16 - 05 - 2025

مؤشرات | آسف صديقي الغزاوي تحت نيران الحرب

مؤشرات | آسف صديقي الغزاوي تحت نيران الحرب

هزتني كلمات صديقي الفلسطيني الغزاوي أنور عندما تحدثت معه في ذكري طوفان الأقصى لأطمئن عليه وأسرته وزوجته المصابة في حرب الإبادة عليهم من العدو الصهيوني، ... ورد علىّ بكلمات بسيطة ولكنها مؤلمة.

"حياك الله اخي محمود الحمد لله نحن بخير والحال على ما هو عليه ، البيت لا يصلح للسكن والأثاث أصبح عند اللصوص، ونحن نقيم في شقه الأقارب مع أربع عائلات و الحمد لله".

هذه الكلمات الثلاثين لخصت حال إخواننا في غزة والأراضي الفلسطينية في ظل عدوان همجي ومتغطرس وعدو على مدى الحياة مع كل متضرر من حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني.

والأكثر إيلامًا في كلمات صديقي الذي يعيش تحت القصف الصهيوني، ما قاله إجابة على سؤالي حول حال زوجته التي أصيبت بشظايا نتيجة قصف على منازل الحي الذي يقطنون فيه، فقد وردت 13 كلمة في إجابته كانت كالرصاص علىّ حيث قال "تستخدم (أي زوجته) العكاز الرباعي في المشي ولكن بصعوبة أما اليد اليمنى لا تستطيع استخدامها".

وحال زوجة صديقي هو حال آلاف المصابين من العدوان الصهيوني الذي خلَّف في عام أكثر من 41120 شهيدا، و95 ألف مصاب، وآلاف الضحايا تحت الأنقاض، و70% من الضحايا الذي تجاوز عددهم حتى كتابة هذه السطور الـ150 ألفا بين شهيد ومصاب، هم من الأطفال والنساء.

أفعال الكيان الصهيوني رسخت من توريث الكراهية التي لن يمحوها التاريخ، ولا أي معالجات، بل الكراهية شملت كل من ساند في حرب الإبادة، أو كل من تغافل عن مأساة الملايين في الأراضي الفلسطينية، وليس في غزة فقط بل في الضفة وكل من يعيش تحت سيطرة هذا العدو القاتل وصانع الإرهاب.

وجاءني إحساس بحالة اختناق وأنا اتواصل مع صديقي أنور، وكأني اشم – وعلى بُعد مئات الكيلومترات- راحة الدخان المحيط بكل سماء عزة، والروائح التي تخرج من تحت الأنقاض نتيجة مئات الألاف من أطنان القنابل والمفرقعات التي تقذفها طائرات إف 35 وإف 16 الأمريكية على سكان مدنيين لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم سوى الصرخات.

وراودني سؤال مهم قبل ساعات بشأن حالة الخوف والرعب التي أصابت سكان مدينتي أكتوبر وزايد من راحة الدخان الصادرة من حريق محطة صرف صحي، او مصنع صغير،.. وكان السؤال و"ما هو حال إخواننا في غزة والآن في جنوب لبنان من أدخنة القتل الصهيوني والتي لا تنتهي ليلا ًأو نهارًا؟!".

أليست تلك مأساة أكبر من كل مآسي العالم، .. فالقراءة للمشهد عن بُعد تقول إن "كل شيء تحت نيران العدو أضحى ممزوجًا ببعضه، "الدم وبقايا الجثث تحت الأنقاض، والمياه الملوثة بفعل البارود، والأسلحة المُحرمة دوليا، وغبار المباني المُنهارة، لينتج عنها في النهاية ضحايا جدد بفعل تأثيرات وتداعيات الحرب".

وهؤلاء ضحايا جدد بالآلاف من مرضى الربو وضيق التنفس والحساسية، لتأتي مآسٍ أخرى ستبقى لسنوات طوال، بخلاف من خلفته الذخائر من اتلاف لأراضٍ زراعية كانت من أجود أراضي العالم، - وحسب تعبير صديق غزاوي "كنت ترمي الحبوب عشوائيا تجدها في اليوم التالي براعم من تحت قشرة التربة".

ويبرز السؤال الأهم "هل سيسامح أهل غزة وضحايا كل مواقع القصف بنيران العدو الصهيوني، هذا العالم المتخاذل وكل رموز الأنظمة في بلدان العالم، بل كل البشرية، على كل ما حل بهم؟".

انا على يقين أن التسامح غير وارد بالمرّة، فالعداء سيزيد ومقاومون جدد ستظهر أنيابهم كل يوم ليواجهون عدوًا لا يعترف بحق أحد، بل تزداد أطماعه، وعدو انكشفت عوراته في اللحظات الأولى لطوفان الأقصى قبل عام، وظل عاما يحاول أن يستعيد هيبته.. دون جدوى.

صديقي أنور ليس لي إلا أن أقول لك آسف على تقصيرنا في حقكم جميعًا.. وحتما شمس الحق لن تغيب.
-----------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش