31 - 10 - 2024

روح الصمت

روح الصمت

للصمت روح أخرى 

لا يراها البلغاء المزيفون

لأنها تستمد نارها من شجر الحكمة والشوك

وحدهم

العارفين

والصرعى غيلة

والمقهورون

والضعفاء

هؤلاء هم سكان الصمت

الذين تعمل قلوبهم

حتى بعد الموت

عندما اخترق الخوف عظام المدينة

صفق الرئيس

وعزف السلام الجمهورى للسفينة

وهى تغوص شيئا فشيئا

الجنازات بين لحظة وأخرى تعبر الطريق 

من الموت إلى الموت

إرهابيون فى أزياء عسكرية وقتلة 

وأفراد عاديون من عامة الشعب

يسكنون التوابيت

وزخات الخوف

تبلل المشهد والمشيعيين

بينما ينتظر السهم فى جعبة الكنانة

اللصوص فى هذه المدينة آمنون

بعد أن خبأوا الغنائم فى خزائن الدم

وعينوا الخوف حارسا عليها

الشعب فى هذه المدينة آمن

فلم يعد لديه ما يغنمه اللصوص

ولا ما يخشاه

هكذا يتخذ الضلال أبهته تحت القبة

ويظل الجمر كامنا فى أعصاب المنتمين إلى أحلامهم

لماذا يفرغون القمامة كل صباح أمام باب النبى

ويطلقون كلاب الخوف فى المدينة التى أنهكها الحلم

يطاردون أشباح الحرية حتى لا تستقر فى مكان

ويمتهنون الكرامة

حتى يدربون الطامحين على القهر

فإذا حان الموعد المضروب

تفقد الحواس قدرتها على الفرح بالنور

هم يخافون من بعضهم البعض 

ومن جرائمهم الدامغة التى يدل عليها الشهداء

يحتسون دم الضحايا كل مساء

وهم يقرؤون التقارير المزيفة

على ضوء الشموع السوداء

أين يسكن الشيطان فى هذه المدينة

ولم يعد هناك قلب ورع

ولا جريمة لم ترتكب

وفى خضم العاصفة

 طاشت ريشة العدالة

إلى أفق لا ينتمى إلى حدود الخريطة

الحقيقة طفلة يطاردها السياف

عريها حشمتها

ليس من بين خياراتها الخوف أو الصمت أو الموت

فإذا قطع السلطان لسانها 

تجدها بادية فى دموع المتهمين بالثورة خلف القضبان

أين تستريح الملائكة التى أنهكها الضلال

وقد تشبع الهواء، والأثير والفضاء بالفتنة والكذب المفضوح

وقد راح اللصوص يبدلون الأقنعة مباشرة على الهواء

وخبأ القضاة أدلة الأثبات على مرأى من الجماهير

بينما تكاد أدعية الظلومين

من فرط حماستها

أن تسقط المعبد الذى فرت منه الملائكة و الرحمة

أى سماء تلك التى ترى كل هذا وتلتزم الصمت

أى شعب هذا الذى أراد الحياة فكوفئ بالموت

وراح يصفق للراقصين حول جثث المغدورين

أى كرامة تلك التى رضيت بنقيضها مفتوحة العينين

تعفن الجرح الذى يسكنه الجلاد والضحية

وأغلقت الأبواب كلها دون رجعة

حتى تلحق الضحية بالجلاد

لقد سرقوا من الناس أيامهم وأموالهم

ودبروا مكيدة حتى لا يهبط الليل

فسرقوا من الناس أحلامهم

لكنهم بعد رحيل المشيعيين

راحوا يفتشون فى قلوب الميتين غيلة عن أحلامهم

فى ظلام القبور

ضعوا للشهداء فى المدافن جرة ماء عذب بارد

هاتوه من أعالى النيل

قبل أن يلوثه الصرف الصحى

والجثث

والخوف

فقد ماتوا واقفين فى الميدان

عطشى إلى الماء والحرية والأمن

ضعوا جرة أمن فارغة فى ركن من أركان الجبانة

لعلها تمتلئ وتفيض

عندما تتنزل ريشة العدالة ماعت

فى وسط الميدان

هذه نصيحة صادقة للطغاة

وكلى يقين أنهم لن يعملوا بها

مهربكم الوحيد

أن تكونوا نورا

لا ينقص من المصباح شئ إذا أضاء

لكن ملاك حماقتى قال:

ومتى تحولت القلوب الآثمة إلى نور.

##

مقالات اخرى للكاتب

وزير الخارجية يهنئ