18 - 06 - 2024

ماذا يريد الشعب؟ (١٠)

ماذا يريد الشعب؟ (١٠)

تقول المادة ١٨ من الدستور (لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها جغرافيا).

هذا الحق الدستورى للمواطن فى مجال الصحة، يمثل حجر الزاوية ليس فى الاهتمام بصحة المواطن ولكن فى بناء دولة تعلم وتعى أن الإنسان وسلامته الجسدية والنفسية هى البناء الاصيل لأى دولة متقدمة أو تحاول أن تكون متقدمة. ويحدث هذا فى كل الأنظمة السياسية بلا استثناء إلا نظامنا السياسى الذى يتفنن فى إهدار هذا الحق وغيره من حقوق لمواطن يعيش حالة الكفاف. تلك الحالة التى أصبحت تمثل أغلب الطبقات غير تلك الطبقة التى تمتلك كل شئ ولا تترك لأى أحد شيئا اخر! وفى حالة فقر تعدت الأربعين فى المائة تصبح الخدمة الطبية العامة هى الأمل والمنقذ فى ظل سيطرة مناخ طبى خاص واستثماري تجاوز كل الحدود الاقتصادية والإنسانية والقانونية. ومع هذا وجدنا البرلمان المبجل الذى يمثل تلك الجماهير المعوزة وغير القادرة والمحتاجة إلى تلك الخدمات الصحية العامة وليست الاستثمارية، يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى إدارة مستشفيات عامة! وبالطبع فهذا القطاع الخاص لن يدير منشآته هادفا إلى تقديم خدماته للفقراء والمحتاجين لوجه الله الكريم. 

هنا يمكن أن نسمع من يقول أن هناك مايسمى بالتأمين الصحى والتأمين الصحى الشامل، الذى يقدم الخدمة الطبية لكل العاملين والمشاركين فيه.

أولا: بالنسبة للتأمين الصحى الشامل الذى طبق فى بعض المحافظات فقط، وعليك خير سيطبق بعد سنوات وسنوات على باقى المحافظات وحينها يكون المرض والموت حقا منفردا للفقراء! 

أما مايسمى بالتأمين الصحى، فإليك تجربة خاصة خضتها هذا الأسبوع مع هذا التأمين. أراد الله سبحانه إصابة زوج ابنتى بورم خبيث فى القولون، تمت العملية الجراحية فى مستشفى خاص يتعامل معه الطبيب!! وهو يعمل مدرس لغة إنجليزية، فذهب للتأمين الصحى لأخذ الجلسات والعلاج الذى حددته طبيبة الأورام بالتأمين الصحي، وعند الذهاب إلى المستشفى كان يجب أن يأخذ علاجا قبل الجلسة قالوا إنه غير موجود. وكان يمكن التنبيه على ذلك قبل الجلسة حتى يتم توفير العلاج من الخارج على حساب المريض طبعا. نزلنا نبحث وجدنا العلاج فى السوق السوداء وتم الشراء لأخذ  جلسة الكيماوي، وكان العلاج المحدد من طبيبة التأمين يشمل اقراصا يتناول منها ستة أقراص يوميا لمدة أربعة عشر يوما كل شهر طوال مدة العلاج. لم نجد الأقراص فى المستشفى فقيل لنا ابحثوا فى مستشفيات التأمين الصحى. ذهبنا إلى كل مستشفيات التأمين حصرا على مستوى القاهرة ولم نجد. قيل اشتروا الأقراص من الخارج، جبنا صيدليات القاهرة وأسيوط (فابتتى فى القاهرة وأنا فى أسيوط). اتصلت بخدمات شكاوى مجلس الوزراء لم يرد. اتصلت بالصديق الأخ حمدى رزق، أرسل الاستاذ حمدى رقم طوارئ للاحتياج لدواء غير موجود. الرقم غير صحيح! بحثنا ووسطنا وترجينا. هنا أنقذنى الصديق المحترم دكتور صلاح مبروك أستاذ الأورام بأسيوط بشريطين من الأقراص أرسلتهم ليلا إلى القاهرة، هنا تقدم الأصدقاء من الصيادلة إلى توصيلنا بمن يعطينا العلاج، العلبة بألفي جنيه تم شراؤها بسنة آلاف وأخرى بسبعة آلاف!

هل لى أن أعلق ؟ أم أترك لكم أيها القارئ العزيز أن تعلق؟

أقول هذا كان نتيجة لأن هذا العلاج مستورد، هنا نقول بل هناك عشرات العشرات من الأدوية المهمة جدا مستوردة، فأنا أجلس فى صيدلية صديق لى. شاهدت أن أكثر من تسعين فى المائة من الأدوية غير موجودة؟ هنا نقول أين الحكومة؟ وأين رئيس الوزراء هذا؟ وماهى الخطة الاقتصادية الصحيحة للتعامل مع كمية الدولارات الواردة نتيجة لما يسمى رأس الحكمة وأخواتها؟ فهل الدواء لا يتساوى مع السلع الاستهلاكية التي أفرجتم عنها من  الجمارك؟ وهل صحة الإنسان أصبحت لا تساوى شيئا؟ وماذا يفعل المحتاج الذى لايملك العلاج فى مستشفيات الاستثمار، والذى لم يجد علاجه لا فى مستشفى عام ولا تأمين صحى؟ أين نواب الشعب، هل هم نواب الشعب ام نواب الحكومة؟ مصر ياسادة هى الشعب بكل طبقاته وبكل اتجاهاته، والصحة هى الاستثمار الأمثل فى تقديم شخصية مصرية قادرة على التعلم والتطور لصالح مصر ووطننا العزيز والغالي. مصر كل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم الصامد والصابر.
-----------------------------
بقلم: جمال أسعد 
سلسلة مقالات "ماذا يريد الشعب؟"


مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٣)





اعلان