09 - 05 - 2025

مؤشرات | أمريكا والصامتون وترخيص بالوقت للقتل

مؤشرات | أمريكا والصامتون وترخيص بالوقت للقتل

سياسة تضييع الوقت وإلهاء العرب عن قضية إبادة شعب فلسطين، وتوفير الدعم للعدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، ومنح كل الوقت لقتل البشر وحرق الأرض وتدمير الحجر حتى النهاية.

ذلك هو خلاصة الموقف الحالي الذي تمارسه الولايات المتحدة، وكل الدول المتصهينة في أوروبا وقارات العالم المختلفة حتى في محيطنا، وفي المقابل يبتلع الجميع عربًا وإسلامًا، ومتعاطفين من كل الجنسيات والأجناس، الطعم حتى يصل إلى ما بعد الحلق، ليكتم كل الأنفاس، وتموت قضية شعب ضاع نصفه وأكثر على مر السنوات بين شهيد ومشرد ولاجئ، وباحث عن وطن بديل يحتويه، بينما أهله وعشيرته على الكراسي متمسكين ومترفين، ويتناولون نخب الكاسات مع العدو الرابض على حدود أوطاننا، بل يعيشون بيننا ونمنحه طعامنا وجواز سفرنا، وربما جنسيتنا.

كافة المؤشرات تؤكد أن خطة منح الوقت للحكومة الصهيونية تتيح كل الفرص لتحقيق أكبر عملية تدمير وتشريد للأراضي والشعب الفلسطيني، وصولاً لنقطة الصفر للتفاوض على ترحيل ما تبقى من شعب فلسطين في غزة والضفة، قبل أن تأتي حرب أخرى تقضي على كل حرف فلسطيني، ومحو كل ما هو فلسطيني.

ولا يمكن أن نمر مرور الكرام على تصريحات وزير التراث الإسرائيلي "عميحاي إلياهو" الذي ينتمي إلى حزب "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية) خلال مقابلة مع إذاعة "كول براما" الإسرائيلية "يوم الأحد 5 نوفمبر بشأن ضرب قطاع غزة بقنبلة نووية، قائلا "يجب ألا يبقى قطاع غزة على وجه الأرض، وعلى إسرائيل إعادة إقامة المستوطنات فيه"، منوها إلى خيار ضرب غزة بقنبلة نووية وارد.

فهذا الوزير الصهيوني يعبر عن خطط قوات الإحتلال دون مواربة، قائلاً "هناك خيار آخر وهو فحص ما يمكن أن يردع سكان غزة، وما الذي يخيفهم، ويجب أن تفهموا أنهم لا يخافون من الموت، بل يرسلون أطفالهم للموت"، ويضيف أن "القيام بقتلهم -  في إشارة لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي-  ليس كافيا".

ورغم محاولة حكومة نيتانياهو - الأكثر تطرفًا - غسل يديها من تصريحات هذا الصهيوني، فإنها كاشفة عن بشاعة أفكار ومخططات المحتل الإسرائيلي، التي تستخدم في حربها على أهل فلسطين العديد من الأسلحة المحرمة دوليا، وهو ما شك فيه طبيب مصري، في حوار مع وزير الصحة د. خالد عبدالغفار خلال زيارته لمستشفى في العريش وتفقده علاج مصابي العدوان الإسرائيلي، حيث أبدى الطبيب المعالج شكوك قوية في إستخدام أسلحة خطيرة، وربما محظورة، وفقا لتعدد الإصابات للمصابين الفلسطينيين، مطالبا وجود فريق من الطب الشرعي لفحص عينات الإصابات.

وليس الصهيوني "عميحاي إلياهو" هو أول من يدعو إلى إستخدام القنابل النووية ضد الفلسطينيين، بل هناك من طالب بذلك، ففي 11 أكتوبر الماضي، دعت عضوة الكنيست "تالي جوتليف"، الجيش الإسرائيلي إلى "استخدام السلاح النووي" في غزة.

المؤكد ما يجري من مماطلة في وقف الحرب، أو حتى تنفيذ هدنة إنسانية، هو مخطط أمريكي إسرائيلي، بتصريحات وجولات، لمنح قوات الإحتلال وقتا أكثر لمزيد من التهجير والتدمير، في ظل جريمة ترتكبها إسرائيل تحت سمع وبصر العالم.

وهو ما دفع مسؤول أممي وهو المفوض الأممي لحقوق الإنسان، "فولكر تورك" للقول، خلال زيارته لمعبر رفح، والمستشفيات التي يٌعالج فيها مصابي الحرب على غزة في العريش، بأنه رأى من معبر رفح البوابات المؤدية إلى الكابوس المستمر الذي يختنق في ظله الناس تحت القصف المتواصل، وأن الناس في غزة يبكون على فقدان أسرهم، ويكافحون بحثا عن الماء والغذاء والكهرباء والوقود، مشيرا إلى أن زملاءه في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من بين المحاصرين وأولئك الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم.

وعبر عن المأساة التي يتعرض لها الفلسطينيون بقوله :"لقد سقطنا في الهاوية، ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر، حتى في سياق الاحتلال المستمر منذ 56 عاما، فإن الوضع الحالي هو الأكثر خطورة منذ عقود".

وأشار فولكر تورك إلى أنه سمع خلال زيارته الكثير من المخاوف عن المعايير المزدوجة في التعامل مع هذا الصراع، مضيفا أن العالم لا يمكن أن يحتمل كلفة المعايير المزدوجة، مؤكدا على ضرورة التأكيد على المعايير العالمية التي يجب تقييم الوضع على أساسها، وهي قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".

الشهادات التي نقلها المفوض السامي لحقوق الإنسان، عمن إلتقى بهم (المواطنة إكرام التي كانت حاملا في شهرها الثامن عندما أصيبت بشظية في بطنها، ففقدت جنينها واضطرت للخضوع إلى عملية استئصال للرحم)، و(الطفل محمد، البالغ من العمر 12 عاما، من جباليا الذي يعاني من إصابات في العمود الفقري وكسور في العظام)، وغيرها تؤكد أن الجريمة لا ترتكبها إسرائيل فقط ضد الفلسطينين، بل معها دول كثيره على رأسها الولايات المتحدة، وكلهم يلتزمون الصمت، وينتهجون سياسة توفير مزيد من الوقت لمزيد من الدماء التي تسيل ومزيد من الدمار والفناء لكل معالم أحياء ومدن وقرى وتجمعات سكنية، وإزالة اسم فلسطين من على خارطة العالم، لتفسح الأرض لدولة إحتلال عنصرية نازية.

ولا يبقى سوى آهات الجرحى وبكاء الأيتام والثكالي وشواهد القبور، وأطلال منازل، وحياة قادمة لا يعرف أحد مصيرها، وما تحمله الأيام
----------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش