من تداعيات القدر أن يرسل إلينا علامات تقول لنا وبصوت عال أن الامة لم تشخ بعد، وأن الأمل لم يمت وأنها كان بها الفاروق عمر بن الخطاب ومر بها صلاح الدين ذات يوم ومجددا يعود وجه الفارس النبيل الذى يذكرك أن النخوة لازالت تفوح من حولك وأن الرجال ليس فقط داخل غرف النوم المظلمة تظهر فحولتهم، ولكن قد تظهر فى موقف ومواقع أخرى.
تعرضت لوعكة صحية بسيطة " دور برد " ورحت أبحث عن أطباء وعلاج وراحة، وفجأة سألت نفسي سؤالا مهما: هل نحن من قال عنهم رب العزة "من المؤمنين رجال صدقوا" وهل نحن الذين لا نحتمل فصل التيار الكهربائى أو السير لمئات الأمتار أو الجوع لأكثر من منتصف النهار أو السير تحت المطر وأشعة الشمس الحارقه صيفا، هل نحن مثله أو نشبهه؟
عن شاب فلسطيني قضى عمره وشاب واقترب من عقده السادس، أحدثكم كى تحدثوا أبناءكم عنه، عن محمد الضيف قائد الجناح العسكرى لحماس وقائد كتائب الشهيد عزالدين القسام تدور قصتنا.
عن الرجل الشبح كما قالت عنه المخابرات الامريكية، التى حدثتنا أنه يجب ألا نتخلى عن ملابسنا الداخلية ليلا لأنها ربما ترصدها، وهى التى لم تحصل على صورة مؤكدة لصاحب قصتنا سوى صورة كارنية الجامعة الاسلامية بغزة قبل 35 عاما، وقبل أن يخرج وزير الدفاع الإسرائيلي أمس فقط وينشر صورة ويقول حرفيا "ربما هذه تكون صوره الضيف ولكنى غير متأكد تماما "
لا أحد يعرفه سوى عائلته، ومجموعة قليلة من «حماس»، والأغلب أنهم جميعاً في مرحلة ما، لا يعرفون أين يكون الرجل الذي تطارده إسرائيل منذ عقود، باعتباره المطلوب رقم واحد.
اسمه محمد دياب إبراهيم المصري ويعرف باسم محمد الضيف ولد في غزة سنة 1965، وهو القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس وواحد من أهم المطلوبين للكيان الصهيوني منذ سنة 1995.
تعود أصوله لأسرة فلسطينية لاجئة من قرية كوكبا في 48، وعاش أفراد عائلته حياة التشرد في مخيمات اللاجئين. توفيت والدته عام 2011 ووالده عام 2022, وعندما توفيت والدته حضر كل قيادات «حماس» الجنازة، إلا هو، الوحيد الذي لم يعرف آنذاك هل حضر أم لا؟ وقالوا آنذاك إنه حضر ولم يعرفه أحد، وقالوا إنه لم يحضر أبداً لدواعٍ أمنية، وقالوا أيضاً إنه تخفَّى بزي مُسن وودع والدته ثم مضى.
وربما يفسر هذا الحس الأمني العالي للضيف كيف لم تتمكن إسرائيل من الوصول إليه عدة مرات.
تزوج محمد الضيف مرتين، وأنجب من زوجته الأولى ولدين وبنتا، ثم تزوَّج مرة ثانية عام 2007، وقد قتل جيش الاحتلال زوجته وداد عصفورة واثنين من أطفاله أثناء محاولة اغتياله عام 2014، وبقي له من الأبناء بنت وولد.
صورة وجهه غير معروفة منذ سنوات، وتعتمد المخابرات الإسرائيلية على صور قديمة له، مثل صورة بطاقته الشخصية أو صوره عندما كان في سجون الاحتلال، فقد حاول " الشاباك " و"الموساد" وهى أجهزة المخابرات الإسرائيلية اغتياله أكثر من 7 مرات وفشلت وفي إحدى محاولات اغتياله نجا ولكن تم تدمير بيته وقتل كل عائلته وذلك عام 2014.
شيمون بيريز الذي كان رئيساً للوزراء عام 1996، طلب من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اعتقاله، قبل أن يبدي عرفات استغرابه من الاسم، وكأنه لا يعرفه، ليعترف بيريز لاحقاً بأنه اكتشف أن عرفات كان يحميه ويخفيه ويكذب بشأنه.
قبل عام خرج تسجيل صوتى مقتضب للغاية للضيف يقول إن المقاومة قادمة لإسرائيل فى عقر دارها ولم يزد الرجل "وصدق الضيف وعده وهزم الأحزاب وحده، فى معركة طوفان الاقصى فى السابع من أكتوبر "
من فضلك " اعطنى اذنيك " للحظات وانتبه فإن ما أقوله لك جد خطير.. هل تسمعنى ؟ تذكر ان منذ قيام الكيان الصهيونى قبل 80 عاما من الآن لم يخض العرب حربا واستطاعوا دخول ما يعتقد الكيان أنها أرضه وحدوده إلا فى 7 اكتوبر الماضى، لا تنس أنه تم احتلال 8 مدن إسرائيلية لأول مرة فى التاريخ على أيدى رجال يفخرون برجولتهم ايضا خارج غرف النوم، تذكر ان العدو ومعه 4 دول عظمى وطوال ما يقارب شهرين وقتل 22 الف شهيد وجرج 50 الف آخرين، لم يستطع ان يفهم كل فعل بهم " محمد الضيف " هذا وأين هو وكيف يعيش ويأكل وينام، وكيف يعطى التعليمات وسماء غزة تحلق بها طائرات أمريكية وبريطانية وفرنسية وإيطالية وربما اخرى تعد على السكان دقات قلوبهم.
من فضلكم علموا اولادكم وأخبروهم بأن محمد الضيف مر من هنا، وعاش على هذه الأرض، وحتما سيلتقى عمر وصلاح الدين وسيحاكمون الجميع فى ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.
---------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ