05 - 05 - 2025

الكاتب الموسوعي محمود قاسم لـ"المشهد": بيع أصول السينما للسعوديين أكبر عار

الكاتب الموسوعي محمود قاسم لـ

- خذلتني وزيرة الثقافة السابقة فكتبت "دعونى استمتع بمرضى وانتظر مصيرى"
- القراءة هى كل حياتي وأحس أني ولدت لأكتب وأعيش لأحصد ماكتبته
- لم أعش طفولتي فعوضتها بالكتابة .. والطفل الذى بداخلى يكتب مايحب كتابته 
- رحلة بيت الأدباء فى سويسرا كانت مرحلة فارقة فى حياتي 

"أصابنى المرض وفقدت بصرى وتم بتر قدمى اليسرى"، بهذه الكلمات الموجعة بدأ كاتب الموسوعات الأدبية والسينمائية والروائى والناقد الفنى والمترجم وكاتب الأطفال "محمود قاسم" صاحب بنك المعلومات الذى يعد فريدا من نوعه فى العالم العربى، والذى أعد مجموعة كبيرة من الموسوعات الأدبية والسينمائية ، التى أصبح لها عناوين مختلفة فى المكتبات العربية، نشر ما يقارب من650 مؤلفاَ فى مجال تبسيط العلوم وراويات الأطفال وتبسيط التاريخ والموسوعات الثقافية المتعددة، استطاع أن يجمع بين الثقافات المتعددة مثل العلوم وفنون الرسم، مما دعا النقاد إلى إطلاق لقب "الكاتب الموسوعى" عليه.

وبالرغم من أنه فى الفترة الحالية يمر بظروف مرضية قاسية وبالغة الصعوبة، لكنه لازال يكتب للأطفال ويعيد كتابة الروايات مرة أخرى، ويدوام على كتابة المقالات، له العديد من الروايات والكتب الكثيرة حول السينما المصرية والكثير من المسلسلات الإذاعية للكبار والصغار فى الإذاعات العربية والمصرية، وفاز بالعديد من الجوائز فى مجال الكتابة للأطفال والدراما الإذاعية ، عمل فى مؤسسة دار الهلال لسنوات طويلة وقام بتأسيس أول وأشهر نادى لسينما الأطفال فى أماكن متعددة منها نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للثقافة، وتقلد العديد من المناصب كان أخرها رئيس تحرير سلسلة كتب الهلال للأولاد والبنات.

وبمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر، والتى قدم لها الكاتب العديد من الروايات والقصص والكتب التى تحكى عن الأبطال الحقيقيين فى المعركة، حيث كان وقتها مجندًا فى الجيش وتابع عن كثب تلك الأحداث ودونها فى الكثير من المؤلفات للكبار والصغار، ومن أشهرها رواية "حكايات من وحى أكتوبر" وقصص للأطفال عن أبطال أكتوبر وأحداثها المختلفة، ولذلك التقت " المشهد " بكاتب الموسوعات" محمود قاسم" للوقوف على محطات هامة فى حياته العملية التى تستحق الإهتمام، وإظهار مدى التنوع العجيب فى تلك الإبداعات المختلفة فى الأدب والسينما والرواية والمقال والدراما والسيناريو وقصص الأطفال  وغيرها من العلوم والفنون المختلفة، ومعرفة السر وراء تعدد تلك المواهب وهذا العطاء الذى مازال مستمراً، ويمكننا أن نلخص مشوار حياته فى كلمة واحدة وهى (القراءة).

يقول محمود قاسم: القراءة هى كل حياتي ، أعشق العلم والمعرفة فى جميع المجالات الأدبية والفنية، كما أن دور الروائى هو تسجيل الوقائع على الورق، وروايتى "أخر أيام الاسكندرية" تتحدث عن أن الدول تنهار عندما يحكمها العواجيز لسنوات طويلة وهذه الرواية منشورة فى هيئة الكتاب فى زمن حسنى مبارك، والتنوع فى الكتابة سواء فى الدراما الإذاعية وكتب الأطفال والنقد والموسوعات والرواية كل هذا لأننى كاتب أعشق التذوق، وبشكل عام فإن الطفل الذى بداخلى هو الذى يكتب مايحب كتابته.

وعن موسوعاته السينمائية يقول: قررت جمع أرشيفي المعلوماتى الضخم والملفات الكثيرة الخاصة بالأدب والسينما فى كتب معرفية حتى يكون لدينا كتاب مرجعى عن السينما ولم يقدم المركز القومى للسينما يد العون لي أبداً، والعار الأكبر يتمثل فى أن المصريين باعوا أصول السينما والأفلام بثمن بخس، ونحن الأن نرى أفلامنا تباع أصولها ويتم ترميمها ونحن نتفرج ونشعر بالندم والحسرة الشديدة، وحياتى فى الغالب هى مجموعة من الاستقالات والابتعاد والهروب ، 

وإلى نص الحوار....

* فى البداية .. كيف كانت بداية حياتك فى الكتابة؟

- "ولدت لأكتب وأعيش لأحصد ماكتبته"  فأنا أقول عن نفسى أننى جاد جدًا فيما قرأت وجاد فيما كتبت، تخرجت فى كلية الزراعة عام 1972م بجامعة الاسكندرية، وشغلت فى بداية حياتى عدة مناصب بعيدة عن مجال الأدب، وأعتبر نفسى محظوظا لوصولى لهذا العمر (72 عاما) الذى لم يبلغه والداي فى حياتهما، وآخر ثلاثة أعوام مررت بتجربة قاسية جدًا مع مرض السكر، وأدى إلى فقد بصرى وتم بتر قدمى اليسرى، ومع كل هذا، الحياة مستمرة وأتواصل مع أصدقائى على مواقع التواصل الاجتماعى وأكتب مقالات وروايات وكتب، والسنة الماضية 2023 صدر لي ثمانية كتب، وبداية العام الحالى تم تكريمى فى معرض الكتاب والمركز القومى لثقافة الطفل وكان هذا تكريما جيدا وحصلت على جائزة أحسن كاتب فى المعرض وتم نشر مجموعة من الكتب لي ومازلت أعمل، كما عملت سابقا فى قسم الإعلام بالشعبة القومية لليونسكو ثم فى المعهد الفنى التجارى، وفى الكلية التكنولوجية بالاسكندرية كرئيس قسم بالمكتبة ، وتوليت منصب أستاذ جامعى فى قسم الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة فى جامعة المنيا عام2007.

بدأت الكتابة بداية الثمانينيات من القرن الماضى فى العديد من الدوريات المصرية والعربية، ثم دخلت دار الهلال وعملت فى مجلة الهلال، وكتبت فى مجلات الدار وفى الصحافة الثقافية فى مصر والوطن العربى منها الفيصل ودبى الثقافية والبحرين الثقافية وغيرها، ولا أتصور أننى بعت حرفاً واحداً بشكل رخيص أو غال مما كتبته، وكان همى فى الحياة كلها منذ طفولتى أن أستوعب وأقرأ وأكتب حصيلة قراءاتي، وهذا هو الأمر الأهم فى أننى كتبت كثيراً بمعنى أننى اكتشفت أن المعرفة أنهار متواصلة مع بعضها من خلال مجرى مائى تتواصل فيما بينها وتعطى بعضها البعض، حتى جمعت فى ذاكرتى منذ الطفولة كل السينما المصرية وأيضاً أغلب السينما الفرنسية والأمريكية والإنجليزية والإيطالية، وكانت لدى رغبة قوية جدًا فى التجميع والمعرفة الأكثر، بمعنى أننى كنت أشاهد كل الأفلام وأقرأ القصص التى تحولت إلى أفلام، وقرأت أغلب الروايات المصرية التى تحولت إلى أفلام بداية من يوسف السباعى وإحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرهم، وبالتالى لا تستطيع أن تكون مثقفاً دون أن يكون لديك الكثير من المعرفة فى الأدب والشعر والموسيقى والفن التشكيلى، وفنون الكتابة النثرية،  قرأت فى أغلب المجالات خصوصا  فى العلوم وكتبت فى جميع المجالات ماعدا مجال واحد وهو الشعر، لم أستوعبه كثيراً ولم أحبه، والسبب أن الشعر الذى درسناه وتعلمناه كان أغلبه إما مدحاً أو تملقاً وأشياء من هذا القبيل، ولذلك لم أحب الشعر ولا أغلب الشعراء، وكنت حريصاً طيلة عمرى ألا أقترب من الشعر وأحببت النثر، أدركت فى وقت مبكر من حياتى أن القراءة هى السبيل للمعرفة والمستقبل، وكنت غزير الكتابة والمتابعة، وكان كل همى تقديم أعلام الأدب المعاصر إلى القارئ، وقمت بتجربة الكتابة فى هذه المجالات فكتبت أكثر من عشرة ألاف مقال فى صحف ومجلات عربية منذ العام 1980 بدأتها فى جريدة المساء واستكملتها بمجلة العربى الكويتى.

* حدثنا عن فترة حرب أكتوبر ودور السينما فى تسجيل تلك اللحظات الهامة وأهم الروايات والقصص التي كتبتها؟ 

- عشت فترة حرب أكتوبر بكل تفاصيلها وكواليسها وكنت مجنداً فى وحدة عسكرية بالغردقة وقتها ولم نأخذ أجازة وتعلمنا الصبر والمقاومة وبعد مارجعت من الحرب كتبت رواية "أوديسانا" التى تحكي عن أحد المشاركين فى حرب أكتوبر"أودسيوس" العصر الحديث العائد من حرب أكتوبر كى يواجه متاعب الحياة المدنية الصعبة، فصار من العسير عليه أن يجد الزوجة والشقة والمال اللازم للعيش، وهناك فرق واضح بين أودسيوس العائد من النصر من حرب طروادة وأودسيوس العائد من الحرب فى السبعينيات من القرن الماضى، فقد وجد نفسه يعيش فى القاهرة ، بطل حرب طروادة رجع ليجد زوجة مخلصة والبطل المعاصر رجع ليجد الحياة مختلفة جدا.

كانت أول رواية عن عودة البطل عام 1982 وأعيد نشرها حالياَ وهناك قصص للأطفال عن حرب أكتوبر ومسلسلات من بينها "قصص من وحى أكتوبر" أتخيل فيها أن الأولاد تجمعوا حول تمثال عبدالمنعم رياض ليحكى لهم عن بطولاته العسكرية، وكل يوم أحكى قصة وكل عام أكتب عن الأبطال الحقيقيين، كما أن السينما بعد نصر أكتوبر كان لها دور عظيم وناجح جدا فى تسجيل وتوثيق ما حدث خلال هذه الحقبة من خلال سلسلة أفلام، حتى أصبحت هذه الأعمال السينمائية وثيقة مهمة جدا عابرة لكل الأجيال في مختلف الأزمنة.

* حدثنا عن أهم رواياتك  التى قدمتها.. وما هى أول رواية؟

أغلب رواياتى خالية من الخيال، بمعنى أن الواقع الذى كنت أعيشه أغرب من الخيال، وأول رواياتى التى نشرت بعنوان "لماذا" كانت فى 1982، طبعت فى الإسكندرية وتحدثت فيها عن الإنسان المتراكب وهى رواية مليئة بالفلسفة ومازلت أعتبرها روايتى المفضلة وهى أهم عمل كتبته فى حياتي، وعندما كنت فى التجنيد وأعطيتها لقائدى أعجب بها جدا والغريب جدا أننى كتبت هذه الرواية وأنا فى العشرين من عمرى ثم نشرت فى العام التالى بعدها رواية "الثروة" ثم رواية "أدسيوس" .

* ولماذا تهتم بالكتابة للأطفال بشكل خاص؟

- كنت أهتم بالكتابة للأطفال لسبب مهم جداً وهو أننى عندما بلغت من العمر ثلاثة وثلاثين كنت شابا واكتشفت أن الطفولة هربت منى، ومهما فعلت فإننى لن أستطيع استرجاعها مرة أخرى، لم أعش طفولتى فقررت أن أكتب للطفل الذى بداخلى ماذا يفعل ، وأكتب لهذا الطفل قصصاً وأمتعه بالأفلام التى شاهدتها وظللت على هذا الأمر أكثر من نصف قرن وكتبت فى سينما الأطفال والتاريخ والعلوم وساعدنى هذا على اكتشاف المواهب الكثيرة للصغار، ومازلت إلى الأن أكتب، وأسعدنى كثيرا أن أغلب هؤلاء الأطفال الذين كنت أكتب لهم أصبحوا أدباء كبار يكتبون وإذا توقف أحدهم عن الكتابة أكلمه وأعنفه كثيرا حتى يعود لكتاباته، وأرجو من كل من علمتهم أن يكملوا مسيرتهم فى هذا الأمر، وكطفل حر لنفسه.

 فقد توفى والدي وعمرى سبع سنوات وكنت أحصل على مصروفى الصغير وأذهب لأشاهد أفلاما بمبلغ زهيد جدا "بقرش صاغ"  أتفرج على فيلمين وفى شهر رمضان كان هناك مايسمى بالعروض المستمرة.

* وماهو أول عمل قدمته فى كتاباتك للأطفال؟

- كتبت فى العديد من مجلات الأطفال فى العالم  العربى، وكنت أحرر أبواباً ثابتة فى بعض المجلات العربية مثل العربى الصغير وكان كتابى  الأول للأطفال هو (آلة الزمن العجيب) كما قدمت فى المركز القومى لثقافة الطفل أكثر من كتاب ومن أهمها (الكمبيوتر العجيب .. وحكايات أخرى ) عام 1988والذى ضم مجموعة من القصص حول بعض المخترعات الحديثة التى تشغل دورا هاما فى حياتنا مثل الرسوم المتحركة والتصوير تحت الماء والميكروفيلم ، وقمت بعمل موسوعات عديدة تناسب الأطفال وثقافتهم ومنها (موسوعة التخيل العلمى – موسوعة العلماء للأطفال – موسوعة الحضارات للأطفال – موسوعة التاريخ العربي للأطفال) وكتبت فى أغلب مجلات الأطفال ومنها (علاء الدين – ماجد – بلبل - مطبوعات دار الهلال) وألفت سلسلة من عشرة كتب أتخيل فيها سفر الإنسان إلى كل الأماكن التى حولنا فى الأزمنة والأماكن و أكثر من مسلسل إذاعى للكبار والصغار فى الإذعات المصرية والعربية  ومسلسل تليفزيونى باسم مغامرات جلجل وفلفل ، كذلك قمت بتأليف مسرحيات للأطفال فى العقدين الأخيرين ومنها ( مسرحية زيزو كبير الموهوبين وزيزو ديجيتال ) وهناك سلسلة أيضاً بعنوان "فانتازيا" وهى عبارة عن روايات للناشئة، يترك فيها البطل عالم الواقع بكل مشاكله ويخترق حدود الزمان والمكان ويجعل الطفل يعيش فى حواديت مسلية لا يمكن أن يراها فى الواقع، ولكنها تساعد فى اتساع دائرة الخيال عنده، وقمت بتأسيس أول وأشهر نادى لسينما الأطفال فى أماكن متعددة منها نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للثقافة.

* وماذا عن أهم كتاباتك فى الفترة الحالية؟

- بالرغم من حالتى الصحية الصعبة التى أمر بها فى الوقت الحالى إلا أننى لم أتوقف عن الكتابة للأطفال حيث أن المجلات الحالية المخصصة للطفل تنشر لى مقالات ومن أهمها "مجلة نور" التى تصدر شهريا عن الأزهر الشريف وأكتب فيها عن اختياراتى للكتب التى يجب أن يقرأها الأطفال وأيضا قصص الحضارات التى عرفها البشر وأيضاً أكتب مقالات وأعيد كتابة بعض الروايات.

* نشرت على صفحتكم الشخصية (دعونى استمتع بمرضى وانتظر مصيرى فلا تتدخلوا فى شأنى، وشكرا للجميع) ماذا كنت تقصد بهذه العبارات ولمن كنت توجه رسالتك ؟

- للأسف الشديد عندما مرضت واحتجت أن تقف معى الدولة أرسلتنى إلى مستشفيات التأمين الصحى وتدهورت حالتى تماما وكتبت على صفحتى الشخصية في "فيسبوك" دعونى وحالى فسوف أموت على سريرى، ولن أطلب من أحد شيئا، كانت وزيرة الثقافة السابقة سلبية للغاية وتركتنى لمدير مكتبها الذى تلاعب بى فأنا لا أريد شيئا من الدولة، فأنا  فقط فى حالتى المرضية هذه أنتظر موتى الذى أتمناه قبل دقيقة وليس بعد دقيقة، وأشكر دور هيئة الكتاب التى ساعدتنى فى نشر العديد من الكتب بداية من رواية البديل عام 1987م، مرورا بالموسوعات والكتب الأخرى وأيضاً أشكر دور النشر الأخرى الخاصة ودور الصحافة المختلفة وعلى رأسها دار الهلال.

* وماهى أهم أعمالك فى مجال الترجمة ؟

- قمت بترجمة مايقرب من 15 رواية عالمية من أهم الروايات وفاز أغلب كتابها بجائزة نوبل وكان أهمها رواية "آلهة الذباب" التى ترجمتها عام 1982 أما أشهر ماترجمته فهو تقديم أعمال الروائى المصرى العالمى المقيم فى باريس "ألبير قصيرى".

* وماذا عن التنوع فى إبداعاتك ؟

- جمال الثقافة فى تنوعها، كلما ذهبت إلى مكتبة منذ طفولتى إذا جذبنى عنوان كتاب أخذه لأقرأه، ومن كثرة القراءة أصبحت متعطشا أكثر لها وهذه هى عظمة القراءة، وأرى أن وعاء العلم والمعرفة كلما امتلأ طلب المزيد، فالقراءة هى تحصيل للمعرفة وبالرغم من أننا أمة اقرأ إلا أننا لم نقرأ إلا أشياء محدودة للغاية ولم نقرأ ما يهم البشرية والبشر والحضارات، وأعتقد أن من أهم سلاسل الكتب فى تاريخ مصر الحديث "القراءة للجميع"، ولكن للأسف الشديد كانت الدولة تطبع الكتب وتبيعها بأرخص الأسعار والناس تشتريها من أجل اقتنائها فقط وليس للقراءة، وأتمنى عودة هذا المشروع مرة أخرى وأن تكون الأجيال قارئة.

منذ طفولتى وأنا أحب السينما وأتذكر أول مرة، كنت فى سن الرابعة من عمرى عندما صحبنى أبى إلى دار السينما فى الحى الذى نسكن فيه ورأيت الفارق بين ظلام القاعة ونور الشاشة وشاهدت فيلما اسمه "عشرة بلدى" بطولة اسماعيل يس ومحمد أمين، ولن أنسى مثل هذا الأمر وبدأت أحب السينما لأن فى الفيلم الواحد تستطيعين أن تحصلى على وجبة كاملة من الأغنية والموسيقى والفكاهة والجدية وغيرها، ولهذا السبب قالوا أن السينما هى الفن السابع بمعنى أنه الفن الذى يشمل كل الفنون، فبالتالى أحببت السينما.

* يقال أنك رجل الموسوعات فى مصر .. ما الحكاية ؟ وماذا عن أهم الموسوعات  الأدبية والفنية؟

- لا أستطيع أن أستحوذ على هذه التسمية لنفسي، مافعلته أننى زرعت البذرة الأولى فى موسوعات مهمة، بدأت الموسوعات عام 1993م حينما اكتشفت أن لدينا حوالى أربعة ألاف فيلم موجودة وليس لها كتاب مرجعى لجمع المعلومات، وفى ذلك الوقت أيضاً لم تكن هناك القنوات الفضائية والمتخصصة، فصنعت أول موسوعة للأفلام العربية وهى تعنى رؤية الفيلم والقيام بعمل بطاقة تعريفية للمعلومات تشبه البطاقة الشخصية من اسم الفيلم وتاريخه وأهم جوائزه، وتم اسستحسانها لكن مع مرور الوقت كنت أشعر أن الموسوعة ناقصة وأحاول تجديدها فعلى مدى ثلاثين عاماً قمت بتحديث موسوعة الأفلام ست مرات وكنت فى كل مرة أحاول تجديدها.

وفى أخر مرة أصبح حجمها ألفي صفحة من القطع الكبير جدا، وشجعنى هذا الأمر على موسوعة "الممثل" ثم موسوعة "المخرجين" ثم موسوعة" الأدباء العالميين" ثم موسوعة "كتاب الأطفال" وتم طبعها أكثر من طبعة وقدمت موسوعة مجلات الأطفال فى العالم العربى وموسوعة الحضارات للأطفال، وكنت كلما أنتهى من تلك الموسوعات أقوم بتجديدها مرة ثانية وأشكر من وقف معى وساندنى فى هذا الأمر، ولدى موسوعات أدبية كبيرة جداً، وموسوعات عن جائزة نوبل وكل الذين حصلوا على هذه الجائزة فى كافة الفروع حتى عام 2010 ولم تشاهد الأمة العربية مثل هذه الموسوعات، ولدى موسوعة أخرى وهى موسوعة الجوائز الأدبية وهى موسوعة عن الذين حصلوا على الجوائز الأدبية المتعددة فى جميع أنحاء العالم، وتحدثت عن عمالقة القرن العشرين فى المجالات الخمس التى تعطى فيها جائزة نوبل، وفى الموسوعات الأدبية كنت أتحدث عن العباقرة فى كل أنحاء العالم فى الهند وفى الصين وكوريا ، وموسوعات كبيرة جدا ومتعددة للأطفال وكنت أحب عبدالحليم حافظ وقدمت عنه موسوعة كاملة بها كل شئ عن حياته وأفلامه وأغانيه هذا غير رواية باسم (زمن عبدالحليم حافظ).

* هل كتبت عن مدينة الإسكندرية فى رواياتك ؟

- نصف رواياتى كانت عن مدينة الاسكندرية لأننى عشت فيها 35 سنة من عمرى، وكانت لدى رواية باسم (وقائع سنوات الصبا) ورواية ( شارلستون) وغيرها من الروايات كتبتها فى الاسكندرية على شاطئ البحر، لكني كتبت عن الاسكندرية لأنى ابنها ولم أكتب عن البحر والمعالم السياحية ولكنى كتبت عن جامعة الاسكندرية من شدة حبى لها والقطار والشوارع وهكذا، فكانت دائما فى كل كتاباتى وأعمالى ولدى رواية باسم (أخر أيام الاسكندرية) كتبت فيها عن كنوز الاسكندرية القديمة التى سقطت فى البحر عندما حدث زلزال وقاموا بانتشالها وتم عمل فيها مدينة تحت المياه وكتبت عنها  فى ذلك الوقت رواية تاريخية أشبه برواية عاطفية.

* ماذا تعنى السينما فى حياتك؟ ومارأيك فيما تقدمه السينما فى الوقت الحالى؟

- أنا عاشق للسينما كما أعشق القراءة وسعيد جدا أننى أقدم شيئا يمثل مصدر سعادة للأخرين، والسينما والأدب لصيقان، أحب قراءة الرواية ومشاهدتها سينمائيا، وأقارن بينهما واستمتع بذلك، وخصصت كتابا عن السينما السورية وتضمن تاريخها من عام 1982 إلى عام 2002 وصدر عن وزارة الثقافة السورية عام 2003 فى 170 صفحة من القطع الكبير، وأجمل الأفلام هى المأخوذة من أعمال أدبية مثل (بداية ونهاية) لنجيب محفوظ و"الغريب" لألبير كامى" وما يحدث الأن من بيع أصول السينما المصرية  للسعوديين الذين قاموا بعمل شئ مهم جدا وقاموا بترميمها وللأسف بضاعتنا بيعت ونحن نتفرج عليها ونشعر بالحسرة الشديدة وهذا أمر مؤسف للغاية ولن أسامح أبداً هؤلاء الذين صنعوا أفلاماً يمجدون فيها البلطجية وأصحاب الأسلحة البيضاء، لقد أفسدوا ذاكرتنا وصار كل من محمد سعد "اللمبى" ومحمد رمضان رموزاً لطموحات الشباب.

* وماذا عن السينما العالمية ؟

- قرأت الأدب العالمى القديم فى القرون السابقة والقرن العشرين وكنت أقارن مابين الرواية والفيلم، وكنت أستاذا فى كلية الفنون الجميلة بالمنيا ودعوت الطلاب لحضور ندوة مدتها ساعة ونصفا تقريبا وطلبت منهم الجلوس للاستمتاع بجمال الفن والأدب، فأنا لا أمتلك وحدى ناصية التأليف والقراءة ولكنهما متاحين للجميع، وعندما كبرت فى السن كنت متحمسا جدا أن أعطى هدايا من مكتبتى لزملائى فى الجامعة ليقرأوا  أثناء الأجازات وحدث نفس الأمر مع تلاميذى والأطفال فى الندوات التى كنت أعقدها، وأرى أن أهم شئ فى الفن هو المشاركة، وللأسف الشديد أصبحنا فى الوقت الحالى فقراء جدا فى توعية الأطفال فى سن التكوين بأهمية القراءة وخاصة بعد توقف القراءة للجميع.

* تبدي اهتماما كبيرا بالكتابة عن الفائزين بجائزة نوبل ... ما الحكاية؟

- جائزة نوبل هى أقدم الجوائز فى العالم منذ عام 1901ومنذ هذا التاريخ والعالم مهتم بالجوائز فى مختلف المجلات، وهناك أكثر من مائة ألف جائزة طوال القرن العشرين ولكن ليست هناك جائزة واحدة صارت لها نفس الأهمية، وقد تابعت أسماء من فازوا بالجائزة طوال حياتى وعندما بدأت فى الكتابة كنت أتابع الكتاب الذين يحصلون على الجائزة وأصدرت أول موسوعة للفائزين بجائزة نوبل فى عام 1996 وفى عام 2010 صدرت مجددا كاملة أى أنها تضم كل الفائزين فى كل الفروع وأفخر أننى أول من كتب فى هذا المجال.

* ماذا تعنى رحلة بيت الأدباء بالنسبة لك فى سويسرا فى عام 2001؟

كنا مجموعة مكونة من ستة ضيوف من دول مختلفة لبيت الأدباء وهناك اختلطت بثقافات متعددة واكتشفت مع مرور الأيام أنهم يتعاملون معى على أننى موسوعة متحركة، وساعتها بدأت أنتبه لنفسى، وعندما عدت إلى القاهرة كتبت مقالا بعنوان " كنت فى الفردوس" وكتبت واحدة من أجمل رواياتى باسم "أفعال الحب" ونشرت الطبعة الثانية منها فى بيروت وترجمت فصول منها إلى الفرنسية وقد أعجبت الكاتب الكبير بهاء طاهر حين قرأها.

وأخيراً ... ماذا عن أهم الجوائز التى حصلت عليها؟ 

جائزة الدولة التشجيعية عام 1988 عن كتابى الثانى (حكايات غيرت الدنيا) وكانت هذه الجائزة بمثابة انطلاقة قوية فى عالم ثقافة الطفل، والعديد من جوائز الدولة فى أدب الطفل من عدة مؤسسات عربية ومنها (المجلس الأعلى للثقافة ووزارة البحث العلمى ومهرجان البحرين للدراما الإذاعية ومهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون وجوائز أخرى فى المسابقات الإذاعية عن الكثير من المسلسلات اليومية منها (حكايات من وحى أكتوبر – شقاوة كلام – مغامرات حبحب – أجمل حكايات السينما) وجائزة النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر عن كتاب "الأدب العربى المكتوب بالفرنسية".
-------------------------------------
حوار: حنان موسى


من صحيفة المشهد الأسبوعية 

العدد 336 من المشهد الأسبوعية ص 10