، أو المسيحية الصهيونية، التي تؤمن بأن قيام دولة إسرائيل هي تحقيق لما جاء في النصوص الإنجيلية، وأن عودة المسيح الثانية مرتبطة، حسب التفسير الإنجيلي، بعودة اليهود إلى أرض الميعاد. وهناك ما يزيد على اكثر من ثلاثين مليوناً من الأمريكيين ينتمون إلى هذه الطائفة، ومن بينهم اعضاء برلمانيون ووزراء ورؤساء لأمريكا، مثل بايدن وترامب. أما اللوبي "أيباك" الصهيوني، فهو الأخر لا يفرق بين من يدعمهم، إن كانوا من الجمهوريين أو الديمقراطيين، ما داموا يدعمون الكيان الإسرائيلي، ويشجعون على عودة اليهود إلى فلسطين ويساهمون في بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل السفير الأمريكي الجديد "مايك هاكبي"، المعّين من قبل ترامب، والذي يعد من اشد المتحمسين للمسيحية الإنجيلية، والذي صرح في العديد من المناسبات عدم وجود لضفة غربية، وانما هناك يهودا وسامرة، وليس هناك مستوطنات، وانما اراضي يهودية نص عليها الكتاب المقدس. 

وتناصر الحركة الصهيونية المسيحيين الصهاينة، رغم أن تفسيرهم للنص الإنجيلي يزعم بأن عودة المسيح ستمثل نهاية للدين اليهودي، فمن لا يتبع المسيح من اليهود سوف يفنى من على وجه الأرض. كذلك هو الأمر عندما تبنت هذه الحركة أطروحة البقاء للأقوى/ للأفضل لشارلز داروين، لم يكن ذلك نابعاً عن إيمانها بالأطروحات العلمية، ولكنها روجت لها كدليل على بقاء اليهود وتفوقهم رغم الاضطهاد الذي عانوه في أوروبا على مدى التاريخ. 

إن كان آينشتاين صائباً في رؤيته لقيام دولة إسرائيل، كما هي أطروحاته ونظرياته في العلوم، فان نهاية المشروع الصهيوني حتمية، كما عبر عنها في اكثر من مناسبة. وفي النهاية لنا ان نذكّر برأيه في التحالف البريطاني- الأميركي الأمبريالي بعد الحرب العالمية الثانية، حين كتب:"يبدو لي أن أعزاءنا الأمريكيين يصممون سياساتهم الخارجية على النموذج الألماني، بعد أن ورثوا منه التفاخر والغرور، وأخذوا يلعبون نفس الدور الذي كان البريطانيون يلعبونه في العالم. إنهم يرفضون أن يتعلموا من بعضهم أو على الأقل أن  يستفيدوا من تجاربهم القاسية. ما زرع في رؤوسهم منذ الصغر يبدو مترسخاً ويقوى على التجارب والعقلانية، وخير دليل على ذلك هو الإنكليز وممارساتهم التقليدية في اضطهاد الشعوب مستخدمين لا أخلاقية الطبقات الاقتصادية العليا، وهذا سيكلفهم أمبراطوريتهم قريباً. فهم غير قادرين على التغيير، إن كانوا من المحافظين أو من الاشتراكيين، كما كان حال الألمان بالضبط. وهذا لن يكون في صالح الخير ولا في صالح المضطهدين".
----------------------------------
عرض بقلم: د. سليم العبدلي
(عالم الفيزياء بجامعتي الدنمارك وبكين وكاتب ومترجم)

الكتاب "Einstein on Israel and Zionism"
المؤلف Fred Jerome
الناشر Baraka nonfiction
السنة 2024