19 - 06 - 2024

ملاحظة سياسية صغيرة عن حرب غزة

ملاحظة سياسية صغيرة عن حرب غزة

لا شك أن المقاومة الفلسطينية تتصدى لقوات الاحتلال، وتعرقل تقدمه وتوقع فيه خسائر، هذا كله صحيح وهو أحد أطراف المعركة 

الأطراف الأخرى للمعركة التي يجب الانتباه لها وأخذها بعين الاعتبار:

أولا: التكلفة الإنسانية لهذه المعركة، واضح للجميع أن غزة وأهلها دفعوا ثمنا فوق طاقتهم، يمكن وصفه بكلمات قليلة أن غزة لم تعد صالحة للحياة، وأن أحد أسمى أماني أهل غزة "ليتني مت قبل هذا و كنت نسيا منسيا".

ثانيا: غير قادر على توصيف ثانيا هو الأهم حتى لا ينفطر قلبي، لكنه هو الأساسي 

التكلفة السياسية المباشرة لهذه المعركة، قرأت عمن شبهها من المحللين السياسيين والاستراتيجيين بحرب أكتوبر وصمود بيروت 1982 والانتفاضة الشعبية الأولى، كل ما يتم الحديث عنه الآن من انعكاسات خطيرة لهذه الحرب على إسراىيل والعقل الصهيوني وعلى أمريكا وموازين القوى العالمية.. وغيره سمعناه في تلك الحروب.

لكن الواقع والحقيقة تقول أنه لم يتغير شيء استراتيجي على أرض الواقع، واستطاعت إسرائيل أن تعالج جروحها، بل أصبحت دولة أكثر قوة من مختلف النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية، لأن لها ظهر قوي يبدأ في أمريكا ويمتد إلى أوروبا، إضافة إلى الصهيونية العالمية التي تقف من خلفها بالباع والذراع.

النتائج السياسية المباشرة التي تهمنا كفلسطينيين وتهم قضيتنا، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار عند أي تحليل سياسي تتلخص في الإجابة على الأسئلة التالية: 

* هل هذه الحرب ساهمت أو ستساهم في إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية أم أن هذه الفرصة أصبحت بعيدة أكثر؟ 

* هل خطر هجرة أو تهجير الشعب الفلسطيني خاصة من غزة واردة وزادت بعد الحرب؟

*هل خطر سلخ غزة عن الضفة وصولا إلى إعادة احتلال القطاع واقتطاع مساحات منه تعمق وازداد أم تراجع هذا الخطر؟

* هل وضع الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس والـ٤٨، إضافة إلى الأسرى ووضع المسجد الأقصى بعد هذه الحرب، التي قامت من أجلهم، أفضل أم أنهم يتعرضون إلى أخطار حقيقية جمة.

لا أريد أن أضيف كثيرا من الأسئلة؟ 

من يريد أن يقيم هذه الحرب ويصل إلى نتائج سياسية مهمة حتى يقدر على مواجهة الواقع الذي خلقته ويتصدى له، يجب أن ينظر إلى ثلاث زوايا المثلث حتى يخرج بنتيجة موضوعية بعيدا عن الشعارات: 

المقاومة

الكلفة الإنسانية 

النتائج السياسية المباشرة المترتبة على الحرب

أعتقد جازما أن من يملك عينين سيصل فورا إلى النتيجة الآتية

١. أن هدف اسراىيل من الحرب يتحقق رويدا رويدا، رغم أي تأخير يتعرض له أو خسائر تقع في الجانب الإسرائيلي، عسكرية أو اقتصادية، وأن هذا الهدف يلقى تأييدا أمريكيا أوروبيا إقليميا، مع اختلاف في التفاصيل والأجندة الزمنية والخطاب الموجه للجماهير الشعبوية؟

٢. أهمية وقف الحرب بالسرعة القصوى، وبدون ثمن

٣. المحافظة على بقاء الناس على أرضهم

٤. محاولة الحفاظ على الوضع الفلسطيني والسلطة الفلسطينية كما هي الآن، لأنها تتعرض إلى خطر داهم وهي الجهة الوحيدة القادرة على ترميم الوضع الفلسطيني.

هذا والله من وراء القصد.
-----------------------------
بقلم: د. رياض عبدالكريم عواد 


مقالات اخرى للكاتب

الحرب على غزة، التضليل المتواصل





اعلان