30 - 04 - 2025

ناجيان من "مراكب الموت" يرويان للمشهد أهوال محاولة "هجرة غير شرعية"

ناجيان من

- دخلوا لليبيا "تهريبا" وذاقوا مرارة "المخزن" على يد "السماسرة" بانتظار دورهم في الهجرة
- حرس السواحل الليبي أعادهم مرة وفي الثانية اصطدمت المركب بصخرة وغرقت ليجدوا "داعش" بانتظارهم على الشاطيء 

في مركب صغير يسع لـ عشرة اشخاص ربما يعتقد من يراهم انهم في نزهة نيلية، يقرر مجموعة من الشباب خوض تجربة هجرة قد تقودهم إلى الموت المحقق ، طموحهم بمستقبل أفضل يمنعهم من الانصات إلي صوت العقل يملؤهم اليأس والاحباط حين ينظرون لمستقبلهم هنا في مصر، رغم أعمارهم التي لم تتجاوز العشرينيات، يتركون قلوبهم معلقة علي جدران منازلهم، وسط فرحة عارمة وفرحه اهاليهم بانهم سوف يعبرون البحر متجهين الي إيطاليا "حيث الثراء السريع" وفقا لوجهات نظرهم .

في بلدة صغيرة تقع وسط الصعيد بمحافظة المنيا تسمي "الجزيرة" عزم مجموعة من الصبية لا تتجاوز أعمارهم 17 عاما على الإلتحاق بإخوتهم في إيطاليا، عن طريق سماسرة السفر السريع بدون تأشيرة او جواز سفر في عمليةمتكررة دوماً "لتهريب البشر" 

تواصل هؤلاء الاطفال البالغ عددهم 450 طفلا من قري ونجوع مركز ابو قرقاص بالمنيا مع بعضهم البعض وعقدوا لقاءات فيما بينهم والتواصل مع أقاربهم الذين سبقوهم إلى ايطاليا، لإيجاد وسيلة السفر عن طريق "مركب" مما بات يعرف بـ "مراكب الموت" والتواصل مع سماسرة السفر عبر الهاتف.

"المشهد" التقت مع الناجين من جحيم مركب الموت ثم من قبضة داعش بليبيا 

أبانوب هرب بعد مقتل صديقه بطلقة في الرأس

يكشف أبانوب راجي من قرية الجزيرة أن ما عاشوه أشبه بفيلم أكشن، قتلة واشلاء ملقاة في صحراء ليبيا. 

يقول أبانوب "بدأت فكر السفر الي ايطاليا منذ كان عمري 10 أعوام وأنا الآن في الثامنة عشرة من عمري، كنت أتحدث مع أصحابي لتجميع عدد أكبر من شباب القرى المجاورة لنجري اتصالا مع سماسرة الهجرة غير الشرعية من أجل الحصول علي تخفيض في السعر الذي يترواح ما بين 250 و 300 ألف جنيه للفرد، بالفعل قمت بذلك وتواصلنا مع السماسرة عبر الهاتف، لم يراني السمسار ولم أره، بل تم الدفع عبر فودافون كاش وجاءت سيارة ميكروباص تنقلنا من البلد تهريبا إلي ليبيا "

يكمل أبانوب "الرحلة من المنيا إلي ليببا استغرقت ثلاثة أيام، حيث ذهبنا من المنيا إلي السلوم ومنها عن طريق التهريب إلي الهضبة في ليبيا ومنها الي المخازن التي تأوي مهاجرين غير شرعيين"

تابع أبانوب " كانت المخازن أشبه بالسجن، أكثر من 50 الف لاجئ من جنسيات مختلفه ، يتعرضون للشتائم والضرب والإهانة، لا حمام ولا أكل، وكنا نعتمد علي الأكل الذي أتينا به من مصر معنا وكل اللاجئين تابعين لسماسرة معينين وبالدور"

بدأت رحلتنا الأولي عندما دخلنا إلي المركب الساعة الثانية صباحاً، وبدأت تتحرك في عرض البحر، حيث تم القبض علينا من القوات البحرية الليبية وحرس الحدود الليبي، تعرضنا لضرب وإهانة وأشعلوا النار في المركب وأخذونا على مركب تابعة لهم إلي السجن في ليبيا، اتصلنا بأهلنا حتى ندفع الغرامة التي كانت 50 الف جنيه من خلال سماسرة وأخرجونا".

ذهبنا مرة أخرى إلي المخزن الموجود به لاجئين حتى ننتظر دورنا في الصعود علي المركب، ولكن هذه المرة كانت الصدمة أقوى، فعندما ذهبنا للمركب وأبحرت ليلأ في المياة الإقليمية اصطدمت بصخرة في عرض البحر ووجدنا أنفسنا وكنا 700 شخص في المياه، جاءت مركب الانقاذ الليبية مرة أخري ولكن هذه المرة أخذونا إلى شاطيء علي السواحل الليبية وتركونا، وهناك اصطدمنا بداعش التي كانت تراقبنا من وراء الجبل، بعض منا قتل برصاصة قناصة في رأسه، وآخرون جسدهم أصبح أشلاء من قنابل تلقى علينا، ونجح آخرون في الهرب إلي مكان آمن بعيدا عن داعش".

وأردف ابانوب " كنا 12 شخصا نسير معا، هاربين من داعش والليبيبن المتشددين مشينا في الجبل لأكثر من يومين متواصلين لنقترب من الحدود المصرية عابرين الهضبة الليبية التي تقع بالقرب من حدودنا، وهناك ذهبنا الي منزل ليبي شهم وتواصلنا مع السمسار وطلبنا منه أن يرجعنا لأهلنا مرة أخرى عن طريق التهريب وبالفعل جاءت سيارات تقلنا تهريباً حتي منازلنا في المنيا".

جرجس قرر السفر مع صديقه الذي غرق

يقول  جرجس رمزي البالغ من العمر 17 عاماً والناجي من غرق مركب الموت إن الموضوع أشبه بتجارة المخدرات "تواصلنا مع سمسار يوصلنا ليبيا ومن ليبيا نستقل المركب إلى ايطاليا "

يضيف جرجس " نحن لم نقابل السمسار فاسمه وهمي، كل تعاملنا معه من خلال التليفون وحولنا الفلوس له علي فودافون كاش"

يؤكد جرجس أن "الموضوع يكلف 400 ألف جنيه نصفها يدفع مقدما والنصف التاني قبل ما نركب مركب ايطااليا "

يكمل الناجي "أنا مشيت علي جثث متحللة وشفت الموت بعيني وناس كانت تضرب في رأسها بالنار أمامي، ومع ذلك سأكرر التجربة لو توافرت معايا فلوس"

يكمل جرجس رمزي " ذهبت أنا وصديقي عبد الله من المنيا، وكنا في مركب واحدة، أنا رجعت وهو توفي غريقا في البحر".

وتابع الناجي من الغرق: "المركب لما وقعت ناس كتير ماتت واللي كان بيصرخ وهو بيغرق، واللي ماسك المركب يضربه بالنار، المركب صغيرة تسع 10 افراد لكن فيها أكتر من 500 فرد، تعمل حمام وتاكل وانت قاعد مسافة 30 سنتيمترا"
----------------------------------------
تقرير - طانيوس تمري