18 - 06 - 2024

اتحاد القبائل العربية .. جدل لا ينتهي وانتقادات للعرجاني

اتحاد القبائل العربية .. جدل لا ينتهي وانتقادات للعرجاني

في الأول من شهر مايو الحالي، شهد المصريون إعلانًا غير متوقع بتدشين ما يُعرف بـ "اتحاد القبائل العربية" في محافظة شمال سيناء، برئاسة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، وبمشاركة كل من أحمد رسلان، النائب البرلماني عن محافظة مطروح ورئيس لجنة الشؤون العربية السابق، واللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية السابق، الذي تم تعيينه نائبًا للرئيس، بالإضافة إلى تعيين البرلماني والصحفي مصطفى بكري كناطق رسمي باسم الاتحاد.

إعلان اتحاد القبائل العربية أثار جدلاً واسعاً داخل مصر وخارجها، وبلغت بعض التعليقات ذروة الإساءة بوصفه كياناً موازياً للدولة، ما ينذر بالمساس بدور الجيش المصري في حماية الأمن القومي وفقاً للدستور. بعض الأصوات حذرت من أن هذا الاتحاد قد يسفر عن سيناريوهات مماثلة لتلك التي شهدتها ليبيا والسودان، حيث أصبحت سلطة القبيلة تتفوق على سلطة الدولة.

المتابعون العرب ربما لاحظوا هذه التصريحات المثيرة للقلق والتي تحمل أبعاداً خطيرة، مما قد يجعلهم يظنون أن مصر، التي كانت تعتبر تقدماً في مجال تطوير القوانين وتعزيز سلطة الدولة، تعود إلى الوراء. ولكنهم قد لا يدركون أن معظم القبائل في مصر تعتمد على دعمها للدولة، وليس العكس. فعلى الرغم من التوجهات السياسية للنظام الحاكم، فإن معظم القبائل لا تمثل تهديداً للسلطة، وتظل مقاعدها في البرلمان وبعض الوظائف الحكومية وراثية ليست لأنها قوية أو لها نفوذ يُخشى منه، بل بسبب علاقتها القوية بأجهزة الدولة التي تتحكم في منح الامتيازات وفرض القيود.

في مصر، توجد قبائل عريقة لم تثر أبداً الصراع مع الدولة أو تتحدى سلطتها. ومع التقدم وانتشار الثقافة والتعليم، تتأثر مساحة حركة القبيلة، وبالتالي يصعب تضخيم دورها بالطريقة التي تجعلها تتفوق على الدولة أو تتحكم فيها.

اتخذ الاتحاد خطوات نحو التواصل من خلال صفحة خاصة به على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث أصدر عدة بيانات أثارت جدلًا واسعًا بين المصريين، حول طبيعته ودوره، خاصة بعدما أطلق بيانًا يحذر فيه من تداعيات تحركات جيش الاحتلال الإسرائيلي باتجاه مدينة رفح الفلسطينية، مطالبًا بتدخل مجلس الأمن الدولي لمنع العدوان، ودعوة الجامعة العربية لعقد جلسة عاجلة لمناقشة الأوضاع.

تلقى التأسيس الجديد انتقادات واسعة من المواطنين، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّروا عن استيائهم من استبدال جزء من علم مصر برمز الاتحاد، واستغرابهم من الخط الفاصل في العلم الذي ظهر خلال حفل التدشين. كما أثار اختيار إبراهيم العرجاني لرئاسة الاتحاد استياءً، خاصة بعد الجدل الذي رافق نشاطات شركته في تسهيل مرور النازحين من غزة إلى مصر عبر معبر رفح البري مقابل مبالغ مالية كبيرة. كذلك، ظهرت آراء تقارن بين اتحاد القبائل و"الدعم السريع" في السودان، الذي يشن حربًا ضد الجيش، لكن بعض المصريين استبعدوا تلك المقارنة نظرًا لقوة الدولة المصرية ومركزية سلطتها.

انعقد المؤتمر التأسيسي الأول للاتحاد في مدينة السيسي بالقرب من رفح، مما أثار تساؤلات حول دور العرجاني فيه، خاصة بالنظر إلى تزايد ثروته بشكل ملحوظ وعلاقته بالقوات المتعددة الجنسيات في جنوب الشيخ زويد. وبحسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، فإن العرجاني أول مدني يهبط بطائرة في مطار الجورة العسكري منذ عام 1982، مما زاد من تساؤلات المصريين حول دوره وأهميته.

يُعتبر اتحاد القبائل العربية منظمة تضم أكثر من عشرين كيانًا قبليًا، وفي البيان التأسيسي، تم التأكيد على أهدافه المتعلقة بتوحيد القبائل وتنمية المناطق النائية، ودعم المشروع الوطني للرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن حديث مسؤوليه عن دوره في مواجهة التحديات التي تشكل تهديدًا لأمن واستقرار البلاد، أثار تحفظات كبيرة.

ويرى كثيرون أن الدستور المصري يحظر وجود أي ميليشيات أو تنظيمات مسلحة، ويرى أن ما تم الترويج له حول دفاع الاتحاد عن سيناء غير مقبول على الإطلاق.

وبالتوازي مع إعلان تأسيس الاتحاد، تم تسمية إحدى المدن من الجيل الرابع بـ "السيسي"، والتي من المقرر إنشاؤها في قرية العجرة بشمال سيناء.

وفي أول بيان سياسي رسمي صادر عن الاتحاد، تم الإنذار يوم الاثنين من خطورة اجتياح إسرائيل لمنطقة رفح المكتظة بالسكان، وتم التأكيد على ضرورة ممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف العدوان الخطير.

مسؤولو الاتحاد يرفضون وصفهم بأنهم "ميليشيا"، ويؤكدون أنهم كيان يلتزم بالقانون والدستور، الذي يخول القوات المسلحة مسؤولية حفظ الأمن والأراضي المصرية. ويشير المتحدث الرسمي إلى أن الاتحاد ليس تنظيمًا مسلحًا، وأن أفراد القبائل قد قاموا بتسليم الأسلحة التي كانت بحوزتهم خلال مواجهة الإرهاب إلى القوات المسلحة منذ عام 2020، مؤكدًا على عدم رؤية مبررات منطقية لمنتقدي تأسيس الاتحاد في ظل وجود عدة جمعيات مسجلة لدى وزارة التضامن تمثل فئات مجتمعية مختلفة.

ولايزال الكثيرون يثيرون  التساؤلات التي لا تنتهي ولكن يبدو ان الدولة مؤيده بقوة لهذا الاتحاد وانها تريد ان يظهر للعلن وان يعمل على دعمها خلال الفترة القادمة .
---------------------------
بقلم: صلاح العربي


مقالات اخرى للكاتب

خسائر الشركات الأمريكية مكاسب للشركات المحلية ..





اعلان