بيان لعدد من الأساقفة المؤيدين لفكر البابا شنودة الراحل يرفض قرار البابا تواضروس بتعيين متحدثين في المجمع المقدس ويتهمهما بـ "الهرطقة"
منذ اعتلائه سد الكرسي المرقسي خلفاً للبابا شنودة الراحل الذي رحل في ظرف عصيب تمر به البلاد جراء ثورة 25 يناير وتولي البابا تواضروس الثاني ليكون البطريرك الـ 118 في تاريخ الأقباط الأرثوذكس الكنيسة.
منذ توليه إدارة الكنيسة، في ظل تولي جماعة الإخوان مقاليد الحكم في مصر، سعى البابا تواضروس الي إحلال وتجديد الكنيسة وتغيير الشكل الكنسي مجريا إصلاحات كنسية وصفها بأنها أول اهتماماته وفتح أفق وقنوات حوار مع كافة الكنائس في مختلف أرجاء العالم وقام برسامة عدد كبير من الأساقفة في عدة أماكن متفرقة داخلياً وخارج مصر، فضلاً عن القضاء على الفكر المتشدد داخل الكنيسة وقام بإبعاد أساقفة من داخل اروقة المقر البابوي ليتولوا مهام أخرى في عدة محافظات.
حركة التغيير الذي دشنها البابا تواضروس لم تلق استحسانا من الحرس القديم للبابا شنودة - أي الأساقفة الذين يطلقون علي أنفسهم أنهم يحملون الفكر الشنودي حافظ الإيمان السليم – ومن ملامحه عدم المشاركة الدينية مع الطوائف المسيحية الأخري .
بدأ الصراع بين أساقفة البابا شنودة الراحل والبابا تواضروس داخل أروقة المجمع المقدس عند إنشاء مجلس كنائس مصر عام 2015 ، ثم زيارته كافة كنائس العالم وفتح قنوات حوار وتبادل الفكر الديني والتي شملت زيارته للبابا فرانسيس الأول بابا الفاتيكان بعد قطيعة لأكثر من 10 أعوام في عهد البابا شنودة الراحل ، ثم زيارته الي الكنيسة المارونية بلبنان والكنيسة الأرثوذكسية في روسيا والإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية.
اشتد الصراع بين الأساقفة وحدثت بلبلة نتجت عنها استقالة الأنبا رافائيل من سكرتارية المجمع المقدس، عندما قام البابا تواضروس بالصلاة داخل الكنيسة اللوثرية التي ترأسها امرأة.
سيطر البابا تواضروس وبعض الأساقفة المناهضين علي الوضع وتم إخماد نار الغضب، وتولي الأنبا دانيال أسقف المعادي سكرتارية المجمع المقدس خلفاً الأنبا رافائيل .
اليوم تشهد أروقة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية صراعاً آخر، ولكن يعتبر الأقوى في تاريخ الكنيسة منذ أكثر من 60 عاماً ، حيث اعترض اكثر من ثلاثين أسقفاً من أساقفة المجمع المقدس - مسجلين اعتراضهم بفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وبيان يحمل توقيعاتهم - على قرار البابا تواضروس الثاني بأن يكون المتكلمون في اجتماع المجمع المقدس المقبل الدكتور جوزيف موريس فلتس المفكر القبطي والدكتور سينوت دولار شنودة المفكر القبطي.
ندد الأساقفة بهؤلاء المتكلمين، واصفين إياهما، بانهما يحملان فكراً مختلفاً عن الكنيسة الأرثوذكسية المستقيمة، ويرفضون تواجدهم داخل اجتماع المجمع المقدس وحرروا بيانا يندد بهما ويطالبون البابا بالرجوع عن قراره.
كواليس الصراع الخفي
قالت مصادر كنسية مطلعة إن إحدى العاملات بالمقر البابوي بالعباسية معنية بإدارة المشروعات واجتماعات المجمع المقدس ومقربة من البابا تواضروس اقترحت عليه الاستعانة بالمفكرين ليكونا متكلمين في سيمنار المجمع المقدس .
وتابعت المصادر: فور الإعلان عن اسمي المتكلمين في الاجتماع السنوي لمجمع الكنيسة الأرثوذكسية، الذي يعقد في 15 من نوفمبر المقبل، اشتد غضب الأساقفة واصفين إياهما بأنهما "مهرطقين" .
وكشفت المصادر ان البابا تواضروس عقد اجتماعا صباح اليوم مع عدد من الأساقفة المعترضين، وتحدث بلهجة قوية وصوت عال وقال لهم " أنا بطريرك الكنيسة محدش هيخاف على وحدة وسلام الكنيسة قدي مش كل ما أعمل حاجة تعترضوا عليها ".وبعد جدل واسع مع بعض الأساقفة المعترضين ترك الاجتماع وذهب الي مقره, وكان يحضر الاجتماع الأنبا أبانوب أسقف منشية ناصر، والأنبا دانيال أسقف المعادي وسكرتير المجمع المقدس والأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة وعدد من الأساقفة الذين طلبوا من البابا الهدوء حتى لا تتشتت وحدة الكنيسة.
وكشفت المصادر أن الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة يتزعم الانقلاب علي قرار البابا، وحرص عدد من الاساقفة معه علي التنديد بهذا القرار ، مشيرةً ان الانبا اغاثون يدير حركة قبطية تسمي حركة حماية الإيمان المسيحي، مستعيناً بعدد من الأشخاص في نشرها علي مواقع التواصل الإجتماعي منذ عام 2015 يقودهم مينا أسعد كامل أحد الشمامسة التابعين للأنبا اغاثون ، وتؤكد الحركة أن هدفها التصدي لمن يخالف التعاليم الأرثوذكسية المستقيمة علي حد قولهم .
ويقول المفكر القبطي كمال زاخر "افترض أن هناك أشخاصا يخالفون الكنيسة فى إيمانها، ويتبنون هرطقات ترفضها الكنيسة، ويزعمون أنهم يؤمنون بإيمان الكنيسة. ودعونى أفترض أن هؤلاء قد وضعت أسماؤهم على قائمة المحاضرين فى اجتماع يخص الآباء أساقفة الكنيسة، أليست هذه فرصة توثق بالصوت والصورة بطبيعة الحال، ليكشف الآباء المتمرسون فى العقيدة زيف وفساد ما يقوله هؤلاء؟".
ويتابع زاخر "هى فرصة لا تعوض أن يدخل الهراطقة بأرجلهم عرين الآباء حماة الإيمان مجتمعين، فيعودوا خاسرين منهزمين مكشوفين أمام الشعب، وأى هزيمة".
ويضيف: "قد أفهم الاعتراض لو نظم هؤلاء بغير موافقة الكنيسة ندوات أو محاضرات للعامة وللشباب، لأنه والحال هكذا حماية للمتلقين، وان كانت هذه حجة تسقط أمام طوفان ما يطرحه الفضاء الإلكترونى ومنصات العالم الافتراضي، أما ان يرفض الآباء الاستماع إليهم مع توفر القدرة والإمكانية على دحض طرحهم، فهو اعلان هزيمة مسبقة، قبل ان تدور رحى المعركة".
ويكمل زاخر: "ما اقوله قائم على افتراض أن هؤلاء الاشخاص هراطقة. وهو افتراض غير متوفر فيما يخص التسريب المرتب لإثارة المتلقين الطيبين الغيورين بالضرورة على الكنيسة".
ويتساءل: "هل يخشى المجتمعون على إيمانهم أن يهتز أو يرتبك من محاضرات هؤلاء، لو كان هذا صحيحاً فهو الكارثة بعينها.ولعل البيان الصادر عن بعض الآباء - والذى تنصل منه (بعض) الموقعين، يكشف بجلاء أزمة الكنيسة الحقيقية، ويوضح ارتباكها"
واختتم المفكر القبطي قائلا: "الرسالة واضحة وهي هز الثقة فى البابا والبناء على هذا لإعادة تاريخ لن يعود بحسب ما تعلمنا من دروسه".
------------------------
تقرير - طانيوس تمري