16 - 06 - 2024

القضية الفلسطينية و تحديات الواقع

القضية الفلسطينية و تحديات الواقع

القضية الفلسطينية تعيش لحظات أكثر خطورة من كل ما مضى لأسباب عدة إقليمية و دولية.

فعلى المستوى الاقليمي كانت مصر  دائما ما تدافع عن القضية حربا و سلما منذ نكبة 1948 و حتى اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1978 مرورا بحروب 1956  و 1967 و 1973.

عندما عقدت مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل حرص الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات على أن تنص الإتفاقية على إستعادة كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في يونيو 1967 بما فيها الاراضي الفلسطينية و الجولان السورية كما نصت الاتفاقية على اقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود الرابع من يونيو 1967. لكن الفلسطينيين و السوريين رفضوا التوقيع على الاتفاق و اتهموا مصر ورئيسها بالخيانة واستأجرت دول النفط ( العراق و ليبيا) أصواتا مصرية و عربية تشتم مصر ورئيسها ليل نهار وعقدوا اجتماعا طارئا للدول العربية في بغداد و قرروا خلاله نقل مقر الجامعة الى تونس و اعلان المقاطعة.

النتيجة اليوم بعد 45 عاما لم تعد الجولان السورية ، بل أصاب سوريا ما أصابها و احتلت تركيا مناطق في شمال سوريا ، وتوغلت إسرائيل أكثر في الأراضي الفلسطينية وأقامت مزيدا من المستوطنات على الأرض ولم تقم الدولة الفلسطينية ، بل انقسمت السلطة بين منظمتي فتح ممثلة في أبو مازن الرئيس و حماس التي تشكل الحكومة وازداد الوضع سوءا..

أما مصر التي كانت تحمل القضية على عاتقها فقد باتت مقيدة بأزماتها التي ساهمت فيها دول عربية بحصار مصر اقتصاديا ، وذلك لتقزيم دورها و قدراتها و مكانتها.

فبعد صعود أجيال جديدة لحكم تلك الدول لم يدرسوا تاريخا ولا جغرافيا ولا يعترفون بفضل صاحب فضل ، لكنهم طامعون لدولهم في المكانة الدولية التي كانت لمصر مستغلين ما لديهم من موارد اقتصادية ضخمة ناتجة عن تدفق البترول في الظهور.

بل هذه الدول الإقليمية الكبرى "ماليا" تقدم مصالحها مع الكيان الصهيوني على القضايا العربية.

و من جانب آخر فإن دولا أخرى مثل سوريا و ليبيا و العراق و اليمن اغرقتها المؤامرات الدولية و التي لم تكن الدول العربية "المالية" بعيدة عنها.

أما على الصعيد الدولي فالحرب الروسية - الاوكرانية أظهرت انقسام العالم إلى معسكرين شرقي بقيادة الصين وروسيا، وغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ومن مصلحة المعسكر الغربي زيادة تأجيج الصراع في الشرق الأوسط وفرض القوة الإسرائيلية باعتبارها القوة المهيمنة على المنطقة ، أولا لتهديد دول المنطقة التي رفضت دعم أوكرانيا و ثانيا لقطع اي فرص لتلك الدول للتعاون مع روسيا. و ثالثا محاولة من رئيس الولايات المتحدة للتغطية على فشله الاقتصادي داخل بلاده وتحقيق ما كان يطمح إليه الحزب الديمقراطي الأمريكي في 2011 في عهد اوباما من اعادة تقسيم المنطقة او لنقل خطة الهدم التي نجحت في العديد من الدول و أفشلها الله في مصر.

بعد كل ما سبق نجد أن الشعب الفلسطيني الأعزل يواجه بمفرده الكيان الذي تشيطن وفجر بحماية بلطجية العالم له وانتقلت لدعم إسرائيل أساطيل أمريكية وأوروبية في حين بقي العرب بين عاجز وطامع ..

و ظن الجميع بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والدول العربية أن مصر تحت قهر الظروف الاقتصادية وضغوط البلاد النفطية عليها لتبيعهم مشروعاتها الناجحة، سوف تضطر لبيع سيناء ليتم تهجير الفلسطينيين إليها بحيث يتم إغلاق ملف فلسطين للأبد على حساب الأراضي المصرية، وبالفعل طلب وزير الخارجية الامريكي فتح معابر آمنة لخروج الفلسطينيين بإتجاه مصر وألح في الطلب، لكن كانت المفاجأة التي خيبت أملهم جميعا هي رفض الشعب المصري تهجير الفلسطينيين من أرضهم وتسليمها لإسرائيل. كما رفض الجميع التفريط في أي حبة رمل من سيناء ورفضت القيادة السياسية المصرية رغم الضغط الأمريكي و فشلت خطة التهجير.

و إذا طرحنا سؤالا عن المستفيد من تلك العملية فسنجد أن المستفيد هو:

أولا: إيران التي تطمع في تعطيل اتفاق الدفاع المشترك بين السعودية وإسرائيل.

ثانيا: الدول العربية التي تطمع في تصفية القضية الفلسطينية لكي يصفو لها جو التعاون مع إسرائيل.

ثالثا: إسرائيل التي نجحت في استغلال الهجوم إعلاميا و دعائيا و خلقت منه هولوكوست جديدا بررت به محاولتها القضاء على الشعب الفلسطيني على مرأى و مسمع من العالم الذي يدعي التحضر.

- فهل خططت حماس جيدا ؟ وهل كان اختيار توقيت العملية التي قامت بها مناسبا؟

- هل جهزت حماس ادواتها لمواجهة رد الفعل ؟

- من هم الذين شجعوا حماس على القيام بالهجوم و ما هي مصالحهم و اين هم الآن؟

- ما هي مكاسب الشعب الفلسطيني من هذه العملية؟

- ما هو تطور القضية بعدها؟

أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة و ربما كانت بعض الاجابات معروفة لكن من العار البوح بها.

لكن الوضع الحالي يذكرني بفيلم عنتر و لبلب ..

وكل ما ارجوه أن يصل إخوتنا الفلسطينيين إلى ما وصل إليه لبلب في نهاية الفيلم و تذكروا أنه: وما النصر إلا من عندالله بشرط تقوى الله..

قال تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ {96) الأعراف
--------------------------
بقلم: إلهام عبدالعال


مقالات اخرى للكاتب

خدمة العملاء و تعذيب المواطن





اعلان