23 - 05 - 2025

وببرهم نرقى

وببرهم نرقى

صنوف الطاعات كثيرة ومتعددة، وأهمها طاعة الله تعالي،  وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وطاعة الوالدين لوجود علاقة تلازمية بين عدم الاشراك بالله وعقوق الوالدين (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا).

وعندما نقرأ قصة إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام، لا نتذكر هذه القصة في موقت الحج فقط ، لأننا كل يوم نحج إلي الله تعالي فاتجاهنا للقبلة خمس مرات في اليوم والليلة حج لله (فول وجهك شطر المسجد الحرام) . (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام) .

هل مصادفة أقدمت علي كتابة هذا الموضوع ؟! لا والله ليست صدفة ولا اتفاقا. وإنما كثرة الخبث وكثرة العقوق والعصيان وعدم طاعة الأبناء لآبائهم بل ووصل الأمر إلى سب وقذف وشتم والله -وضرب الأبناء لأبائهم- الامن رحم ربي، ليس هذا وحسب بل وايداعهم دور المسنين والحجة الواهية اللعينة البغيضة الانشغال وعدم الفراغ حتي نوفر لهم الرعاية الكاملة.

يا هذا يا هويذا دعك من هذه الحجج العقيمة وكن صريحا مع نفسك أيها الابن العاق التعيس، قلها صراحة ولا تخجل منا انك لم تخجل من الله .

قل إن الهانم - فتافيت السكر هانم - والله ليست فتافيت سكر، وانما فتافيت علقم،  حرمكم المصون قبحها الله ولم يصنها قل إن ربيبة الحسب والنسب بنت (بارم ديله) ترفض أن يكون أباك الذي رباك وانفق عليك كل غال ورخيص ، ترفضه في بيتها الذي هو في الأصل بيتك يا معدوم الهوية الأبوية يا فاقد الحس الأبوي .

يا أخي - لا أنت لست أخي ، أخي هو من يطيع أباه وأخاه الأكبر ولا يعصيه خصوصا أن أخاه الأكبر لا يأمره بمعصية خالقه أخاه الأكبر الذي في مقام أبيه لايرجوا له إلا الخير . خذ المسألة بناحية براجماتية ما أدراك أن يفعل  ابنك بك هذا ، هل ضمنت أن تعيش كل عمرك قويا تعتمد علي نفسك. (بروا آبائكم تبركم أبنائكم)، ألم يأتيك نبأ قوله تعالي (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفص لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) .

ألم يمر عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم (رغم أنف امرؤ من أدرك أبويه كلاهما أو أحدهما ولم يغفر له) ، لماذا تقدم الطعام لأبيك منفردا ألأنه طاعن في السن ولا يستطيع التحكم في ملعقة الطعام وتذهب بأمر الحاكمة بأمرها وإلا تطردك من فراشها. أي فراش هذا قبحه الله فراش فراش الذل والهوان والعقوق -تذهب وتشتري ملعقة خشب واناء خشب لابيك.

يا أخي سيدنا إبراهيم ويعلم أن أباه علي الشرك ومع ذلك لم يعقه (قال سلام عليك سأستغفر لك ربي). وها هو إسماعيل (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك) ، أنظروا أدب الدنيا والدين ، أنظروا أدب الحوار بلطف وهدوء وسكينة ووقار وحياء الأنبياء اللهم أدبنا بآداب الأنبياء (فانظر ماذا تري ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) .

ما رأيكم في هذه الطاعة ما قولكم في هذا الامتثال والتسليم لله والأب خليل الله واسماعيل الصديق والأب نبي والابن نبي.!!! وكلاهما يعلم أن الرؤية صادقة.

ورب مسفسط أو مشعوذ يقول هؤلاء أنبياء لكن أليسوا من طبيعة البشر ، هل كان إسماعيل سيلام إذا عصي أباه - يا روح ما بعدك روح - لكن الطاعة ماذا لو طلب الأب  من ابنه لا أقول أن يذبحه وإنما طلب منه أن يقضي له حاجة وهو يشاهد مباراة كرة قدم والله سيسمع الأب ما لا يرضه وإذا ألح عليه ربما ويقوم - ويهبده بالكرسي علي دماغه .

يا سادتي يا أهل الحب والود والوداد والإخلاص إذا أردنا نجاة حقيقية من كل نكباتنا وأن يصلح الله أحوالنا نأخذ رضي الوالدين في حياتهما وبعد مماتهما.

أن نبر من كانوا يبرونهم ونزورهم ونفعل مثلما كانوا يفعلون ونبر أقرب أقاربهم ، إخوانهم واخواتهم ، وعماتهم ، وأعمامهم وأن ندعوا لهما. وأن نتصدق علي أرواحهم بالمال وبقراءة القرآن لهم وزيارة مقابرهم فضلا وحبا لا نحيبا وبكاء.

صلاح الحال في أيدينا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالذي لديه عادة جاهلية فليطرحها وليتق الله ربه وحبيبكم محمد يحيي بيننا بسنته الغراء ألم يبر أمه التي أرضعته وكان يرسل لها الهدايا وعندما كانت تزره كان يبسط لها رداءه الشريف ، أمه السيدة حليمة التي أرضعته .

وسيدنا يحيي عليه السلام الذي قال الله عنه  (وبرا بوالديه) ، وعيسي عليه السلام (وبرا بوالدتي).

ثم تذكر أنه حين موتها، موت أمك ينادي مناد من قبل الله (ماتت من كنا نرزقك من أجلها فابحث لك عن عمل صالح نرزقك من أجله).

وأختتم حديثي وأقول لكل من يقرأ مقالتي وعلي خلاف مع أبويه أقول له أتق الله، وبادر بالخطوة قبل أن تغادر أو يغادرا أو يغادر أحدهما، وحينها لا ينفع الندم أو النواح والبكاء ، بادر بالصلح فهما هما.. وما أدراك ما هما ، ويا ليتهما هنا ، ولكن رقابنا كالشعرة أمام قدر الله.

رحم الله أبي وأمي، ورحم الله كل موتي المسلمين.
---------------------------
بقلم: عادل القليعي
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

مقالات اخرى للكاتب

ولا يزال وأد  الإنسانية مستمرا |