علمنا الكلب منذ القدم ان نتخذه رمزا للوفاء، وتبادلنا القصص والحكايات عن هذه الصفة النادرة فى الإنسان مقارنة بالكلب، ورغم ذلك يلجا الكثيرون منا، ما لم يكن اغلبنا عندما نغضب ونتخاصم ونتجافى الى وصف بعضنا بالكلاب - أعزكم الله - ، وكلما رأينا إنسانا يأتى بفعل "ذميم" يصطدم بأخلاقياتنا سارعنا بوصفه ب"الكلب"..!!
ليس هذا فقط بل إننا كثيرا ما يمتد نعتنا للاخرين بالكلاب إلى هؤلاء الذين رحلوا، وأصبحوا فى دار الحق فنقول عن الآخرين فى ثورات غلبنا منهم أنه (ابن ...).
وهناك كلاب خلدتها واحتفت بها الكتب السماوية و التاريخ مثل كلب أهل الكهف الذى ورد فى قصتهم الشهيرة فى القرآن الكريم.
("لايكا" تغزو الفضاء)
وساهمت بعض الكلاب في تطورنا التقني والعلمي ، وظلت قصصهم محفوظة في ذاكرة الشعوب والتاريخ.
فعرفنا الكلبة "لايكا" التى كانت أول كائن حي ينطلق من عالمنا الأرضى في رحلة فضائية ويدور حول الأرض، على متن مركبة الفضاء السوفيتية (سبوتنك-2) التي انطلقت إلى الفضاء الخارجي عام 1957 بغرض دراسة تأثير السفر في الفضاء على الكائنات الحية وخاصة الثديات، ورغم أن "لايكا" ماتت خلال الرحلة إلا أنها أصبحت بطلة عالمية ، حيث تصدرت وقتها صورها أغلفة المجلات ووضعت على طوابع البريد وأقيمت النصب التذكارية تخليداً لذكراها ولدورها في غزو الفضاء.
"رين" نجم سينمائي !
كذلك عرفنا الكلب "رين تن تن" كأول نجم حيوانى في سماء "هوليوود" عام 1918، وكان قد نقله معه إلى أمريكا واحد من جنودها العائدين من أوروبا بعيد الحرب العالمية الأولى،حيث نحج فى تدريبه وساعده على الظهور لأول مرة على شاشة السينما في احد الأفلام الصامتة، وادى نجاحه الى تحول الكلب إلى نجم شباك ظهر في 27 فيلماً سينمائياً ، وتصدرت صوره "الأفيشات "وكتب إسمه مع أساطين ونجوم السينما الأمريكية!!
كما عرفنا كلب "بافلوف" من خلال دراسة نظرية الفعل المنعكس الشرطي أو الاستجابة الشرطية التي خرج بها العالم الروسي" إيفان بافلوف" نهاية القرن التاسع عشر بعد تجارب أجراها على الكلاب وكانت السبب فى تغير نظرتنا لكثير من أنماط السلوك لدى الحيوانات والبشر.
الملك" توت "ينقذ شعبية رئيس امريكا
وبنفس الشهرة عرف الأمريكيون كلب "الملك توت" وهو الكلب الخاص بالرئيس الأمريكي الحادي والثلاثين هيربرت هوفر، وقد اقتنى هوفر كلبه المفضل سنة 1922، وخلال الانتخابات الرئاسية عام 1929 قام الحزب الجمهوري بترشيح هوفر لمنصب الرئيس، لكن القائمين على حملته الانتخابية لاحظوا ضعف" الكاريزما" عند مرشحهم فبحثوا عن طريقة لتعويض هذا النقص ووجدوا الحل في كلب " الملك توت"، وفعلا كانت جلسة تصوير واحدة للمرشح الرئاسي مع كلبه المدلل كفيلة بتغيير كل شيء وزادت من شعبيه!! حتى أن البعض يعيدون الفضل إلى "توت" في إنتخاب هوفر رئيساً لأميركا .. !!
"بادى" ومولد فكرة مرافقة المكفوفين
كما يعتبر كلب الجيرمان شيبارد "بادي" أول كلب مرافق للمكفوفين بأمريكا، وكان صاحبه شاباً جامعياً مكفوفاً من مدينة" ناشفيل تينيسي" في العشرين من عمره، وقد ألهمته تجربته مع بادي ليؤسس عام 1929 أول مدرسة لتدريب كلاب مرافقة المكفوفين.
وعرفنا كلاب "سانت برنارد" ، حيث يتحدث العلماء عن أن الرهبان الذين يعيشون في ممر "سانت برنارد" الثلجي الخطير الذي يمر عبر جبال الألب بين إيطاليا وسويسرا، حافظوا على عادة تربية الكلاب لمساعدتهم في إنقاذ الناس.
"أنوبيس وبوكا"من حراسة القبور إلى تسلق الهرم.. !
وفي مصر الفرعونية عندما ظهر حيوان "ابن آوى" تسبب في ذعر للقدماء المصريين، بسبب عيشه في المقابر ونهشه للقبور باستمرار، وهو ما كان يُسهّل تسلل اللصوص لهذه المقابر وسرقة محتوياتها الثمينة، وبدلًا من التخلص من ابن أوى، راى المصريون القدماء ترويض هذا الحيوان؛ ليتحول من ناهش للقبور إلى حارس لها، ولاحقا تحول إلى رمز ديني أُطلق عليه اسم الإله "أنوبيس".
وخلال الأسبوع الماضي تحول كلب بلدى مصرى إلى شيء أشبه بالاسطورة، واصبح حديثا للإعلام داخل مصر وخارجها، بعد ان نجح أحد السياح من هواة الطيران الشراعى، فى تصوير فيديو مثير له وهو يطارد الطيور على قمة هرم خوفو (٤٥٥قدما)، وتتبعه خلال رحلة الهبوط الأكثر إثارة، وهو ينزل في رشاقة وخفة أدهشت العالم بأسره، ليصبح الكلب البلدى المصري "بوكا" حديث الإعلام المحلى والدولى، ومواقع التواصل الاجتماعى..
كم أنت مثير وعجيب.. يا عالم الكلاب..!!
--------------------------------
بقلم: عبدالرزاق مكادي