18 - 06 - 2024

عزيزي المتدين بطبعه.. "عباس" بطل حقيقي مش من ورق

عزيزي المتدين بطبعه..

وأنا في مرحلة الطفولة كنت أحب مشاهدة فيلم (بطل من ورق) للممثل الراحل ممدوح عبد العليم، وعندما كبرت كنت أسأل نفسي من الذي يستحق لقب بطل من ورق؟ جميعنا تربى على أن أي رجل شرقي يريد فرض سيطرته على الطرف الثاني؛ شريكه الأنثوي؛ هذا الكائن الرقيق (اللي وبصراحة مطلع عنينا من ساعة ما اتولدنا).

وفي أي موقف به رجل وامرأة تجد الرجل يريد فرض سيطرته، وهذه طبائع الأمور؛ قد يبدو الأمر منطقيا ومقبولا بعض الشيء، خاصة لو كان في حدود العقل والمنطق والتفاهم والنقاش والذوق والاحترام والرأي والرأي الآخر،  ولكنه بالطبع ليس مقبولا لو كان بالخناق والجبر والعنف.

فما بالك لو كان النقاش بدون حجة، وبلامنطق؛ تحكمه العافية والعصبية، ويغلفه الجهل والعناد، ويكون الكلام فيه على شاكله ( أنا حر .. هو كده .. أنا الراجل ..إلخ) وكل هذا كوم، وجملة (ربنا قال كده) كوم آخر. تلك الجملة الأثيرة الخالدة القادرة على إنهاء أي نقاش من قبل أن يبدأ.

فتلك الكلمة مسحت بها الأرض، وألصقت بها كل الأهواء والموبيقات الفكرية؛ فهذه الجملة عندما تجدها على لسان أحدهم اعلم أن هذا الإنسان بطل من ورق.

وهذا البطل من ورق؛ بكل تكوينه وتركيبته الفكرية، الذي يرى المرأة للفراش أو مكانها المنزل أو أنها غير قادرة على العمل إلى آخر هذا الكلام؛ هو الذي يهاجم محمد عباس زوج البطلة المصرية بسنت حميدة. هذا هو مربط الفرس، ودعك من أي أسباب أخرى

فالحقيقة اننا أمام رجل تعود ان يكون الأمر الناهي، وتعود أن يكون الأعلم، والأفهم، والأقوى، والأجدر، والأنثى كائن تابع.

هكذا تعلم، وهكذا افهموه أن هذا هو الدين، وبالتالي عندما يصطدم بنموذج مغاير له يتحول إلى عدو لأن الإنسان عدو ما يجهل، والمتدين بطبعه يجهل أي تفسيرات مختلفة عن التفسيرات التي يسمعها، ويجهل أي أفكار مختلفة عن الأفكار التي يسمعها.

وبالتالي سنجده يصرخ ويدبدب؛ كالطفل الذي انتزعنا من بين يديه لعبته، ويبدأ في السب والقذف، والحسبنة؛ ليثبت لنفسه أنه على صواب؛ ليضمن بقاءه مع القطيع، ولكنه في حقيقة الأمر بطل هش غير واثق من نفسه يرى في المرأة كائنا عديم النفع مسبب للمشاكل مكانه المنزل لأنها مهما حاولت ستظل عبئا من أعباء الحياة.

بالطبع ليست الأمور بهذه النظرة الساذجة التافهة المغلوطة، ففي عبقرية مصرية تخرج بسنت حميدة من قمقمها لتضرب كل الثوابت الفكرية العفنة في مقتل؛ تخرج علينا وتحرز الميداليات واحدة تلو الأخرى، ويهيج المتدين بطبعه، وترد النسويات، والتنويريين.

مبارة عبقرية أدارها بكفاءة محمد عباس البطل الحقيقي في قصة بسنت حميدة ذلك الرجل الذي لولا ثقته من نفسه، ولولا تشجيعه وتدريبه لزوجته لما كنت اكتب هذه السطور الآن.

ومع كل هجمة فكرية قبيحة يطل علينا "عباس" عبر شاشات الإعلام ليقول لنا بهدوء شديد أنا المدرب؛ بمعنى آخر أنا لست مغلوبا على أمري أو مجبرا أو اهادن زوجتي (اللي ابتلاني بيها ربنا) بالعكس تحدث "عباس" عن زوجته بحب وبفخر .. لينطبق عليه قول إبراهيم ناجي في قصيدة الأطلال "واثق الخطوة يمشي ملكا".

مواقف وكلمات محمد عباس لطمت كل نطع على وجهه. لطمهم بدماثة خلقه، وبتدينه؛ فالزوجة التي نهشها الجميع اضطرت أن تتحدث عن طقوسها الدينية.

لك أن تتخيل عزيزي القاريء إلى أي مستوى فكري متدن وصلنا.

فالصلاة تلك العلاقة المقدسة بين العبد وربه لابد أن تكون جواز سفرك لتضمن رضا المجتمع.

بسنت حميدة أغنية مصرية جهينية تغنت بها منذ سنوات سندريلا الشاشة المصرية سعاد حسني؛ وثبت أن صلاح جاهين كان عنده حق عندما كتب البنت زي الواد ماهيش كمالة عدد.
----------------------------------
بقلم: مينا ناصف

مقالات اخرى للكاتب

نحن أمام





اعلان