هل كان يتحتم علينا فى مصر خوض سباق أفعل التفضيل أو بالأحرى الدخول فى لعبة أفعل التفضيل واتخاذ القرار بامتلاك أكبر وأضخم نجفة وبناء أكبر منبر مسجد وبناء أكبر كنيسة وأكبر مسجد ومركز إسلامى وبناء أكبر وأطول برج فى أفريقيا؟
أحسب وأجزم أن الأخذ بفقه الأولويات كان يجنبنا الدخول فى لعبة أفعل التفضيل وأطول وأضخم وأعرض.. فإذا كانت دول الخليج قد سبقتنا فى إحراز أهداف بالجملة فى لعبة أفعل التفضيل، فمواردها التى أفاء بها الله عليها من وسع، تسمح لها بذلك وتسمح لها ببناء أبراج مختلفة الأشكال، فهذا برج على شكل برميل، وهذا برج على شكل حذاء ولا مؤاخذة، وهذا برج على شكل كرة دوارة، وهذا أطول برج وأعنى به برج دبى أو برج خليفة.
وللحق فإن الأشقاء فى الإمارات نجحوا فى توظيف أفعل التفضيل وتحويلها إلى أدوات جذب للزائرين والسياح، صحيح أن هناك عوامل أخري يمكن وصفها بالأخلاقية تشجع على السياحة، ولكن أجدنى محرجا من الخوض فيها.
نعود إلى سؤال: هل كنا فى مصر فى حاجة للدخول فى لعبة أفعل التفضيل لترسيخ مكانتنا العربية والأفريقية؟!
الإجابة لا بكل تأكيد، فيكفينا فخرا وشرفا أن لدينا أقدم حضارات الإنسانية ، ولدينا جامعة اون أولى جامعات العالم ، ولدينا جامعة الأزهر وجامعة القاهرة ، ولدينا أول فائز عربى بجائزة نوبل فى الأدب ، وأول فائز عربى بجائزة نوبل فى العلوم، وأول زعيم عربى فائز بجائزة نوبل للسلام ، واول دبلوماسى عربى فائز بجائزة نوبل للسلام.
ولدينا مدارس ثانوية مثل المدرسة الخديوية والمدرسة السعيدية والمدرسة السنية ومدرسة الخديوي اسماعيل ومدرسة المساعى المشتركة ومدرسة كشك الثانوية بزفتى اقدم من معظم ان لم يكن كل دول الخليج
ولدينا أكثر من أيقونة تنافس وتضارع وتتفوق على البرج الايقوني، فالأهرامات أيقونة ، وهي واحدة من عجائب الدنيا السبع ، والأزهر أيقونة، ومسجد عمرو بن العاص أيقونة، والكنيسة المعلقة أيقونة، والسيدة زينب أيقونة ، والسيدة نفيسة أيقونة ، وسيدنا الحسين أيقونة ، والسلطان حسن أيقونة ، ومسجد الرفاعى أيقونة ، وقلعة صلاح الدين أيقونة ، وبيت السناري أيقونة ، ووكالة الغوري أيقونة ، والأوبرا المصرية أيقونة ، وأكاديمية الفنون أيقونة.
وأحمد شوقى أيقونة ، وحافظ إبراهيم أيقونة ، وطه حسين أيقونة ، وعباس العقاد أيقونة ، وأحمد لطفي السيد أيقونة، وبيرم التونسى أيقونة ، وصلاح جاهين أيقونة، وفؤاد حداد أيقونة ، والأبنودي أيقونة ، وأمل دنقل أيقونة ، وأحمد فؤاد نجم أيقونة ، وسيد درويش أيقونة ، وأم كلثوم أيقونة ، وعبدالوهاب أيقونة ، ومحمد فوزى أيقونة ، وعبدالحليم أيقونة ، وشادية أيقونة، ونجيب محفوظ أيقونة ، ويحيى حقى أيقونة، وهيكل أيقونة ومحمود المليجى أيقونة، وأحمد زكى ايقونة ، ويوسف شاهين أيقونة
وقصر عابدين أيقونة ، والقصر العينى أيقونة، وقصر البارون أيقونة ، وحارة السقايين أيقونة ، ومدينة الأقصر أيقونة ، ومكتبة الإسكندرية أيقونة ، والكنيسة المعلقة أيقونة ، ودير سانت كاترين أيقونة.
واحسب بل وأجزم أننا نحتاج لمجلدات لحصر أيقونات مصر المحروسة...
إذن لدينا من الأيقونات ماكان يسمح لنا بتوجيه المليارات التى أنفقت لتشييد البرج الأيقونى الأطول فى أفريقيا إلى مصارف أولى وأكثر إنتاجية وربحية.
وأرجو بل أتمنى أن يوضح أحد المسؤولين ما يثبت اعوجاج تفكيري ويشرح لنا: هل سيسهم البرج الأيقونى الأطول فى أفريقيا فى جذب المزيد من السياح لمصر؟
ما هو حجم الإقبال على شراء أو تأجير وحدات إدارية أو تجارية أو سكنية فى البرج الأيقوني؟
ما حجم الدخل السنوي المتوقع أن يحققه البرج الأيقونى؟ وكم يحتاج من السنوات لسداد ما أنفق فيه سواء من لحمنا الحي أو بالاقتراض...
والحقيقة أن المقارنة بين موقع البرج الأيقونى وبرج الجزيرة فى غير صالح البرج الأيقوني، فشتان بين برج يطل على صحراء وأبراج زجاجية لا تحمل أي طابع معماري أصيل، وبرج يطل على نهر النيل والقاهرة العامرة الهادرة الخالدة بمساجدها وكنائسها وشوارعها وحاراتها ودروبها...
أما وقد بنى البرج الأيقونى الأطول فى أفريقيا بتكلفة قدرت بـ ٣ مليارات دولار، فعلينا أن نجتهد ونبذل ما نستطيع للاستفادة منه، حتى لا يظل شاهدا على أننا وقعنا فى فخ أفعل التفضل ووقعنا فى غرام موسوعة الأرقام القياسية دون أن نعطى الكثير من الاهتمام لفقه الأولويات، ودون أن نلتزم بالمثل الذى أنتجه العقل الجمعى المصري: على قد لحافك مد رجليك وبالقياس على قد لحافك إبن الأطول والأضخم والأكبر.
-------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج