05 - 05 - 2025

حواديت يكتبها: طاهـر البهـي | متى نكرم بهيجة حافظ .. أم السينما المصرية؟!

حواديت يكتبها: طاهـر البهـي | متى نكرم بهيجة حافظ .. أم السينما المصرية؟!

40 عاما على رحيل فنانة متعددة المواهب احتفى بها محرك جوجل ولم تتذكرها مهرجانات السينما

في ديسمبر الماضي كان يجب أن نحيي ذكرى هذه السيدة رائدة السينما المصرية التي صنعت التاريخ؛ فقد مضى على وفاتها 40 عاما وهو رقم دائري، ولكن كالعادة لم ينتبه أحد، وربما لم يهتم أحد إن أسأنا الظن!، بهيجة حافظ المولودة في 4 أغسطس 1908 والتي رحلت عن دنيانا ودنياها في 13 ديسمبر 1983،عظمتها تكمن في أنها كانت ممثلة ومؤلفة موسيقية ومخرجة وكاتبة مصرية متعددة المواهب، وقد بلغ اهتمامي بها، أن اقتنيت بعض النوت الموسيقية من تأليفها وتحمل خاتمها ومدون عليها عبارات باللغة الفرنسية؛ مما يؤكد ثقافتها الرفيعة؛ ومما يحكى عنها أنها أنفقت معظم ثروتهاوهي من أسرة عريقة بمحافظة الاسكندرية على الإنتاج السينمائي، بهيجة حافظ تعد من أهم العناصر النسائية التي قامت على أكتافها صناعة السينما

في مصر، من أفلامها "ليلى بنت الصحراء"، وقد أسعدني الحظ بأن اقتنيت الـ  press book أو النشرة الصحفية التي كانت توزع على الصحفيين وكبار الشخصيات في حفل افتتاح الفيلم، يتضمن صورا فوتوغرافية من مشاهد الفيلم، إضافة إلى قصة القيلم وكافة العاملين به من ممثلين وفنيين ومخرج وسيناريست؛ باختصار إنه وثيقة تحسم الجدل عند أي خلاف نقدي أو سوفسطائئ!

عملت الفنانة والمنتجة وكاتبة القصة وملحنة أغاني أفلامها السيدة بهيجة حافظ ـ والعبد لله متحمس كل الحماس لدورها الريادي في ظهور أول فيلم ظهر على الشريط السينمائئ بعنوان "ليلى"، والذي أسندت السيدة بهيجة مهمة إخراجه للمخرج التركي "وداد عرفي" ـ وهو إسم رجل ـ ولكن بعد العرض الأول للفيلم، لاحظت بهيجة حافظ أن الحاضرين لم يصفقوا في نهاية العرض؛ وأكثر من هذا اكتشفت إستياء الحاضرين ومنهم صحفيين ومتذوقين لذلك الفن الوليد في مصر، فما كان منها إلا أن أعدمت النيجاتيف؛ وأعادت إسناد مهمة الإخراج لشاب نمساوي واعد هو استيفان روستي، وكان نيشانها صائبا؛ حيث أعاد استيفان الذي درس السينما في باريس، وجاء إلى مصر برفقة والده سفير النمسا بمصر، أعاد كتابة السيناريو بالكامل بظريقة تتسم بالتشويق، وفي هذه المرة سمعت بهيجة حافظ التصفيق يأذنيها عدة مرات أثناء العرض الأول للفيلم، وكان من بين الحاضرين عدد من المهتمين بالمهن السينمائية، رغم ذلك قاطعتها أسرتها بسبب السينما، ويذكر أن قامت بهيجة بآداء المشهد الملون الوحيد في فيلم القاهرة 30، وذلك تقديرا من مخرجه صلاح أبوسيف لفضلها على السينما المصرية وخسارتها كل شيء من أجل السينما، كما أسلفنا هي أول امرأة قامت بتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام في السينما المصرية، وكانت من أوائل الرائدات في صناعة السينما وأكثرهن تثقيفا، فهي ابنة إسماعيل باشا حافظ الذي كان ناظراً للخاصة السلطانية في عهد السلطان حسين كامل، وكان إسماعيل صدقي رئيس وزراء مصر في عهد الملك فؤاد الأول من أقربائها، ولدت بحي محرم بك بالإسكندرية ودرست في مدرسة الفرنسيسكان ومدرسة الميردي ديو، ثم سافرت إلى فرنسا عندما كان عمرها  15 عاما وحصلت على شهادة جامعية من الكونسرفتوار في الموسيقى عام 1930. لم يقتصر عملها في الإخراج والتمثيل وتأليف الموسيقى فقط، ولكنها عملت أيضا في مجال المونتاج وتصميم الأزياء السينمائية والكتابة، ومن المأساة في مسيرتها أنه لم يكتشف وفاتها إلا بعد يومين من رحيلها؛ لتكتمل قصتها المأساوية، المثير أن مؤشر البحث جوجل قد احتفل بذكرى ميلادها وكانت المناسبة الاحتفال بمرور 112 عاما من ميلادها، ولكنها لم تكرم من مهرجانات سينمائية .. فمن يتقدم؟!
------------------------
بقلم: طاهر البهي