23 - 05 - 2025

أدب جيد لم يجد نقادا يكشفون ما فيه

أدب جيد لم يجد نقادا يكشفون ما فيه

لدينا تجربة مهمة في أدب الحرب خطتها أجيال من كتاب القصة والرواية، وربما يكون تقصير الشريط السينمائي وراء شعور البعض بتخلف "الإبداع" في التعبير عن نصر أكتوبر 1973. بالنسبة لأدب الحرب، فإن جيلا جديدا من الأدباء والذين اتفق علي وصفهم بـ"أدباء الستينيات" ظلوا يكتبون منذ وقع الهزيمة في يونيو 1967 حتى لحظة النصر التاريخية. كانت نقطة انطلاقهم تقريبا عند مجيد طوبيا "أبناء الصمت"، إبراهيم عبدالمجيد "الصيف السابع والستين"، يوسف القعيد "الحرب في بر مصر"، وجمال الغيطاني"الرفاعي"، وغيرهم، وإن كان بعضهم بدأ قبل ذلك لكنني أتحدث عن دماء جديدة في شرايين الرواية المصرية. بينما الرواية وروادها الكبار وهم يعملون، بدأ نوعان من الكتابة الجديدة, عن الحرب, الأدباء في الداخل من روائيين وقاصين وشعراء, وهؤلاء الذين خرجوا من ملابس الجندية قادمين من الصحراء أو من تحت الحصار. وبعد سنوات من أدب تعبوي ليس موجها من السلطة غالبا, أصبح لدينا أدب "أكتوبر" الذي جرت حوله مسابقات لفترات طويلة. لا يمكن هنا تجاهل الرواية الأشهر "الرصاصة لا تزال في جيبي" لإحسان عبد القدوس, وكتابة السيد نجم في روايته المهمة "السمان يهاجر شرقا", ورواية "الطريق إلى رأس العش" لعبد العزيز موافي, ورواية "أنشودة الأيام الآتية" لمحمد عبد الله الهادي و"والوجه والقناع" لسعيد سالم, و"الأسرى يقيمون المتاريس" لفؤاد حجازي. وكما قلت فإن كثيرين ممن حاربوا أبدعوا روايات مهمة, مما ذكرت هنا, وأضيف الي ذلك رواية الجندي محمد حسين يونس "خطوات علي الأرض المحبوسة".

أظن أن كتابة أدب الحرب مستمرة لم تتوقف, ورغم مرور الزمن, فإن الأمر ممتد, وفي الألفية الجديدة, كانت رواية سمير الفيل "وميض تلك الجبهة".

ومن أسف فإن قناعات سادت اعتبرت أدب نكسة 67 أفضل إبداعيا من أدب نصر 73, وأن الأدباء تجاهلوا النصر. وهذا رأي سياسي وليس نقدا أدبيا, فالمرايا المعاكسة كثيرة بين نظامين, نظام وقعت فيه الهزيمة وله أنصاره, ونظام حدث فيه النصر وله أعداؤه. لكن النقد الأدبي والقراءة المتبصرة تكشف عن أدب جيد لم يتوقف, وان لم يجد نقادا يكشفون ما فيه.أما ما أكتبه الآن عن حرب أكتوبر وقد كنت طالبا في الثانوية العامة عند وقوعها, فإنني لم أستطع مقاومة الكتابة عنها, ربما هزتني مجموعة رسائل وجدتها بالمصادفة, بعثت بها طالبة جامعية الي خطيبها الضابط في الجيش, وكان من الذين عبروا في اليوم الثالث أو الرابع من الحرب. وبعد عودته لم يتمكنا من الزواج, وذهب كل في طريق, رغم الحب العظيم. تولدت لديّ فكرة أو أنه بدا لي أن من حقق وساهم في نصر أكتوبر لم يربح الحياة بنفس القدر. ربما سبّب لي الأمر حزنا شديدا في الواقع, ما دفعني لمحاولة كتابة هذا النص الروائى, وهو في مرحلة مراجعة مني حاليا.
------------------------------------
بقلم: محمد الشاذلي 
من المشهد الأسبوعية


مقالات اخرى للكاتب

اجتماع وزاري مصري سعودي أردني في باريس لبحث إنهاء الحرب على غزة ودعم حل الدولتين