02 - 06 - 2025

محكمة فيدرالية أمريكية تبدأ نظر دعوى تتهم بايدن وبلينكن وأوستن بالمشاركة في "إبادة جماعية" بغزة

محكمة فيدرالية أمريكية تبدأ نظر دعوى تتهم بايدن وبلينكن وأوستن بالمشاركة في

القاضي جيفري وايت في ختام الجلسة: "الشهادات التي سمعتها المحكمة مروعة ولا توجد كلمات لوصفها ..هذا أصعب قرار قضائي سآخده في حياتي وسأتعامل معه بكامل الجدية"

استمع قاضٍ في محكمة فيدرالية بمدينة أوكلاند في كاليفورنيا، اليوم الجمعة، إلى شهادات فلسطينيين في قضية رفعها "مركز الحقوق الدستورية"، ومجموعة من المنظمات والأفراد الفلسطينيين والمناصرين للحقوق الفلسطينية، بينهم المبادرة المصرية، ضد الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزيري الدفاع لويد أوستن والخارجية أنتوني بلينكن لاتهامهم بالمشاركة في الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، وذلك بسبب دورهم في دعم حرب إسرائيل على غزة، وتقديمهم دعماً غير مشروط للحكومة التي ترتكب جرائم حرب وإبادة جماعية مشتبها فيها ضد الشعب الفلسطيني.

ومن بين من تقدموا بشهادتهم إلى المحكمة في الدعوى المقامة جوش بول، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الامريكية والذي تقدم باستقالته احتجاجًا على استمرار تسليح الولايات المتحدة لإسرائيل في ظل الإبادة الجماعية للفلسطينيين.

وعقدت في السابعة من مساء الجمعة أولى جلسات نظر الدعوى وانقسمت إلي ٤٥ دقيقة للمرافعة في المسائل القانونية والشكلية والاختصاص وساعتين لسماع الشهود من قبل المدعين الفلسطينيين

بدأت جلسة المحكمة بقراءة رئيس المحكمة القاضي جيفري إس وايت ملخص الدعوى

ثم ترافعت كاثرين غالاغر كبيرة المحامين بمركز الحقوق الدستورية الذي أقام الدعوى نيابة عن الفلسطينيين، للرد على سؤال القاضي: لماذا يحق للمحكمة نظر هذه الدعوى بما لا يخل بمبدأ الفصل بين السلطات؟ هل تخضع السياسة الخارجية لمبدأ عدم جواز نظر "المسائل السياسية"؟

وقالت كاثرين غالاغر: هذه القضية لا تطلب من المحكمة الإجابة عن سؤال سياسي، وإنما سؤال قانوني. هل فشلت الولايات المتحدة في إيقاف الإبادة الجماعية التي نشهدها في قطاع غزة؟ وهل خالفت القانون الدولي وقوانينها المحلية بدعم إسرائيل؟

ثم قدمت جين لين المحامية عن الرئيس الأمريكي ووزيري الخارجية والدفاع، دفوع الإدارة الأمريكية في طلبها بصرف القضية وعدم تداولها لكونها "قضية تتعلق بالسياسة الأمريكية" وليست مسألة قانونية.

وقالت ممثلة الدفاع عن وزارة العدل الأمريكية للإجابة عن نفس السؤال إنه: "لا يجوز للمحكمة نظر السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشأن إسرائيل، لأن من شأن ذلك أن يسبب حرجًا دوليًا ويضر بعملية صنع قرارات السياسة الخارجية ويخل بمبدأ الفصل بين السلطات".

وكان السؤال الثاني من القاضي وايت لطرفي الدعوى: بفرض أن المحكمة قررت أن موضوع الدعوى غير قابل للتقاضي بوصفه "مسألة سياسية" هل يتوجب على المحكمة في الوقت ذاته أن تصدر قرارًا بشأن الطلب الوقتي لإصدار أمر احترازي بوقف الدعم الأمريكي لإسرائيل؟

وسأل القاضي محامية الحكومة الأمريكية: لماذا كان يحق للقضاء أن ينظر ويوقف قرار الرئيس السابق ترامب بمنع دخول المسلمين للولايات المتحدة ولم تعتبر وقتها مسألة سياسية تخرج عن اختصاص القضاء؟ 

ثم سأل القاضي دفاع الطرفين: هل يحق للمدعين الفلسطينيين الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية واتهام الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل في جريمة الإبادة الجماعية؟

وأجابت باميلا سبيس كبيرة المحامين بمركز الحقوق الدستورية بالنفي واتفقت معها محامية وزارة العدل الأمريكية.

ثم رفع القاضي وايت الجلسة لمدة 20 دقيقة بدأت بعدها المحكمة في سماع شهادات المدعين الفلسطينيين لمدة ساعتين. 

وقالت ليلى الحداد، المشاركة في الدعوى القضائية، في شهادتها إن: "ما يشهده أقرباؤنا في شمال غزة من أكل طعام الحيوانات وشرب المياه الملوثة يشكل أحد مظاهر المجاعة… نحن نحمل الولايات المتحدة مسؤولية تدمير حيواتنا"

ثم أدلى الطبيب الفلسطيني عمر النجار بشهادته ، عبر تطبيق زووم من مستشفى في رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة ، وقال إن إسرائيل أجبرته على اللجوء مرتين، الأولى عند إجبار أسرته على ترك موطنهم في يافا، ثم من مخيم خزاعة في خان يونس إلى غزة، ووصف ظروف إجباره وأسرته على النزوح القسري داخل غزة.

وأضاف: "رأيت على القنوات الإسرائيلية أن بيتي وبيوت أسرتي تم تفخيخها وهدمها. يوجد الآن نحو 2 مليون نازح في رفح والمستشفى التي أعمل بها غير قادرة على تقديم الرعاية الطبية المطلوبة في ظل وضع كارثي"

وقال عمر النجار للمحكمة: "فقدت اتصالي بزملائي من طاقم مجمع ناصر الطبي مع بدء الاجتياح البري الإسرائيلي لخان يونس وسيناريو مجمع الشفاء الطبي يتكرر هناك الآن"

ثم أدلى أحمد أبو فول وهو لاجئ فلسطيني من غزة، ومختص بالقانون الدولي وعضو منظمة الحق المشاركة في الدعوى، بشهادته داخل قاعة المحكمة وقال: "أنا الجيل الثالث من أسرتي التي أجبرت على النزوح من الأراضي المحتلة في 1948 إلى غزة"

وقال في شهادته أمام المحكمة: "غزة كما نعرفها لم يعد لها وجود، كل شيء لدي فيه ذكرى تم تدميره: جامعتي وبيتي والجدران التي كتبنا عليها كل شيء تم تفجيره، حتى الكنيسة التي حضرت فيها زفاف أصدقائي وهي ثاني أقدم كنيسة في العالم وأرشيف غزة تم تدميره"

وأضاف أبو فول: "بعض أفراد أسرتي مفقودين ولا نعرف مصيرهم، البعض الآخر من بين من اعتقلتهم القوات الإسرائيلية ونخشى أنهم يتعرضون لظروف احتجاز قاسية، وشقيقتي اضطرت للولادة من دون رعاية طبية لائقة، وتعاني كغيرها من الغزيين من الجوع والعطش"

وقالت الكاتبة الفلسطينية الأمريكية ليلى الحداد في شهادتها: "الرئيس بايدن يملك أن يوقف هذه المقتلة بمكالمة تليفونية، لكنه يدعم ويتغاضى عن الإبادة الجماعية التي تجري على يد الإسرائيليين في غزة، وأنا هنا اليوم في محاولة لإيقاف كل هذا"

وأضافت ليلى الحداد: "لا أملك رفاهية التوقف لأحزن على من فقدتهم، لأني مشغولة بالعمل حتى لا أفقد أفرادا آخرين من أسرتي. علاقتي ببناتي تأثرت لأنني أعيش مع فكرة أنني أموِّل بضرائبي قتل أفراد أسرتي في غزة!" لذلك تقدمت بهذه الدعوى كمواطنة أمريكية دافعة للضرائب أرفض أن تستخدم ضرائبي في قصف أسرتي. أعضاء أسرتي باتوا نازحين بعد تدمير منازلهم.

ثم أدلى الفلسطيني الأمريكي وائل البحيصي بشهادته أمام المحكمة كأحد المدعين، لكون أسرته من المتعرضين للقصف الإسرائيلي في غزة، وأجاب عن سؤال محامي الادعاء حول وضع أسرته، بالقول إن "أكثر من 100 من أفراد أسرته إما قُتلوا أو أصيبوا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة"

ثم قال الشاهد محمد مناضل حرز الله: "أود أن أقول أننا تعلمنا في المدارس والجامعات - وهو ما يتعلمه الطلبة في الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الفصل بين السلطات - أن هذه المحكمة والسلطة القضائية عليها أن تلزم السلطة التنفيذية بالدستور"

وسأله محامي الإدعاء: كيف تشعر اليوم وأنت تتابع استمرار أعداد القتلى والضحايا في الارتفاع بشكل يومي؟

وأجاب حرزالله: "أحس بشعور لا يمكن وصفه, في آخر 24 ساعة أثناء متابعتي قتل ما يزيد عن 200 شخص، وأثناء انعقاد هذه الجلسة فقط ربما سقط 8 أو 9 من الضحايا.

وانضم محمد مناضل حرز الله، إلى الدعوى مع شقيقه وشقيقته بعدما فقدوا أفرادًا من أسرتهم في غزة جراء "الإبادة الجماعية" الجارية في القطاع، وقال: "الرئيس بايدن ووزيري الدفاع والخارجية لديهم القدرة على إيقاف القتل ولكنهم يسهلونه ويدعمونه"

وسألت محامية الإدعاء باسم القرة وهو أحد المدعين ضد بايدن، وهو مواطن فلسطيني أمريكي والديه من قطاع غزة، عما اذا كانت مشاهد الحرب اليوم تستدعي ذكرى القصف في طفولته؟

وأجاب القرة: "ما زلت أذكر وقع قصف صاروخي واحد وأنا طفل، لا أستطيع تخيل كيف يمكن لأطفال - أو حتى بالغين - أن يتعايشوا مع هذا القصف يوميا لمدة تزيد عن 3 أشهر. قنابل وزنها 2000طن يتم إسقاطها بشكل يومي!"

وتابع قائلا: "مسجد العمري عمره مئات السنوات، جزء كبير من تراثنا يتم تدميره وسرقته، الأمر وصل إلى استعراض المسروقات في الكنيست، والولايات المتحدة تعرف ذلك ومسيراتها تطير فوق القطاع وتطلع على التطورات بشكل لحظي، ومع ذلك تستمر في تسليح إسرائيل لهذه الدرجة. الولايات المتحدة مسؤولة كشريك"

وسألت محامية الإدعاء باسم القرة: لماذا تختصم بايدن وبلينكن؟

وأجاب قائلا: "المسؤولون الإسرائيليون أعلنوا بشكل صريح عن نوايا الإبادة، استخدموا وصف "حيوانات بشرية" ومنعوا الماء والغذاء، كل ما قيل علنا وموثق بشكل كامل ويتشابه مع مقدمات الإبادة الجماعية في الحالات التاريخية.كل هذا موثق"

وسألته محامية الإدعاء : "هل فقدت أفرادا من عائلتك"؟ فأجاب قائلا: حتى وقف إطلاق النار المؤقت وطبقا للأسماء المنشورة، كنا قد فقدنا 73 شخصا من عائلتي من الناحيتين.

وقال خالد قزمار من منظمة الدفاع عن الأطفال الدولية في شهادته أمام المحكمة: "طوال سنوات عملي لم أشهد أبدًا موت طفل كل خمس دقائق كما يحدث في غزة. ولا أمل لدي أبدًا في النظام القضائي الإسرائيلي الذي نراه مُصمّمًا لقمع الفلسطينيين ونفي حقوقهم."

وأضاف قزماز: "الأطفال الذين أصيبوا، أوضاعهم أكثر مدعاة للحزن من الذين قتلوا، فلا توجد وسيلة لتخفيف آلامهم، وكثيرون منهم سيموتون جراء تفاقم وضع الإصابة والألم وغياب العلاج والطعام والماء، لكنهم سيعانون حتى الموت!"

وأضاف: "انضممنا إلى هذه الدعوى كجزء من عملنا على خلق بيئة مواتية لحماية الأطفال الفلسطينيين، ونحن نحاول بشتى الطرق الضغط من أجل وقف الإبادة التي تحدث الآن. وموجودون في أكثر من مكان في الضفة الغربية وفي غزة".

ثم تقدم للشهادة الأكاديمي الأمريكي وأستاذ التاريخ اليهودي المختص في دراسة الهولوكوست والإبادة الجماعية باري تراختنبرج، فأكد "تجاوز الحكومة الأمريكية للقوانين الحاكمة للمساعدات بإرسال أسلحة لإسرائيل من دون موافقة الكونجرس"، مما أثار احتجاج محامي الحكومة الأمريكية لكون الشاهد "ليس خبيرًا في شؤون الكونجرس" وسجل محامي الحكومة اعتراض فريق الدفاع على الشاهد ، لكن القاضي رفض اعتراض محامي الحكومة وقال إنه يقبل الشاهد كخبير.

وقدمت المرافعة الختامية باميلا سبيس المحامية بمركز الحقوق الدستورية بشأن طلب المدعين إصدار أمر وقتي بفرض إجراءات وقائية تتمثل في وقف أي دعم عسكري أو مالي أو دبلوماسي إضافي من الولايات المتحدة إلى إسرائيل أثناء الحرب الجارية

ثم قدمت محامية الحكومة الأمريكية المرافعة الختامية فقالت: "ما يحدث في غزة مأساة تمزق القلوب ولذلك تسعى السلطة التنفيذية دبلوماسيًا لوقفها لكن هذه المحكمة ليست مختصة بالحكم على سلوك دولة إسرائيل ومدى مساعدة الولايات المتحدة لهذا السلوك"

وقال القاضي جيفري وايت: "أقول للشهود (الفلسطينيين) الذين مثلوا أمام المحكمة اليوم بشخصهم أو عبر زووم أن هذه المحكمة كإحدى سلطات الدولة قد رأتكم وسمعتكم وسوف أدرس شهاداتكم بعناية وأقوم بواجبي الدستوري… هذا أصعب قرار قضائي سآخده في حياتي وسأتعامل معه بكامل الجدية"

وأضاف القاضي في ختام الجلسة: "على مدى 27 عامًا هذه أصعب قضية نظرتها من حيث الوقائع والقانون. الشهادات التي سمعتها المحكمة مروعة ولا توجد كلمات لوصفها".
---------------------------------
متابعة: فدوى مجدي - هيباتيا موسى