25 - 05 - 2025

التاريخ هو الأعمال لا الأسماء

التاريخ هو الأعمال لا الأسماء

يحدثنا ويؤكد ذلك التاريخ المصرى القديم (الفرعونى) أن كل حاكم يأتى، يحاول أن يمحو اسم الحاكم السابق عليه، بشطب اسمه من على الجدران والمعابد حينذاك، متصورا أن هذا هو نوع من التمجيد الذاتى له !! مع العلم أن التاريخ الذى لاينسى ولا يغالط، طوال الوقت اثبت ذلك وقاله لنا . وهنا اعتقد (والعلم عند الله) أن ذلك السلوك كان ناتجا عن تلك الجينات الفرعونية، التى كانت تمجد وتقدس وتؤله الحاكم حينذاك . وهذا  التمجيد وذلك التقديس ليس من عنديات ذلك الحاكم بقدر أنها نتاج ذلك الموروث  الذى يصبح جزءا من تكوين الشخصية. 

فبدلا من نصيحة الحاكم وهذا واجبهم، يتفننون فى مجاملته حتى ولو على حسابه الشخصى وحساب حكمه . (قيل أنهم كانوا لا يخطرون مبارك بالأخبار المزعجة حتى لايتعكر مزاجه!!! . وكان السادات مالوش تقالة على قراءة التقارير مثل ناصر فكانوا هم التقارير مقاسا على مزاجه النفسى ! ) .

وعلى ذلك ومنذ تولى السادات الحكم وجدنا من كان يطلق على ناصر "المعلم" وينحنى أمام تمثاله فى مجلس الشعب ،يقول قولته الشهيرة (إننى اسير على خطى عبد الناصر .)  ( ولكن باستيكة) . وتم تجنيد المطبلاتية لمحو اسم عبد الناصر ومنذ البداية . وتغيير اسم ناصر باسم اخر مثل (بحيرة ناصر واستاد ناصر ...الخ) بل وصل الأمر لاتهام عبد الناصر فى ذمته المالية! وهنا لو كانت هذه حقائق فهذا حق .. ولكن الحقيقة كانت غير ذلك، والدليل أن هذه السياسة وذلك السلوك كان ولا يزال قائما عند الذين لهم مواقف سياسية مع عبد الناصر بعد وفاته باكثر من نصف قرن . وهذه الايام خرج علينا من يطالب بتغيير اسم ناصر من شركة مدينة نصر الى شركة مدينة مصر! وأكاديمية ناصر العسكرية !!! ولا نعلم البديل لمسمى ناصر . 

هنا لنا أن نناق : اولا - هل ناصر مقدس لاينتقد ؟ ثانيا: لماذا نرفض ذلك الأسلوب وتلك السياسات ؟ 

اولا : لا ناصر ولا غير ناصر معصوم من الخطأ . فالجميع بشر غير مقدس يخطئ ويصيب، وغير ذلك تفكير أسطورى وخرافى لاعلاقة له بأى أنظمة حكم حتى وإن كان هذا حادثا على مدى التاريخ وفى كل الدول. ولذلك كان هناك مشروع قانون بعد ٣٠ يونيو يجرم الإساءة للرموز السياسية والعامة . وكنت وفى أكثر من حديث تلفزيوني ضد هذا المشروع . حيث أن هذا سيكون حجرا على الفكر ووصاية على الرأى . وطالبت كناصرى أن يتم تقييم ناصر سلبا وايجابا، لانه اولا واخيرا بشر يخطئ ويصيب . فلا عبادة لشخص ولاتقديس لغير المقدس (فالانبياء اخطأوا واصابوا) . ثانيا : لماذا عبد الناصر ؟ هنا نتحدث عن المبدأ لا الشخص . فلو سرنا بنفس الطريقة فلا تاريخ ولا حقائق، ولكن ستكون الأمور كلها فى اطار الحكم العاطفى حسب المصلحة الخاصة والذاتية . وهذا لا ولن يكون فى مصلحة الوطن ولا الحاكم ولا الشعب . (كنت معارضا لمبارك وعند ذكر القذافى له بما لايليق واجهته باعتبار أنه رئيس لمصر وهذا لا أقبله، فمعارضتى هى حق دستورى لى فى مصر وليس خارجها .)

كما أن عبد الناصر لا ولن يسقط من التاريخ شخصا وشخصية ومواقف ومبادئ . لأن التاريخ سيصل إلى الصدق ولو بعد حين . فهل استطاع السادات أن ينسى الناس التاريخ، وتنسى الجماهير المصرية والعربية والافريقية والعالمثالثية انجازات ومواقف عبد الناصر؟ بالطبع لا . إذن هى قضية لا محل لها من الإعراب . لا وقتها ولا مكانها . خاصة نحن فى ظروف قاسية وصعبة وغير مسبوقة يمر بها الوطن . فهل من مصلحة الوطن والحكم والجماهير أن نخترع قضية وهمية حتى نحدث خلافا بين المصرى والمصرى؟ طبعا هناك قطاع ناصرى أى مع مواقف ومبادئ ناصر وليس مع الرجل كشخص (عليه رحمة الله) . سيستفزون فى مقابل من هم ضد مبادئ عبد الناصر التى ستظل خالدة، لأنها ليس مبادئ شخص ولكنها تجسيد للوطنية المصرية طوال تاريخها كما قال جمال حمدان . فلمصلحة من هذا؟ وماذا تريدون ؟ مصر هى الوطن الغالى والباقى . نختلف وهذا طبيعى ولكن كلنا مصر خاصة فى ظل تلك التحديات التى تحتاج الجميع. فهل يمكن محاصرة مثل هذه الدعاوى التى تصب فى غير صالح الوطن بعيدا عن الأشخاص ؟ حمى الله مصر الباقية وشعبها العظيم الباقى .

----------------------------

بقلم : جمال اسعد

مقالات اخرى للكاتب

حفل تتويج ابن سلمان