06 - 05 - 2025

"الزمن المفقود" للكاتب الصيني وانغ شياوبو تستعير عنوان أشهر روايات مارسيل بروست

أنجز الدكتور أحمد السعيد ترجمة رواية "الزمن المفقود للكاتب الراحل وانغ شياوبو من الصينية إلى العربية لتصدر خلال أيام عن دار بيت الحكمة وتكون في صدارة جناح الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55 التي ستفتتح يوم 26 يناير القادم. 

وجاء في مقدمة وضعها المؤلف لشرح علاقة هذه الرواية بواحدة من أشهر الروايات العالمية وهي رواية "البحث عن الزمن المفقود للكاتب الفرنسي مارسيل بروست: "في هذا الزمن المفقود، ثمة شيء يعكر صفو اليوم ليله ونهاره. وقبل الحديث عنه لا بد أن أشرح أولاً المقصود بالزمن المفقود. كتب مارسيل بروست عملاً كبيرًا يتحدث فيه عن ذكريات كل ما حدث له. أشياء تبدو كرجل يرقد في قاع نهر حتى تلامس أسنانه الماء، يرى الماء المتدفق، وفوران الأمواج، والأوراق والأخشاب والزجاجات الفارغة تطفو فوق الماء، يرى كل شيء يعبر جسده ويُكمل طريقه. كيف تُرجم اسم هذا العمل، بذل المترجمون الكثير من الجهد والمشقة ليترجموه، وجاءت آخر ترجمة باسم «البحث عن الزمن المفقود». يبدو أن بروست عندما كتب هذا العمل كان ميتًا منذ فترة طويلة، ولكنه انتحل جسدًا آخر ليكتبه"! وأضاف شياوبو: "وطبقًا لما قرأته في عمل مارسيل بروست فإن ترجمة البحث عن الزمن المفقود ترجمة صحيحة، وهي اسم جيد كذلك. والآن ليس لهذا الاسم صاحب، لذلك سوف أستخدمه، وعندما يأتي بروست ويطلبه سوف أعيده له، فأنا أحترم السلف الميت. الزمن المفقود هو كل ما يملكه الشخص، فقط بوجود الزمن المفقود يصبح للشخص أصل ومآب. كل ما عداه مجرد شظايا من الفرح والتعاسة، شظايا تتقافز للحظات أمام العين ثم تجري لتستقر للأبد في الزمن المفقود. كل من أعرفهم لا يُلقون بالاً لزمنهم المفقود، بل حتى إنهم لا يعرفون أنهم يملكون زمنًا مفقودًا، ولذلك فجميعهم يعيشون كمن بقي جسده وفقد روح".

اسقاطات جنسية 

أما الدكتور أحمد السعيد فقال إنه على الرغم مما تحمله هذه الرواية من قصص وشخوص وسرد رائع وخيالات وتاريخ، وعلى الرغم مما قاله مَن قرأها عن عمقها ورمزيتها وتفردها الأدبي؛ فإنني بشكل شخصي أراها رواية عن أربعة أعضاء ذكورية لا تتعلق حكاياتها بالجنس، بل بالكوميديا السوداء البعيدة عن الابتذال وتتجنب الإثارة الرخيصة.

أول الأعضاء يملكه بروفيسور جامعي قدير وعبقري، درس في الخارج وحصل على الدكتوراة في الرياضات من أمريكا، وعاد للصين، فضُرب بين قدميه وتورم عضوه، وصارت صفة البروفيسور الوحيدة أنه متورم، ونُسي ما عداها.وثانيها مملوك للسيد خه، عاش عمره مخلصا للعمل والدولة، ولكنه سُجن ثم انتحر، ولكن مأساته أن عضوه انتصب وهو جثة هامدة، وصار سبب الانتصاب أهم من سبب الانتحار.وثالثها للسيد ليو الذي عاش سبعين عاما ومات دون أن يكون لعضوه أي تجربة، فعاش على الهامش ومات وسط الحواشي.ورابعها للطائش الصعلوك والمدرس الجامعي الفذ أيضا، الذي يُجبر عضوه أن يدخل واقيا ذكريا أصغر بمقاسين من الطبيعي فيعيش مضغوطا حبيسا بلا حرية.

ويضيف: إنها حكايات العقول.. تُروى مختبئة تحت القضبان، رواية الأجيال التي تُسحق، والذكورة التي لا يُعترف بها". وينقل السعيد عن وانغ شياوبو قوله عن سبب الإسقاطات الجنسية في أعماله: "الهدف ليس إثارة النقد أو التصنيف كفن هابط، بل كنت فقط أسترجع وأستعرض ماضي الصين خلال تلك الحقبة -يقصد الثورة الثقافية- فكما نعلم كانت الصين في حقبتي الستينيات والسبعينيات في عصر "لا جنسي"، وفي عصر غير جنسي يصبح الجنس هو الموضوع الرئيسي للحياة، يقول الصينيون القدماء: "للمرء شهوتان: طعام وجماع"، إذن فالتفكير في هاتين الشهوتين طبيعة بشرية خالصة وأصيلة، وإذا لم تنل وطرك من هذه الشهوة ستتحول لعقبة إنسانية تمنع التقدم للفرد والنوع. فالجنس في جوهره هو التفاعل بين رجل وامرأة على أساس الغريزة الإنسانية، وهو يمنح متعة روحية وجسدية قوية، ومنها ينتج التناغم الحضاري بين البشر، ولهذا أردت أن أقول، دعونا نخلق حياة وتنمية ناضجة وسليمة ركيزتها التناغم بين البشر بنوعيهما، فالجنس هو الرمز والإنسان هو المقصد".

وانغ شياوبو، ولد في 13 مايو 1952. من رواياته: "العصر الذهبي"، "الحب في زمن الثورة"، "البحث عن ووشوانغ"، والنصف الثاني في الليل.خلال الثورة الثقافية انتقل للعيش من المدن إلى الضواحي والقرى في مقاطعة يونان. درس في جامعة رينمين الصينية من عام 1978 إلى عام 1982. ذهب إلى الولايات المتحدة لمواصلة تعليمه عام 1984 وحصل على درجة الماجستير من جامعة بيتسبرغ عام 1988. بعد عودته إلى الصين، قام بالتدريس في جامعة بكين وجامعة رينمين. أصبح كاتبًا مستقلًا في عام 1992. توفي وانغ بنوبة قلبية في بكين في 11 أبريل 1997.

...