03 - 12 - 2024

"مارون الراس ـ العديسة" تنتظران معارك المصير

النوايا الإسرائيلية في الجنوب اللبناني تؤشر إلى،إخلاء الجنوب اللبناني كله من المقاومة وفكرتها ،وإجباره بالقوة المسلحة على الانسحاب نحو 30 كيلو متر بعيدا عن الحدود الشمالية إلى ما وراء نهر الليطاني في أوضاع قتالية ، تشبه على المستوى الاستراتيجي الميداني، الأوضاع الدفاعية للجيشين المصرى والإسرائيلي خلال حربي الاستنزاف وأكتوبر المجيدتين.. حزب الله يقف بسلاحه في الضفة الشرقية لنهر الليطاني ،بينما يقف الجنرال أوري غورودين،قائد الجبهة الشمالية الإسرائيلية، على رأس خمسة فرق (مدرع ـ مشاة) في الضفة "الغربية" المواجهة لحزب الله..هذا ما تستهدفه الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في حدها الأدنى.

أما التكتيك العسكري لتحقيق هدف إخلاء الجنوبـ ، إذا ما صدقت قراءة المؤشرات، فليس أمامه بدائل كثيرة لاعتبارات، منها التضاريس الجبلية التي تعيق حركة المدرعات وتحرمها من المناورة ، ومنها الخبرات القتالية بين المدرعات ومقاتلي حزب الله في حرب العام 2006 التي تكبد خلاها الإسرائيليون خسائر موجعة .. التكتيك العسكري للجنرال "أوري" هو نفس تكتيك 2006 مع إضافات مهمة:

ـ قصف  جوي عنيف وكثيف وعشوائي (كما في غزة) للجنوب اللبناني كله يهدف إلى تدمير كل شىء وإرغام السكان على النزوح، إفساح المجال أمام المروحيات العمودية من طراز أباتشي أمريكية الصنع ، لدخول المعركة ومساندة المجموعات القتالية من فوق أعلى نقطة في قمة المرتفعات التي تتحصن فيها المقاومة.

ـ احتلال المواقع الجبلية المرتفعة التي تطل على بلدات وقرى الجنوب، خصوصا بلدتي مارون الراس والعديسة الاستراتيجيتين ، ليس بقوة فصائل وسرايا مدرعة ، إنما بموجات قتالية متتالية من مجموعات قتالية تم تشكيلها من لواء النخبة (جولاني) مصحوبة بمدرعات خفيفة الحركة ومساندة جوية من طائرات الهليوكوبتر، بهدف السيطرة على أعلى قمة في جنوب لبنان والتقدم بالدبابات والمدفعية والقصف الجوي ودفع المقاومة إلى التراجع لما وراء الليطاني وتسليم سلاحها لقوات "اليونيفيل".

ـ المعركة الثانية التي توازى في أهميتها "مارون الراس" هي العديسة.. تقع على تخوم الفاصل الحدودي من أقصي الشمال الشرقي للجنوب..ترتفع عن سطح البحر بنحو 700 متر، ما يمنحها أهمية استراتيجية، والسيطرة عليها تسمح بكشف كل القرى الحدودية في قضاء مرجعيون (منطقة حشد مثالية) الملاصق لليطاني، ويسمح بتقدم آمن للقوات البرية الاسرائيلية نحو النهر واحتلال ضفتيه وتطويق حزب الله جنوبا من تمركزات قواته ،إذا ما استمر متمسكا بمواقعه القتالية على طول المسافة الممتدة من أول نقطة حدودية (مارون الراس)  وحتى الليطاني (30 كيلو) ومساومته (مع لبنان الدولة) على الإخلاء وتسليم السلاح ، ثم تسوية سياسية تتيح للجيش الاسرائيلي (من بين إتاجات أخرى) تفتيش السكان ومصادرة الأسلحة على النحو الذي تشترطه إسرائيل لوقف القتل في غزة وعودة النازحين إلى ركام المنشآت والأبنية التي دمرها الجيش.

ـ مارون الراس ـ العديسة ، مفتاحا نجاح الخطة الإسرائيلية العسكرية ، ..إذا ما صدقت قراءة الاشتباكات قى الجنوب.. أما إذا خابت القراءة (يارب)،فهذ يعنى، إما أن تكون المصادمات البرية ،المتوقع اتساعها، بين قوات الجنرال أوروي ورجال حزب الله ،بغرض سياسي يهدف إلى إجبار السلاح المقاوم على التراجع إلي ما وراء الليطاني تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 1701، في ظل ضغط موازي من النخبة السياسية المعادية لحزب الله في لبنان ومطالبته بنزع سلاح الحزب ، واكتفاء نتينياهو، في الوقت نفسه، بتأمين المستوطنات الخدودية وعودة سكانها .. وإما قد لا تصدق القراءة "المتشائمة" للقتال ونتائجه وينكسر مضمونها على "أسنة إرادة" صلبة لشعوب تقاوم من أجل حريتها وكرامتها ونهضتها.

ـ معركتا مارون الراس والعديسة لم تبدءا بعد بالشكل الذي يؤذن ببدء تنفيذ الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في لبنان.. إذا انتصرت قوات أوروي، فعلى سلاح حزب الله السلام ، وإذا نجحت المقاومة في الصمود وعدم تمكين القوات المعادية من احتلال بلدتي مارون والعديسة، فعلى أحلام نتينياهو السلام.. والسلام عليكم ورحمة الله.
------------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

فلسطين .. دجاجة تبيض خطبا!