أكد تقرير "حلول للسياسات البديلة - عدسة" بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن سرعة تفشي المجاعة في غزة غير مسبوقة في القرن الـ 21، فلم تحدث كوارث طبيعية تسبب تفاقم النقص الحاد في موارد الغذاء كما في السودان، ولا توجد مؤثرات متعلقة بسلاسل التوريد الدولية نتيجة الحرب على أوكرانيا كما حدث في الصومال.
ولا تضاهي أزمة غزة ذروة الأزمة الصومالية أو ما حدث أثناء الحرب الأهلية في اليمن ما يعيشه سكان غزة حاليًّا خاصة أنهم يتجمعون في مساحة صغيرة. يتعلق الأمر بالحصار غير المسبوق من قبل إسرائيل والإبادة الجماعية منذ الـ 7 من أكتوبر.
وأصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا جديد يؤكد أن المجاعة في قطاع غزة قد بدأت بالفعل، والذي يأتي في سياق قضية الإبادة الجماعية المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.
ويعاني حوالي 50% في الشمال من التجويع الذي توفي بسببه 23 طفلا حتى الآن، وللمجاعة آثار طويلة المدى على صحة الإنسان، خصوصا الأطفال دون سن الخامسة وحديث الولادة، والأجنة.
وضع لن يتحسن قريبًا
وذكر تقرير (عدسة): أدى التجويع إلى تعرض 90% من الأطفال دون الـ 5 سنوات لمشاكل نتيجة سوء التغذية أو أمراض أخرى تنتشر أوقات المجاعات، مثل: الجفاف والإسهال الذي وصل عدد المصابين به إلى 70% من المواطنين خلال شهور الأزمة السابقة، ويساهم في تفشي المرض عدم وجود مياه شرب صالحة، وخدمات صرف صحي.
ويمنع استمرار الحرب وصول المساعدات الدولية بشكل مباشر إلى أهل غزة مع انهيار البنية التحتية، ويوقف قدرة منظمات الإغاثة على العمل للحد من آثار المجاعة.
ونوه إلى أن إسرائيل دمرت ثلث الأراضي الزراعية في القطاع حتى يناير الماضي وكانت دير البلح أكثر المناطق تضررًا، وفقدت غزة خمس الصوب الزراعية وثلث البنية التحتية لأنظمة الري، وقبل الحرب الحالية سيطرت زراعة الفاكهة والخضراوات بنسبة 53%، وهي منتجات مهمة للنمو الطبيعي للأطفال.
وشدد تقرير (عدسة) على أن ما يزيد من المعضلة تركز المساعدات على الدقيق والزيوت النباتية التي لن تلبي حاجة الأطفال الضرورية من المغذيات الدقيقة وتضرر عملية نموهم، وتفوت الفرصة الوحيدة لهم للاستفادة مما تحتاجه أجسامهم في هذا العمر.
وقال: لذا من الضروري تركيز المعونات حاليًا وما بعد انتهاء الحرب- في توفير حصص غذائية متوازنة ومساعدات مادية تزيد قدرة الأسر على شراء الغذاء الذي وصلت معدلات ارتفاع أسعاره إلى 1000% للقمح على سبيل المثال.
وقال: يجب بالطبع مراعاة صعوبة تحسن الوضع سريعًا بعد الحرب لمشكلات متعلقة بالتمويل وتحديات استيراد المعدات اللازمة وشروط إسرائيل عدم وصول حماس إلى تلك الموارد. وهي مشكلات تتكرر خلال إعادة البناء بعد كل حرب يشنها جيش الاحتلال على غزة.
تأثيرات المجاعة مستقبلًا
يؤدي انعدام الأمن الغذائي الحالي إلى زيادة نسب الأطفال ممن يعانون نقصًا في مغذيات النمو على المدى الطويل، حيث يتخلف الأطفال عن أمثالهم الأصحاء في اختبارات الذكاء، وتمتد التأثيرات إلى قدراتهم الاستيعابية ونموهم الإدراكي، ناهيك عن التأثيرات النفسية للحرب. أما حديثي الولادة والأجنة فتزداد احتمالية إصابتهم بأمراض مزمنة، مثل: السكري والأمراض القلبية وتشوهات عضلية وعظمية وضعف السمع.