23 - 05 - 2025

عجايب غراب أبيض | يكفي مدتان والقدوة المحترمة

عجايب غراب أبيض | يكفي مدتان والقدوة المحترمة

بعد نحو 10 سنوات، اختفت من نادي الزمالك بحي المهندسين مئات الصور التمجيدية العملاقة المنافقة لرئيس النادي المعزول بحكم قضائي. وكانت عدوانا قبيحا على اسم النادي ومكانته وعمارته وفضائه وكرامة أعضائه وجمهوره، وأيضا على العقل والعصر والضمير. بل وأحرق أعضاء بالنادي هذه "البانرات" الصلبة العملاقة. وهكذا فكل عبادة فرد وشخصنة لسلطة إلى زوال، ومهما تجبرت وطالت بها السنوات. 

وبالمقابل يحضرهذه الأيام من الذاكرة سلوك ومواقف حرة محترمة وطنية لمصريين لم يغرهم لا نجاح ولا سلطة بالاستمساك بمقعد رفيع. ويحق للأجيال المتعاقبة أن تعلم بها، وبتاريخ نضال المصريين الطويل من أجل التقدم والحريات والتداول الديمقراطي على السلطة. واليوم نستدعي من صفحات هذا التاريخ امتناع القاضي الجليل المحترم "زكريا عبد العزيز" عن الترشح للمرة الثالثة لرئاسة نادي قضاة مصر مع أن لائحة النادي تسمح.  وهذا بعدما قدم ومجلس النادي لأعضائه على مدى دورتين خدمات غير مسبوقة، ومنحهم اعتبارا مقدرا من سلطات الدولة، ومكانة عالية واحتراما بين مواطنيهم، و بشهادة تقاريرالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لقياس الرأي العام، وهو مؤسسة تتبع وزيرة بالحكومة (الشئون الاجتماعية وقتها). 

ويوثق عدد أكتوبر و ديسمبر 2008 /يناير 2009 من"مجلة القضاة" الصادرة عن النادي هذا الموقف حين نشر بيان المستشار "عبد العزيز" بتاريخ 25 نوفمبر 2008. وجاء به نصا: "الصدارة ينبغي أن تكون للأفكار لا للأشخاص، وصالح أي جماعة هي في أن تجدد دماءها، وضمان حيويتها يكون بتأقيت مدد البقاء في المناصب المؤثرة على قرار الجماعة بالوهن و السلبية والاتكالية مما يؤدي للجمود. لهذا كان اقتراحي بألا تزيد مدة رئاسة النادي عن دورتين. وها أنذا أبدأ بنفسي، واستأذن في تسليم الراية لمن ترونه أهلا لحملها، تاركا هذا الموقع العزيز على نفسي. وسأظل إلي يوم الدين أعتز بأنني نلت ثقة زملائي دورتين كاملتين مع زملائي بالمجلس.. وعذري إليهم قصور جهدي أن الكمال لله وحده.. وأعاهد الله أن أبقى فردا ضمن الكتيبة المجاهدة في سبيل استقلال القضاء ورجاله وفي الدفاع عن الحق والعدل، فشرف الجندي في الدفاع عن الحق والعدل قد يجاوز شرف بعض القادة".

في استدعاء مثل هذه المواقف المحترمة ما ينسف الإدعاءت بأن "كله ذي بعضه .. واللي بيجلس على الكرسي بيتغير". ومهما طال الليل،وتشابه البشرعلينا، وضاع منا الطريق، لن يصح إلا الصحيح. ولامكان في المستقبل إلا للديمقراطية وإعلاء الشعب والمبادئ والمؤسسية على الأشخاص، سواء في نادي رياضي أو للقضاة أو بقمة هرم السلطة.. ومدتان وكفى. 

وعجايب!
----------------------------
بقلم: كارم يحيى

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | ظاهرة الكراسي المقلوبة