04 - 05 - 2025

رانيا يحيى تستكشف أبعاد مسرح انتصار عبدالفتاح البوليفوني

رانيا يحيى تستكشف أبعاد مسرح انتصار عبدالفتاح البوليفوني

تناقش الدكتورة رانيا يحيى في كتابها «المسرح البوليفوني: فنون ما بعد الحداثة» الصادر عن سلسلة الإبداع المسرحي بالهيئة العامة للكتاب موضوعًا ثريًّا يربط بين الفن والفلسفة. وينقسم الكتاب (290 صفحة من القطع المتوسط) إلى قسمين: الأول نظري تقارن فيه بين فلسفة الحداثة وتيار ما بعد الحداثة الذي تبلور على أيدي فلاسفة مثل إيهاب حسن ودريد وميشال فوكو. والقسم الثاني تطبيقي تحلل فيه أبعاد مسرح انتصار عبدالفتاح الما بعد حداثي.

وتشير رانيا يحيى في كتابها إلى الأسس التي أوردها إيهاب حسن أحد أهم منظري تيار ما بعد الحداثة والتي أوجزها في أربع نقاط أساسية للتفرقة بين عصر الحداثة وما بعد الحداثة وهي رفض السرديات الكبرى في مقابل التركيز على الهامش والجزئيات، رفض اليقين المعرفي المطلق، رفض الحتمية الطبيعة والتاريخية التي سادت في مرحلة الحداثة ولا سيما في مفهوم التطور الخطي للزمن، مناهضة جميع أشكال السلطة سواء في الخطاب أو السياسية أو الفن.

ورغم بعد العالم العربي عن الأسباب التي أدت إلى ظهور تيار ما بعد الحداثة في الغرب إلا أن مظاهره امتدت إلى عالمنا خاصة في الفن وفي المسرح بالتحديد، فهناك العديد من التجارب المسرحية العربية التي اتكأت على التجريب وعلى الجماليات الفنية لفنون ما بعد الحداثة ومن هذه التجارب تجربة المخرج انتصار عبدالفتاح التي أطلق عليها اسم المسرح البوليفوني.

وتحلل رانيا يحيى مجموعة من العروض التي قدمها عبدالفتاح وبرزت فيها روح التجريب الما بعد حداثية مثل مسرحية العربة الشعبية 1978، والدربكة 1989، ترنيمة 1 عام 1991، وكونشيرتو 1994م، صوناتا 1995، وسيمفونية لير 1996م، ترنيمة 2 سنة1997م، ومخدة الكحل 1998م، وطبول فاوست 1999، راهب الأحجار 2000م، ومرثية العمر الجميل عن قصيدة الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي 2003م، الخروج إلى النهار 2006، وأطياف المولوية 2009م، وطقوس السمو 2011م.

وترى رانيا يحيى أن تجربة انتصار عبدالفتاح وصلت إلى النضج الفني في مسألة التجريب وتعددية الأصوات في عرض الدربكة، تواصلت أعماله في نسق تصاعدي وصولًا إلى عرضه مخدة الكحل الذي لقي استحسانًا كبيرًا من الجمهور ومن النقاد وحظي بالعديد من الجوائز.

وتصل يحيى في نهاية الكتاب إلى مجموعة من النتائج أهمها أن المخرج انتصار عبدالفتاح نظر إلى المسرح باعتباره مساحة للتقارب بين الثقافات العالمية المختلفة وتعامل مع التراث على أنه كائن حي يستوجب التفاعل معه بوصفه ليس معبرًا عن الماضي فقط وإنما المستقبل كذلك. وتشير أيضًا إلى أنه في أعماله استلهم البيئة الشعبية في عروضه فضمت الأسواق ووظفت أصوات الباعة الجائلين والحياة اليومية وفنون الفرجة الشعبية والتراث المصري القديم والحالة الصوفية. كما أنه عمل على تقديم عروضه في فضاءات غير معتادة سواء في الأماكن الأثرية مثل قصر الأمير طاز ومتحف النوبة أو الساحات المفتوحة وفي الميادين العامة، مما جعله صاحب تجربة فريدة وشديدة التميز في المسرح العربي الحديث.
----------------------
د. عبدالكريم الحجراوي
من المشهد الأسبوعية