18 - 06 - 2024

وردة نهلة القدسي وطفولة عبدالوهاب .. تجربة شخصية يكتبها: طاهـر البهـي

وردة نهلة القدسي وطفولة عبدالوهاب .. تجربة شخصية يكتبها: طاهـر البهـي

في ذكرى الأستاذ؛ لا أنسى أبدا تجربة خضتها في الدخول إلى عالم موسيقار الأجيال العظيم محمد عبد الوهاب وتعلمي من مؤسسته التي تشكل ركنا أساسيا من عالمه، سأظل أذكر ما حييت ما كنت شاهدا عليه بل وطرفا فيه في قصة جمعتني ـ دون لقاء ـ بالسيدة الوفية نهلة القدسي زوجة المطرب الأسطورة محمد عبد الوهاب وهو يستحق عن جدارة لقبه الأثير أستاذ ومعلم وناظر مدرسة الطرب على مدار الأجيال؛ فضلا عما يتمتع به من كونه مطرب الصفوة.. نعم هو مطرب الملوك والأمراء وكل من يتمتع بثقافة رفيعة، أتذكر قصتي مع أخلص زوجاته وأكثرهن فهما ورقيا والمؤتمنة على سيرته، أقول هذا رغم اصطدامي الطفيف برغبتها في تصحيح معنى لم يكن حقيقيا لمن نقلوا لها ملخصا مغلوطا عن كتابي عن الموسيقار. 

قبل صدور كتابي الأول عن دور المرأة في حياة الموسيقار المبدع محمد عبد الوهاب "نساء وألحان" عن حياته ومسيرته الفنية، حدث أن نشر الأستاذ عادل حمودة خبرا كتبه الناقد السينمائي الصديق عصام زكريا،  خبر صغير لا يكفي لكشف محتوى الكتاب، في مجلة روزاليوسف المشاغبة، والتي شهدت في منتصف التسعينات رواجاً هائلا لتكون المطبوعة الأكثر انتشارا بحق وليس عن ملصق دعاية، كان الخبر على صغر مساحته ومحتواه الخالي من أية إثارة ليس به أكثر من تنويعة على عنوان الكتاب؛ ولكنه لم يكن بالخبر الذي يمر مرور الكرام على مؤسسة الأستاذ عبد الوهاب، وفي القلب منها السيدة أرملته السيدة العظيمة نهلة القدسي، التي بادرت وأجرت عددا من الاتصالات لا أبالغ أن قلت ما علمته من أنها عشرات المكالمات العاجلة مع هيئة مستشاري ورفقاء الموسيقار المجدد الذي تشرفت بسماع صوته لمرة واحدة عبر الهاتف الأرضي وكنت بصحبة مطرب شعبي شهير هو عمنا شفيق جلال الذي بهرني بقدرته على إدارة قرص الهاتف ليأتينا مباشرة صوت نحنحة الأستاذ عبد الوهاب، وتكرم الأستاذ عبد الوهاب بواحدة من مجاملاته الرقيقة وقال أنه يعرفني (!) وياله من شرف حتى لو كان قد بالغ في مجاملته، ولسوء حظي أن "الأستاذ" رحل عن عالمنا قبل صدور الكتاب والا لعاتب كل من شاركوا في إصداره وتوزيعه، وكانت هيئة أصدقاء ومستشاري الراحل الكبير تضم باقة متفردة من كبار الكتاب والصحفيين الرواد الذين يعدون أساتذة أجلاء للعبد لله أشهرهم الكاتب والناقد الفني الكبير محمد تبارك مؤسس أخبار النجوم وأستاذي محمود عوض الذي أسر لي أنه رشح لرئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون كما قال لي ولكنه كانت له مجموعة من الطلبات لم تتم الموافقة عليها في حينها وأظن أنها لم تتحقق حتى اليوم، لأتلقى مكالمة في مكتبي من أحد رؤساء التحرير لمطبوعة فنية كبرى يبدي فيها انزعاجا لا يخفيه من قبل السيدة نهلة القدسي قائلا لي: إن السيدة نهلة غاضبة بشدة بل ومنزعجة، الحقيقة أنه لم يغضبني النبأ بل زاد من تقديري لها ـ ودورها معروف في حماية سيرة ومسيرة الأستاذ عبدالوهاب ـ وتلقيت طلبا أقرب إلى النصيحة بالعمل على وقف طباعة الكتاب الذي تحدث الخبر عن أنه يناقش حالة الحب والعشق والوله من الأستاذ عبد الوهاب تجاه المرأة وأنه يقدس دورها كملهمة، وكيف أنها كانت هي ملهمته على طول الطريق، وهو ما شرحته بالتفصيل لأستاذي الكاتب ورئيس التحرير الذي لم يكتف بوعدي والتزامي بأن الكتاب لا يسيء إلى الموسيقار، ولكنه طلب مخطوط الكتاب حتى يطمئن أسرة الموسيقار؛ فاعتذرت مكررا الوعد والالتزام، حتى تمكنت من إصدار الكتاب الذي وصفه البعض بأنه باقة ورد مهداة إلى عبدالوهاب وإلى السيدة نهلة القدسي نفسها، وهو مغزى هذه السطور؛ فالسيدة نهلة القدسي منحت عمرها لخدمة الزوج والفنان وكانت من الزوجات اللاتي يصدق عنهن القول "وراء كل عظيم امرأة عظيمة أيضا"، فقد شبهت نهلة القدسي بالزوجة التي امتلكت وردة فواحة بالعطر الخالص، لا فرق بين الوردة والطفل والمبدع، وتعهدتها بالرعاية في صوبة من الإهتمام والحب ومنعت عنه الفراشات الملونة حتى يحافظ  ويداوم على إلهامه وإبداعه..رحم الله الأستاذ ورفيقة دربه.
-----------------------
بقلم: طاهر البهي






اعلان