في تحول بارز داخل حركة حماس، أعلنت الحركة عن تعيين يحيى السنوار رئيسًا لمكتبها السياسي، خلفًا لإسماعيل هنية، بعد مشاورات مكثفة استمرت عدة أيام.
يُعتبر السنوار من أبرز صناع القرار في الحركة، مما يجعله شخصية محورية في المرحلة المقبلة.
اختار مجلس شورى حماس، الذي يضم 50 عضوًا منتخبين من مختلف فروع الحركة في غزة والضفة الغربية والشتات والسجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، السنوار لشغل هذا المنصب.
وهو معروف بتفاصيله العميقة عن الحركة وتاريخها، إضافة إلى تأثيره الكبير في صنع القرارات الاستراتيجية.
وُلد يحيى السنوار في 7 أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات العربية من الجامعة الإسلامية بغزة.
منذ تأسيس حركة حماس عام 1987، لعب دورًا رئيسيًا في تطوير أسس الحركة وتوجيهها.
في عام 1989، حكمت محكمة إسرائيلية على السنوار بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بقتل جنديين إسرائيليين.
أمضى 22 عامًا في السجن، وكان من بين أكثر من 1000 معتقل فلسطيني أُطلق سراحهم في صفقة تبادل الأسرى مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عام 2011.
في عام 2017، تولى السنوار رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة.
منذ ذلك الوقت، قاد جهودًا دبلوماسية لتعزيز العلاقات بين حماس وحركة فتح في الضفة الغربية، وسعى لإعادة تقييم علاقات حماس الخارجية.
رغم بعض الانتقادات حول نجاحاته السياسية، يُعتبر السنوار من المتخصصين البارزين في التخطيط العسكري.
خلال مقابلة مع "إيه بي سي نيوز" في ديسمبر، ذكر مايكل كوبي، ضابط الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، أنه استجوب السنوار لأكثر من 150 ساعة.
وصف كوبي السنوار بأنه قوي وذو طبيعة غير عاطفية، ولكنه ليس مريضًا نفسيًا. كما أشار إلى أن السنوار، الذي يُلقب بـ"جزار خان يونس"، تفاخر بوسائل تعذيب خلال الاستجواب.
إسرائيل وصفت السنوار بـ"وجه الشر" و"الحي الميت"، واعتبرته مهندس عملية السابع من أكتوبر. في فترة الحرب التي قاربت على الانتهاء، ظهر السنوار في فيديو واحد فقط وهو يتنقل داخل أحد أنفاق غزة مع عائلته.
من المتوقع أن يظهر قريبًا بصفته رئيس المكتب السياسي الجديد لحركة حماس، وهو منصب سيضعه في مواجهة تحديات جديدة تتطلب مهارات دبلوماسية وعسكرية عالية.
أوضح محلل الشؤون الفلسطينية في القناة 12، أوهاد حمو، أن السنوار أصبح الآن القوة الرئيسية في حماس بشكل رسمي، بعد أن كان بالفعل يشغل هذا الدور في الواقع. يُنظر إلى تعيينه على أنه خطوة ذات مغزى كبيرة في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها حماس في غزة، حيث تواصل القوات الإسرائيلية تدمير قدراتها العسكرية والإدارية. حمو أكد أن هذا التعيين يمثل تأكيدًا للإيمان بدور السنوار في القيادة، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الحركة.
من جهة أخرى، شككت وسائل الإعلام الإسرائيلية في قدرة السنوار على إدارة المكتب السياسي لحركة حماس، مشيرة إلى أن هناك احتمالًا لأن يتولى شخص آخر إدارة المنصب فعليًا. تقرير لصحيفة "معاريف" اعتبر اختيار السنوار محاولة لاستعراض القوة، بينما يرى خبير المنظومة الاقتصادية لحركة حماس، إيال عوفير، أن اختيار السنوار يحمل رمزية أكثر من كونه خطوة عملية. عوفير توقع أن يواجه السنوار صعوبات في أداء مهامه كرئيس للمكتب السياسي من داخل غزة، معتبراً أن هناك قيادات أخرى قد تدير المنصب فعليًا.
بالمجمل، يُعتبر تعيين يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس خطوة استراتيجية تعكس أهمية دوره التاريخي والمستقبلي في الحركة، حيث يواجه تحديات كبيرة تتطلب توازنًا بين الدبلوماسية والقدرات العسكرية في صياغة مستقبل حماس وتوجهاتها.