20 - 04 - 2024

معركة بلا ظهير ثقافي

معركة بلا ظهير ثقافي

من اللافت للانتباه أن كلا من الإعلام المصرى الخاص والإعلام الرسمى وجد نفسه فى مأزق! بعد الضربة الجوية لمواقع (داعش) فى ليبيا واضطر  إلى  العودة  إلى  أغانى فترة الستينات الوطنية للتعبير عن حالة التعبئة، وهذا وحده يكشف مدى الانحطاط الفنى والثقافى الذى سقطت فيه مصر بعد معاهدة السلام مع إسرائيل وحتى الآن، حيث وافق السادات بعد (كامب ديفيد) على منع إذاعة الأغانى الوطنية الحماسية بل منعت إذاعة الموسيقى ذات الإيقاع الحماسى من آلات نحاسية وغيرها! هكذا أرادت إسرائيل واستجاب السادات، ومن بعده مبارك! منعت أفلام ومسرحيات بعينها، وبدأت مرحلة تجريف الثقافة وتسطيحها وتجريدها، فيأتى وزير التجريد التشكيلى بلوحاته المضحكة الفارغة ليفرغ المسرح من مضمونه الحقيقى بدعوى التجريب، ويمتد التخريب للسينما فتصدر الأوامر بامتناع الدولة عن الإنتاج السينمائى لتغرق السينما فى بحر من أفلام خفيفة تخاطب الغرائز فترة السبعينات ثم تسلم مقادير السينما لتجارة الخردة واللحوم، لحوم البشر ولحوم الحيوانات، ويستمر وزير الحظيرة فى رشوة المثقفين، وتدجينهم تماما، وتصبح الثقافة مظاهر وقشرة، بينما يتم اغتيال روح مصر بإطلاق التعليم الخاص فى المدارس والجامعات، لتتحول الشهادات إلى  تجارة رخيصة، ويستمر التراجع والتدهور، فيتكون لدينا أجيال من المتعلمين الجهلاء فى كل التخصصات، فلا عجب أن تسقط العمارات الجديدة البناء! وتنهار المنظومة الصحية، وينخر الفساد كل مؤسسات الدولة، وينتحر عبد الحميد شتا المتفوق والذى رفضت  وزارة الخارجية تعيينه رغم نجاحه لأنه فقير!!! وتزداد التبعية للمشروع (الصهيو أمريكى)! وهكذا يصحو العالم كله والوطن العربى خاصة ليجد (داعش) على أبوابه! ولا نجد سوى أغنية (خلى السلاح صاحى) لتعبر بصدق عن مشاعر الملايين! أين الفن؟ أين مطربى هذه الأيام ؟ تجريف شامل!

إن تغيير منظومة التعليم وتحريره من سيطرة التجارة الرخيصة ووضع أكبر ميزانية من أجل بناء الإنسان المصرى أصبحت تمثل ضرورة حتمية، كما أن تغيير فلسفة وزارة الثقافة ووضع استراتيجية ثقافية جديدة تكون فيه الدولة هى منتج ثقافى وفنى منافس وقوى يقدم نوعية خاصة من الإنتاج الثقافى تسهم فى بناء الإنسان المصرى، ولابد من تغيير فلسفة وازدواجية التعليم بالأزهر الشريف وتقديم كتب التراث بوجهة نظر عصرية لا تركز على الضعيف من الأحاديث، أن الثورة الدينية الثقافية ضرورة للنجاح فى الحرب العسكرية على الإرهاب .

تحتاج مصر لتعبئة حقيقية وإلى تصالح مع الداخل، فلا معنى أبدا لحبس رموز ثورة يناير، ولا يمكن أن يستمر قانون التظاهر المعيب، ولا معنى لخصومة مع قطاع ضخم من الشباب وإقصائه، فئة صناع التغيير بثورة يناير وأصحاب الفضل على من يتولى الحكم الآن ولابد من إشراكهم فى الحكم، إن نجاح الحرب على الإرهاب رهين بتحقيق صمود الجبهة الداخلية وتماسكها، والأمر يتطلب عودة قطار الثورة إلى قضبان 25 يناير بعد ما تم إخراجه منها ووضعه على قضبان نظام حكم مبارك!

----------

* خبير إعلامى

[email protected]

##

 

مقالات اخرى للكاتب

بناء جسر التعاون الاقتصادي.. مصر والسنغال يوقعان على اتفاقيات جديدة





اعلان