17 - 06 - 2025

توقعات الحرب في غزة بعد تولي ترامب الرئاسة الأمريكية.. سيناريوهات وآفاق النزاع

توقعات الحرب في غزة بعد تولي ترامب الرئاسة الأمريكية.. سيناريوهات وآفاق النزاع

مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024، عاد التوتر والقلق إلى منطقة الشرق الأوسط، وخاصةً في قطاع غزة، فعلى الرغم من أن ترامب لم يكن رئيسًا للولايات المتحدة منذ عام 2021، إلا أن عودته إلى منصب الرئاسة من خلال الانتخابات في 2024 قد يُعيد إشعال الكثير من القضايا العالقة في المنطقة، من بينها النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، والذي يظل مركزه غزة.

تاريخيًا، اتسمت سياسة ترامب تجاه القضية الفلسطينية بالتحيز الواضح لصالح إسرائيل، وهو ما أسهم في تعميق التوترات في الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة بشكل خاص. 

فماذا يعني تولي ترامب الرئاسة مجددًا بالنسبة لمستقبل الحرب في غزة؟ وهل ستكون هناك تغييرات في السياسة الأمريكية تجاه هذا الصراع؟

1. الاستمرار في دعم إسرائيل: تكثيف العمليات العسكرية ضد غزة

منذ ولايته الأولى، كان ترامب قد أظهر دعمًا غير مشروط لإسرائيل، وهو ما تجسد في قرارات هامة مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.

 هذا التوجه لم يتوقف عند التصريحات السياسية، بل شمل أيضًا تأييدًا واضحًا لسياسات إسرائيل العسكرية في غزة.

من المتوقع أن يستمر هذا الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل في ظل ولاية ترامب الثانية، مما سيمنح الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر لتكثيف عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، خاصة في حالات التصعيد التي تشهدها المنطقة بين حين وآخر،  فالإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب قد ترى في التصعيد العسكري وسيلة للضغط على حركات المقاومة الفلسطينية، مثل حماس، لتقليص قدرتها على المقاومة أو التفاوض وفق الشروط الإسرائيلية.

كما أن التوقعات تشير إلى أن العمليات العسكرية في غزة قد تستمر بل وتتوسع في حال عودة ترامب إلى الرئاسة. فإسرائيل قد تعتبر أن الدعم الأمريكي القوي، الذي سيشمل تزويدها بالأسلحة والمساعدات العسكرية، سيمنحها القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق دون خوف من تداعيات دولية كبيرة.

2. الضغط على الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية: تعزيز الحصار والعزلة

تحت إدارة ترامب في ولايته الأولى، شهدنا تقليصًا حادًا في المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، حيث تم قطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة إلى تقليص الدعم المالي المقدم للسلطة الفلسطينية. 

وكان الهدف من هذه السياسات دفع الفلسطينيين للقبول بخطة "صفقة القرن" التي كانت تهدف إلى تسوية النزاع بشكل لصالح إسرائيل، إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض في نوفمبر 2024، فمن المرجح أن تتبع إدارته نفس السياسات القاسية تجاه الفلسطينيين. فبدلاً من الضغط على إسرائيل للتوصل إلى تسوية، ستكون الضغوط الأمريكية على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية أكثر حدة، وهو ما سيزيد من تعقيد الأوضاع المعيشية في غزة.

إضافة إلى ذلك، من الممكن أن تستمر إدارة ترامب في فرض المزيد من الحصار على غزة، ما يزيد من حدة المعاناة الإنسانية في القطاع. هذه السياسات قد تؤدي إلى تصعيد جديد في العنف، حيث من المتوقع أن تعزز حركة حماس من موقفها المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، مما يوسع دائرة العنف إلى مستويات قد تكون أكثر خطورة.

3. التغيرات في التحالفات الإقليمية: تأثير اتفاقيات أبراهام

من أبرز التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال ولاية ترامب الأولى كانت "اتفاقيات أبراهام"، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مثل الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. 

هذه الاتفاقيات كانت بمثابة تحول استراتيجي في سياسة المنطقة، حيث انقلبت الأولويات الإقليمية لصالح التعاون بين إسرائيل ودول الخليج بدلاً من التركيز على القضية الفلسطينية.

إذا عاد ترامب إلى منصبه في 2024، من المرجح أن يستمر في تعزيز هذه التحالفات، مما يخلق بيئة إقليمية قد تضعف من موقف الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل، فالتطبيع مع إسرائيل قد يخلق مزيدًا من الضغوط على السلطة الفلسطينية وحركة حماس، حيث ستجد نفسها في عزلة أكبر من العالم العربي والإسلامي.

هذا التغيير في التحالفات قد يعزز من موقف إسرائيل في المنطقة، ويمنحها المزيد من الحماية على الساحة الدولية. في المقابل، قد ترى حركات المقاومة الفلسطينية في هذه التحولات تهديدًا إضافيًا لمستقبل القضية الفلسطينية، ما قد يدفعها إلى التصعيد العسكري في غزة كرد فعل على هذا العزلة السياسية.

4. الانتقادات الدولية والتحديات الدبلوماسية

على الرغم من الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل، فإن عودة ترامب إلى الرئاسة قد تواجه انتقادات دولية واسعة، خاصةً من دول العالم الثالث والمنظمات الإنسانية التي تندد بالحصار والعدوان الإسرائيلي على غزة.

 قد يتصاعد الضغط الدولي على الولايات المتحدة في حال استمرار التصعيد العسكري في القطاع، لكن ترامب معروف بنهج "أمريكا أولًا"، الذي يضع المصلحة الأمريكية فوق أي اعتبار دولي.

في هذا السياق، يمكن أن تعزز عودة ترامب إلى البيت الأبيض من عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية، خاصةً في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. قد يؤدي هذا الوضع إلى مزيد من التأجيج للغضب الدولي تجاه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، مما يعقد الجهود الدولية للتوصل إلى حلول دبلوماسية.

5. السيناريوهات المستقبلية: التهدئة أم التصعيد؟

إذًا، ماذا يعني فوز ترامب في انتخابات 2024 بالنسبة للمستقبل القريب للحرب في غزة؟ وفقًا للاتجاهات الحالية، يبدو أن التصعيد العسكري سيظل الخيار الأكثر احتمالًا في حال عودته إلى الرئاسة. من المرجح أن تواصل إسرائيل تكثيف عملياتها ضد غزة، مع الدعم الأمريكي الكامل، مما يزيد من احتمالات نشوب مزيد من الحروب الدموية في القطاع.

ومع ذلك، تبقى هناك فرصة محدودة لتحقيق تهدئة مؤقتة، خاصة إذا ما استدعت مصالح الولايات المتحدة في المنطقة ذلك. لكن في ظل استمرار السياسات الأمريكية المتشددة تجاه الفلسطينيين، يبقى التصعيد العسكري والخروج عن نطاق الحلول السلمية هو السيناريو الأكثر ترجيحًا.

ويري مراقبون أن العالم سيواجه مخاطر جديدة في ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في ظل تولي ترامب الرئاسة الأمريكية، وخاصة في قطاع غزة، حيث ستستمر السياسة الأمريكية في دعم إسرائيل، مما يزيد من تعقيد فرص السلام. 

وعلى الأرجح، ستؤدي هذه السياسات إلى تصعيد جديد في النزاع، حيث سيظل القطاع عرضة لمزيد من العمليات العسكرية والحصار.