تصريحات خطيرة جاءت على لسان "علي باقري كني" وزير الخارجية الإيراني بالإنابة خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مستشار الأمن القومي العراقي، مؤخرًا، من المهم الوقوف عندها، حتى نفهم ما يدور في خُلد بعض من الساسة الإيرانيين، تجاه دولنا.
وتصريحات باقري قال فيها، "خلافات أميركا مع إيران ترجع للحصة التي خصصوها لنا، نحن لم نقبل بذلك، ونسعى للحصول على حصتنا في المنطقة"، ومن بين ما أزعجني أنها جاءت في مؤتمر مع مسؤول عربي، ومن دولة مجاورة مباشرة لإيران، وهي العراق الشقيق، وكأنه استهانة بالعراق، أو دول الجوار العربي.
خطورة كلمات الوزير الإيراني بالإنابة، والذي ليس له نصيب أن يكون وزيرا في التشكيل القادم للحكومة الإيرانية، أنها جاءت أيضا، بعد مرحلة تقارب مهمة بين السعودية وإيران، نتيجة جهود دبلوماسية حققت تقدما في ردم جزء كبير من الهوة السحيقة والتي ظلت لسنوات بين الرياض وطهران، وبالتالي صدور مثل تلك التصريحات، تعود بالعلاقات خطوات للوراء، وتكرار مثل هذه النوعية من التصريحات قد تؤدي إلى إنتكاسة في العلاقات.
تصريحات علي باقري والتي نقلتها حسب صحيفة "إيران إنترناشيونال" تسببت في حالة من الغضب وردود فعل على صفحات التواصل الإجتماعي، "السوشيال ميديا"، وأثارت مخاوف وقلق الكثير من النشطاء على هذه الصفحات، فيما لم نر موقفا رسميًا، أوشبه رسمي، تجاهها.
جاءت ردود الفعل على تصريحات وزير خارجية إيران بالإنابة من نشطاء خليجيين أكثر من أي مناطق أخرى، إتساقا من الخلاف التاريخي بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وإثارة للأطماع التاريخية لطهران في الخليج، منذ بدء حكم آية الله الخوميني، وسقوط الشاه.
رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور جاء رده قويًا قائلا "أتعجب من هذا التصريح الصادر من رجل سياسي يملك الخبرة والحنكة ويتحدث هكذا عن "محاصصة" الوطن العربي علناً كما لو كان مجرّد قطعة أرض متاحة لأي عابر سبيل!".
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث جاءت التحذيرات قوية من كلمات وزير الخارجية في طهران، فقد قال عنها (الحبتور) "هذا التصريح يدق ناقوس الخطر أمامنا ويذكرنا أننا لسنا أطفالًا بحاجة إلى "وصاية" أو "رعاية"، والسبيل لتوحيد واستقرار منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل مختلف التحالفات المعلنة وغير المعلنة بين الأطراف المتعددة، يبدأ من التعاون فيما بيننا لكفّ كل التدخلات الأجنبية والاستقلال التام في شؤوننا سياسياً، اقتصادياً وحتى اجتماعيا".
ووجه رسالته للعرب لمواجهة هذه الأطماع قائلا "أبرز مثال على التعاون والوحدة، هي منطقة الخليج العربي التي حققت نجاحاً وتقدماً مبهراً في مختلف المجالات، بفضل القيادة الحكيمة والتعاون بينها وبين الشعب كجسدٍ واحد، والاستقلال التام عن أي مؤثر خارجي، ويمكن للوطن العربي إن احتذى حذونا، أن يثبت للعالم بأسره قوته وقدرته على النجاح، على الرغم من كل المحاولات لإغراقه بحالة دائمة من عدم الاستقرار".
ومن بين ما لفت نظري تعليق قال فيه أحد النشطاء، في تفسير أو تحليل لكلمات باقري التي لم تتعد 19 كلمة، ما قاله حساب بإسم "حزام القحطاني" عن تلك كلمات (هذا أصدق تصريح إيراني منذ زمن طويل، الخلاف مع أمريكا وإسرائيل ليس خلافا وجوديا بل خلاف توزيع حصص لا أكثر، فإيران حاليا تحتل العراق وجزءا من سوريا ولبنان واليمن، وهدف إيران الاستراتيجي هو دول الخليج وهذا ما تعمل عليه بكل طاقتها مدفوعة بملايين من الجموع المرتبطة بها ودعايتها المخدوعة).
البعض يرى أن كلمات "باقري" تؤكد محاولة الغرب المستميتة لجعل إيران العصا التي تهدد بها دول الخليج والمنطقة، وأن دولته مدعومة غربياً، رغم هشاشتها لم تسقط بسبب الدعم الغربي الأوروبي لها.
وهناك غير متفائلين من كلمات على باقري، وتصل إلى قولهم "نحن لا شئ في نظرهم، ولم تأت هذه النظرة من فراغ، بل من واقع جعلت فيه القيادات العربية من أجل الكراسي بلدانها ذليلة محتاجة للغرب والشرق لحمايتها، وكل يوم نسمع عن اتفاقيات من هذا القبيل بمقابل ضخم من كرامة بلدانها و خيراتها".
والبعض يأخذ بتصريحات باقري إلى أكثر من ذلك، قائلا "يا سيدي لم يعد يخفى على أحد المشروع الإيراني في المنطقة بتصريحات الوزير أو بغيرها، الطموح الإيراني في المنطقة معروف ولا يقل خطورة عن الطموح الإسرائيلي.، يجب على الشعوب الواعية أن تنبذ كلا المشروعين وتلتفت إلى التنمية والتعاون مع الدول العربية الشقيقة".
وأخر يقول "انظروا إلى دولة الإمارات إلى قطر إلى السعودية وسائر دول الخليج تنعم في رغد من العيش، والسلام والطمأنينة، وتنقل خيرها إلى أي بقعة تدخلها للتنمية بالتعاون مع حكومات الدول".
و"انظروا إلى إيران ترزح في بيئة مرضية من الفقر والاغتيالات (رئيسي) والاقتتال الإقليمي ودعم الميليشيات الخارجة على القانون والمصادرة لقرارات الدول وسيادتها على أرضها، والمغتصبة لإرادة الشعوب الوطنية ونزعتهم القومية.... العربي للعربي وإن طال الزمان به، أما خامنئي وكسرى فهما وجهان لغطرسة واحدة ومشروع توسعي فارسي واحد".
الرسالة لساسة إيران .. إحذروا أي هفوات، ولا تشعلوا فتيل أزمات، فالمنطقة كلها على قنبلة منزوعة الفتيل.. ولا تنجروا وراء تحريضات، فالأزمات تحتاج إلى حلول، وليس الكبس على زر التفجير.. وفي منطقتنا العربية مازال أمام طريق التعاون المنشود مسافات .. نريد تقصيرها وتجاوز مطباتها.
-------------------------------
بقلم: محمود الحضري