25 - 05 - 2025

دعاوى الحرية وقبول اختلاف مجتمع الميم والفناء

دعاوى الحرية وقبول اختلاف مجتمع الميم والفناء

قالت لي السيدة الأمريكية أنها منزعجة لأن ابني (١٤ سنة) لديه فكر رافض للآخر المختلف عنه، وأنه أظهر فكره هذا في حديثه مع ابنها زميله في المدرسة (في الصف الثاني الإعدادي) وأن هذا يمس أحد أفراد عائلتها وأحد أصدقاء زوجها المقربين، وأنها تتفهم أن ثقافتنا الإسلامية ترفض هذا النوع من الإختلاف، لكنها لا تقبل التعبير عنه فيجب على الجميع احترام الجميع.

سألتها: أنت قلت لي أنك كاثوليكية، فهل تقبل المسيحية هذا؟ 

قالت: أمي كانت كاثوليكية وأبي إنجيلي، وأنا لم أنحز لأي منهما ولا أذهب للكنيسة، لكني لا أمانع أن يذهب ابني إن أراد.

قلت: هل تقبلين أن يذهب ابنك إلى هذا الاختلاف الذي تتحدثين عنه؟ 

قالت: نعم، المهم أن يكون ابني سعيدا

قلت: هل تقبلين أن يلعب ابنك طوال الوقت ولا يهتم بدراسته وأن يترك مدرسته؟

قالت: لا، هكذا سيضيع مستقبله، هو لديه خطة لدراسة الكمبيوتر والتخصص فيه، وهو يقضي أوقاتا منتظمة في القراءة والرياضة ليكون سليما بدنيا.

قلت: رائع جدا وأنا معجبة جدا بهذا، لكن ماذا عن مستقبله العائلي، ألا تتوقعين أن يكون لدى ابنك أسرة، زوجة وأبناء، وتصبح لديك عائلة أكبر؟ 

قالت: لم نفكر في هذا، فإبني يحب السفر وأنا أعمل على أن يكون مستقلا قادرا على خوض الحياة. 

قلت: وهل ستعيشين له أبد الدهر، أم سيجد نفسه يوما ما بمفرده في هذه الحياة؟ كيف تحبين ابنك ولا تفكرين في مستقبله.. ألم تجدك امك إلى جوارها عندما مرضت؟ ماذا عن ابنك عندما يمتد به العمر؟ من سيكون بجواره إن هو أخذ هذا الطريق الآخر، المختلف مع طبيعة البشر التي خلقها الله، بالتأكيد لن يكون له أبناء ولن يجد أحدا إلى جواره عندما يتقدم به العمر.

قالت: ابن أختي أصبح كذلك رغما عنه وهو في التاسعة عشرة، وهو أمر طبيعي لدى البعض يكتشفه في وقت معين.

قلت: لا ، ليس أمرا طبيعيا، إنما هو خروج عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والسبب ببساطة هو أن أختك لم تتعب نفسها وتغرس في ابنها أفكارا عن الله ، الدين ، والأسرة..  مثلك تماما حين اعتقدت أن سعادته في أن يفعل ما يشاء، المهم أن يكون سعيدا، لكن أي سعادة تلك التي تجلب التعاسة والشقاء في الكبر وعند الله. أنت حرة فيما تعتقدين، لكني أرى أن وجود الله في حياتنا يجلب لنا التوازن والصحة النفسية.. وكما تقبلين بالمختلف في هذا الاتجاه، عليك أيضا أن تقبلي باختلافنا معكم ورفضنا التعامل مع هؤلاء المخالفين.

ثم سألتها: لماذا تحبين الأطفال وتحبين حفيدة جارتك، ويحبها ابنك (كانت قد أرتني صورا لحفيدة جارتها وهم فرحين بها يلعبون معها) .. وكيف لا توجهين ابنك ليكون في مستقبله رجلا له أسرة كأبيه؟

اغرسي في ابنك المبادئ الانسانية السليمة التي جاءت في الأديان، كل الأديان تريد الخير للإنسان، فالله الذي خلقنا لا يحتاج شيئا منا ونحن لا نفعل شيئا يفيده عز وجل، إنما أرسل لنا الأديان لنعرف أنه موجود ونتبع أوامره لنكون جميعا بخير..

هذا "المختلف" لا يضرنا في شئ، لكننا نغضب لانه أفسد حياته وحياة غيره ببث أفكاره الشاذة، نتألم لأننا نرى هذا الاختلاف يقود أصحابه إلى ما يشبه الانتحار الجماعي ويخرج البشرية عما أراده الله لها..

سألتني: هل كل المصريين لديهم نفس أفكاركم ومعتقداتكم؟ 

قلت: نحن في مصر مسلمين ومسيحيين لدينا نفس المعتقدات، نختلف فقط في أن المسلم يصلي بطريقته الخاصة في المسجد والمسيحي يصلي بطريقته الخاصة في الكنيسة، لكننا جميعا لا نقبل هذا الاختلاف الذي تقبلونه، فنحن شعب يؤمن بأن الخالق الواحد لهذا الكون وضع قوانين معينة لابد أن نتبعها ولا نخرج عليها والأسرة لدينا كيان مقدس ونربي أبناءنا على نفس المبادئ. 

هذا المختلف الذي تتحدثين عنه يتحدى الطبيعة ويتحدى ما أمر به الله، و إذا كان من يصنع آلة يعطى "منوالا أو كتالوجا" لكيفية استخدام هذه الآلة وكيفية إصلاح أعطالها، فإن من صنع الإنسان وضع له "منوالا" للحياة السليمة فيه صلاحه وسلامته، والخروج عن هذا "المنوال" أو القانون يفسد الانسانية. 

احلمي مع ابنك بأن تكون لديكم عائلة كبيرة وأن يمتلئ بيتكم بزوجة ابنك وبأحفاد يسعدونك و يسعدون ابنك في كبره..

وانتهى حديثي معها وأنا افكر كيف يعمل هؤلاء على فناء أنفسهم وهم يبحثون عن وهم السعادة.
---------------------------------
بقلم: إلهام عبد العال 

مقالات اخرى للكاتب

حقيقة الورطة الأمريكية والاقتصاد العالمي | ترامب ومليارات العرب